التحدي الأكبر أمام “إسرائيل” في 2020

 

مع بداية كل عام، تصدر الأوساط الرسمية ومراكز الأبحاث والدراسات الإسرائيلية تقديراتها للتحديات التي تواجهها خلال العام، ولعل أبرز ما يطرح هو تقرير شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، وهي الجهة المسؤولة أمام الجهات العليا في دولة العدو عن تقدير الموقف وتقديم التصورات للواقع العسكري والتهديدات المحيطة بها.

كما يعتبر التقدير الاستراتيجي لـ”إسرائيل” 2019 حتى 2020 الصادر عن معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، الذي يديره عاموس يدلين قائد الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية سابقاً، من أهم التقديرات التي تصدر عن الجهات البحثية الإسرائيلية القريبة من صناعة القرار في المؤسسة الرسمية الإسرائيلية.

التقريران أجمعا على أن التحدي الأمني والعسكري الأساسي لـ”إسرائيل” في المرحلة المقبلة يتمثل في الجمهورية الإسلامية في إيران، ولاسيما على صعيد الملف النووي؛ حيث ترى التقديرات الإسرائيلية أن طهران قادرة على الوصول إلى تصنيع قنبلة نووية ورؤوس حربية خلال عامين، إذا أرادت هي ذلك وقررت التخلي عن كل التزامات الاتفاق النووي الموقّع عام 2015 والذي انسحبت منه الولايات المتحدة.

التقديرات تؤكد أن قوة القدس والحرس الثوري الإيراني سيعملان على مواصلة تمركزهما في سوريا والعمل في جبهة الجولان، وتعتبر الأوساط الاستخبارية اغتيال القائد قاسم سليماني فرصةً لإخراج إيران من سوريا، عبر مواصلة استهداف القواعد العسكرية والمصالح الحيوية واللوجستية في سوريا.

مواصلة حزب الله سعيه للحصول على صواريخ دقيقة كاسرة للتوازن في أي مواجهة مع العدو، تحدٍّ للعمق الصهيوني وتهديد حقيقي، تتزايد فرصة المواجهة الواسعة معه خلال العام الجاري، على إثر عدم صمت إيران وحزب الله على استهدافهما في سوريا، وإمكانية الرد التي تتدحرج لمواجهة واسعة، وتزايد حضور السيد حسن نصرالله الأمين العامّ لحزب الله في المنطقة بعد اغتيال سليماني لما يتمتع به من كاريزما قيادية.

أما على صعيد فلسطين، فتمثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصائل المقاومة تهديداً لاستقرار الجبهة الجنوبية أمام الكيان الإسرائيلي، وهي أكثر الجبهات سخونة، لما يتعرض له قطاع غزة من حصار متواصل منذ ما يقارب الـ15 عاماً، وإمكانية اشتعال هذه الجبهة في أي لحظة، وهو احتمال غير مستبعد مع سعي الجميع للوصول لتفاهمات مرحلية، إلا أن ذلك لا يشكل عائقاً أمام تطوير المقاومة الفلسطينية من قدراتها العسكرية.

لا تستبعد التقديرات الإسرائيلية تزايد نشاط الجيش الإسرائيلي في استهداف قوى المقاومة في العراق، على غرار استهداف قوات الحشد الشعبي في الأشهر الأخيرة، فـ”إسرائيل” تُقدِّر أن إيران تستثمر في قوات المقاومة العراقية واليمنية لبناء قواعد لوجستية.

لا تختلف التقديرات الإسرائيلية بصورة جوهرية عن سابقاتها، ولاسيما خلال العامين الماضيين، باستثناء إدراج تقرير الاستخبارات العسكرية السياسة التركية المتزمتة في منطقة المتوسط، كواحد من المخاطر الأمنية التي تستهدف “إسرائيل” خلال العام الحالي، نتيجة توقيع اتفاق مع ليبيا يضر باليونان حليفة الكيان الصهيوني.

بالرغم من نجاح “إسرائيل” على مدار الأعوام السابقة في بناء علاقات مع دول عربية ضمن مشروعها التطبيعي وتحديداً مع بعض الدول الخليجية، واستقرار علاقاتها مع الدول التي تجمعها بها معاهدات سلام، إضافةً إلى متانة علاقتها بالولايات المتحدة عبر الدعم اللامحدود من قبل الرئيس دونالد ترامب، هي لا تشعر بالحصانة أو الحماية في ظل ما تعانيه من محاصرة جبهات القتال.

لقد نجحت قوى المقاومة في المنطقة في مواصلة مراكمة قوتها بمواجهة العدو الإسرائيلي، وحصارها عبر تزايد قواتها وقدراتها القتالية والاستخبارية المتطورة على مدار السنوات الماضية؛ ومع تزايد نشاط المقاومة في سوريا، وبناء قواعد عسكرية في العراق واليمن، لم يعد التهديد الأمني الإسرائيلي يقتصر على جبهتين في الشمال مع حزب الله أو الجنوب مع حماس، بل توسعت حيث يضاف إليها الجبهة الساكنة تحت الرماد في الضفة الغربية.

لا توجد أي مقارنة اليوم بين المشاريع المتعددة في المنطقة الملتهبة، إلا أن مشروع مقاومة “إسرائيل” هو المشروع الصاعد والقادر على تحقيق ومراكمة النجاحات، في ظل فشل مشاريع التطبيع في تحقيق اختراق حقيقي في الجمهور العربي، وإن كان صيتها الإعلامي مرتفعاً.

الميادين نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى