
مع انتهاء حكم البعث في سوريا تكون البلاد قد دخلت مرحلة جديدة لم تعرفها منذ أكثر من نصف قرن، مرحلة تتمثل بانتهاء حكم الحزب الواحد واستئثار الفرد والعائلة، بعيداً عن الطائفة وشيطنتها، بالحكم مع ما يفرزه هذا النموذج من قمع وتفرّد بالقرار السياسي وخنق للحريّات الحقيقيّة.
هذا الانسداد السياسي أدّى لاحقاً إلى قيام معارضة خفيّة ما لبثت أن تحوّلت إلى معارضة مسلّحة، نتيجة قتل أيّ محاولة لإنضاج معارضة سلميّة، كما كان الحال مع تجربة ربيع دمشق التي بدأت بعد وفاة الرئيس الأسبق حافظ الأسد، وتسليم وريثه الحكم في تموز 2000م.
حينها ارتفعت أصوات كثيرة تطالب بإصلاحاتٍ لم تلقَ آذاناً صاغية، رغم مشاركة المثقّفين والكتّاب فيها، ومن أبرزهم أنطون مقدسي الذي وجّه رسالةً للأسد الابن نشرتها صحيفة الحياة، معبّرًا فيها عن أملٍ بانتقالٍ تدريجيّ إلى دولة القانون.
لكن ربيع دمشق أُجهض خلال أشهر قليلة، وبدأت مرحلة جديدة هدفها خلخلة النظام القائم، وانتهت تلك المرحلة الطويلة من التضحيات بعد أربعة عشر عاماً، بإسقاط نظام الحزب الواحد والعائلة المتفرّدة فجر الثامن من كانون الأول 2024م.
وهكذا.. كان سقوط حكم الحزب الواحد بدايةً لمرحلةٍ جديدة تتطلّب الوعي العميق بمعنى التحوّل، والإصرار على بناء نظام ديمقراطيّ يُعبّر عن تطلّعات السوريّين جميعًا، ويُكرّس دولة المواطنة والقانون بعد عقودٍ من التفرّد والإقصاء.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة