لم تفاجأ سوريا بتوجه تركيا إلى واشنطن عبر وزير خارجيتها قبل اللقاء المرتقب مع وزير الخارجية السوري. كما أن مناورات حكومة أردوغان بين القوى المتصارعة لم تكن غريبة على السوريين. وكان طبيعيا تصريح الرئيس الأسد بأن أي تقارب مع تركيا يجب أن ينطلق من (إنهاء الاحتلال ومحاربة الإرهاب) وكأن دمشق تحمل الوزير التركي الاصرار السوري ليبلغه إلى نفسه ورئيسه قبل أن يطرحه كناظم لحواره مع بلينكن وإدارة بايدن حول سورية.
بينما تؤكد أنقرة ارتباطها بالناتو ممثلة بإدارة بايدن، تعلن دمشق تمسكها بسيادتها واستقلالية قرارها وتعمق تفاعلها مع حلفائها روسيا عبر زيارة لافرنتيف وإيران بما شكلته زيارة وزير خارجيتها إلى دمشق، ورسالة سورية واضحة ليناور أردوغان بين القوى الدولية المتصارعة كما يريد. فإذا كان محشوراً أمام شعبه وهو يقدم على انتخابات يخشى نتيجتها، فإن سوريا تواجه المناورة التركية بتأكيد وضوح مطالبها وهي السيادة التامة على الأرض والشعب والمؤسسات والثروات. وهذه مطالب لا تتأثر برأي دمشق بأي شطارة أو تذاكي أو مناورات أردوغان بل هي واضحة متماسكة، و حسب دمشق ليناور أردوغان ما طاب له من المناورات مع سوريا فالمطلب واضح وساطع.
وتجاه مناورات أردوغان فإن دمشق لا تضيع فرصة أي حوار أو حل سياسي تقترحه وتضمنه حليفتها روسيا. كما أنها لا تنغلق أمام آفاق فعالياتها، وكما تمتن تعاونها مع الحلفاء إيران وروسيا فإنها متمسكه بعروبتها وانتمائها إلى الأمة العربية باعتبارها قلب العروبة النابض وتنفتح على التعاون مع الدول العربية متجاوزة آلام السنوات الماضية، كما جاء أثناء زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق التي تنتظر من الأشقاء المبادرة في التعاون معها ولو عبر إستراتيجية (التعافي المبكر) الذي يشمل الكهرباء والماء والمحروقات والتي نصت عليها قرارات الأمم المتحدة ولا تعطلها العقوبات الأميركية، خاصة وأن الشعب السوري محاصر في عيشه ولقمته و دفئه والمسروقة ثرواته من قبل عملاء ومحتلين. فهل يبادر العرب إلى ما يلبي واجبات (صلة الرحم) مع الشعب السوري.
روسيا تسعى إلى تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا، وإيران ترحب بهذا التطبيع وتسعى لاتفاق استراتيجي يطور تعاونها مع دمشق. والإمارات تمثل العرب في فتح الأبواب بين دولهم وسوريا ..الكل يسعى إلى سوريا، والسوريون يعانون الحصار الخانق والمجرم والمجنون….