التضخم السنوي يواصل الارتفاع مثقلا كاهل المصريين بزيادة الأسعار

البنك المركزي المصري يطمح إلى خفض التضخم إلى 7 بالمئة بحلول نهاية 2026 لكن المعدل الحالي يجعل هذا الهدف بعيد المنال.
أظهرت بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر الخميس أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن ارتفع إلى 13.6 بالمئة في مارس/آذار مقابل 12.8 بالمئة في فبراير/ شباط متجاوزا توقعات المحللين، ومثقلا كاهل المواطنين الذين ينتظرون انفراجة لتحسن أوضاعهم المعيشية.
وأشار متوسط توقعات المحللين في استطلاع أجرته رويترز إلى أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن سينخفض إلى 12.6 بالمئة في مارس/آذار.
وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار 1.6 بالمئة في مارس/آذار مقارنة بشهر فبراير/شباط. وارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات 3.5 بالمئة في الشهر الماضي.
وعلى أساس سنوي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات 6.6 بالمئة مقارنة بنحو 3.7 بالمئة في فبراير/شباط.
ويُعزز الجنيه الضعيف تنافسية الصادرات، لكنه يُثقل كاهل المواطنين بارتفاع تكاليف الواردات، وهي ضربة موجعة لدولة يعيش نحو ثلث سكانها البالغ عددهم 110 ملايين نسمة تحت خط الفقر، بحسب تقديرات البنك الدولي للعام 2023.
ويطمح البنك المركزي إلى خفض التضخم إلى 7 بالمئة بحلول نهاية 2026 لكن المعدل الحالي يجعل هذا الهدف بعيد المنال. كما تُفاقم اضطرابات البحر الأحمر، التي قلصت إيرادات قناة السويس 40 بالمئة في 2024 من ضيق الخيارات لدعم العملة.
وانخفض معدل التضخم السنوي في المدن إلى 12.8 بالمئة في فبراير/شباط من 24 بالمئة في يناير/كانون الثاني، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تأثير سنة الأساس، إذ لم تعد الزيادات السريعة الاستثنائية في الأسعار خلال العامين الماضيين تنعكس في الإحصاءات، وفقا للمحللين.
لكن هذا التحسن يبدو هشاً، ما يبقي السؤال المحوري قائماً: كيف يمكن للحكومة إنعاش اقتصاد يعاني الركود دون إعادة إشعال الضغوط التضخمية.
ويحتفظ البنك المركزي المصري بأسعار فائدة مرتفعة عند 27.25 بالمئة للودائع و28.25 بالمئة للإقراض، وهي مستويات ثابتة منذ قراره في 20 فبراير/شباط 2025، وفق الموقع الرسمي للبنك.
ويعكس هذا الموقف الحذر واقع الجنيه المصري، الذي يتداول حالياً عند 52.65 مقابل الدولار الأميركي، بعد تراجع مزمن تفاقم، في مارس 2024، عندما أُطلق للتعويم، وانخفض بنسبة كبيرة
وبدأ التضخم في الارتفاع بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 مما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق المال المصرية. ولجأت الحكومة المصرية إلى طباعة الجنيه للمساعدة في سد عجز الموازنة.
وبلغ معدل التضخم في المدن أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 بالمئة في سبتمبر/أيلول 2023.
وتظهر بيانات البنك المركزي المصري أن المعروض النقدي (ن2) مستمر في الارتفاع، ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 33.9 بالمئة بنهاية فبراير/شباط على أساس سنوي.
وفي مارس/آذار من العام الماضي، خفضت مصر قيمة الجنيه ورفعت أسعار الفائدة 600 نقطة أساس ووقعت على حزمة دعم مالي بقيمة ثمانية مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي مما ساهم في إعادة وضع ماليتها لنطاق السيطرة.
وكان الهدف تعزيز الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية، لكن النتيجة كانت ارتفاعاً حاداً في أسعار الواردات مثل القمح والوقود، ما غذى التضخم.
ويُضاعف الاتفاق مع البنك الدولي من الضغوط على المواطنين، حيث تشمل الشروط اعتماد سعر صرف مرن، وتقليص الدعم على الوقود والخبز، وتسريع برنامج الخصخصة لبيع الشركات الحكومية.
وتهدف هذه الإجراءات إلى إعادة تنشيط اقتصاد متعثر، لكنها تحمل تبعات قاسية. فقد يُثير تقليص الدعم احتجاجات شعبية في بلد يعاني ارتفاع معدلات الفقر، بينما قد تؤدي الخصخصة، مثل بيع حصص في البنوك أو المصانع، إلى تسريح العمالة، ما يُعمق القلق الاجتماعي في ظل ظروف اقتصادية هشة.
وأعلن مجلس الوزراء المصري الأربعاء أن صندوق مصر السيادي سيطرح حصصا في شركات مملوكة للجيش، وذلك في إطار سعيه لتلبية متطلبات صندوق النقد الدولي لتوسيع دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
وأضاف المجلس أن صندوق مصر السيادي سيسعى لبيع حصص في الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية) وشل أوت وشركة المياه (صافي) وشركة سايلو فودز للصناعات الغذائية والشركة الوطنية لإنشاء وتنمية وإدارة الطرق خلال العامين الحالي والمقبل.
ولم يحدد المجلس أحجام الحصص التي ستعرض للبيع، وهو ما قال إنه سيأتي عقب إعادة هيكلة للشركات من جانب صندوق مصر السيادي البالغ حجمه 12 مليار دولار.
وذكر مجلس الوزراء أن شركتي الخدمات المالية المجموعة المالية هيرميس القابضة (إي.اف.جي هيرميس) وشركة سي.آي كابيتال ستقومان بترويج الاكتتاب وتغطيته.
وشهدت عشرات الشركات التابعة للجيش حالة من الازدهار منذ أن تولي عبد الفتاح السيسي، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع، رئاسة البلاد في 2014 بعد نحو عام من الإطاحة بالرئيس السابق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي.
وأثار هذا مخاوف لدى رجال الأعمال المحليين والمستثمرين الأجانب من احتمالات أن تكون المنافسة غير عادلة. وتقول الحكومة إن هناك تكافؤا في الفرص للشركات الخاصة، وإن الشركات المدعومة من الجيش تسد فجوات في السوق.
واشترط صندوق النقد الدولي زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد لمنح مصر قرضا زاد حجمه إلى ثمانية مليارات دولار.
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي إن صندوق الثروة السيادي سيطرح في يوليو/تموز المقبل عددا من المباني الحكومية القديمة في منطقة وسط القاهرة للمستثمرين لتطويرها بالتعاون مع الحكومة.
وكان الصندوق قد بدأ في العام الماضي إعداد خطة لتجديد المركز التاريخي للقاهرة بعد انتقال وزارات الحكومة إلى عاصمة إدارية جديدة إلى الشرق.
ميدل إيست أونلاين