التلفزيون الاسرائيلي: رسالة تحذير سوريّة شديدة اللهجة لإسرائيل

تقوم السياسة الإسرائيليّة في سوريّة على عاملين أساسيين كاذبين: الأوّل، أنّها لا تتدّخل في الشأن السوريّ، ولكنّها تتجاهل عن سبق الإصرار والترصّد علاقاتها مع فصائل من المُعارضة المُسلحّة، وقيامها بعلاج آلاف الجرحى من المُقاتلين في مستشفياتها، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الهجمات التي قامت بها في عمق الأراضي السوريّة بذريعة قصف شحنات الأسلحة لحزب الله، كانت أيضًا لرفع معنويات المُعارضة المُسلحّة لتُواصل القتال ضدّ الجيش العربيّ السوريّ والحلفاء.

والثاني، نفيها القاطع لرهانها المُستميت على إسقاط الرئيس د. بشّار الأسد، علمًا أنّ رئيس الحكومة ووزير الأمن الأسبق، إيهود باراك، كان قد صرحّ في نهاية العام 2012 أنّ أيّام الأسد في السلطة باتت معدودةً. أمّا رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة السابق، الجنرال في الاحتياط عاموس يدلين، كان صريحًا، وربمّا جريئًا إلى أبعد الحدود، عندما قال، بدون لفٍ أوْ دورانٍ، إنّ التخلّص من الرئيس الأسد هو مصلحة إستراتيجيّة إسرائيليّة.

الآن بعد أنْ وصلت تل أبيب إلى قناعةٍ بأنّ الأسد باقٍ في السلطة، وبأنّ تقسيم هذا البلد العربيّ بات من شبه المُستحيلات، قالت القناة الثانيّة في التلفزيون العبريّ، نقلاً عن مصادر لم تُفصح النقاب عنها، إنّ سوريّة، قامت بواسطة روسيا، بإيصال رسالةٍ شديدة اللهجة لإسرائيل، مفادها أنّه في حال قيام الأخيرة بهجومٍ داخل العمق السوريّ، فإنّ دمشق ستردّ وبعنفٍ على هذا الاعتداء. ولفت التلفزيون العبريّ إلى أنّ إسرائيل الرسميّة رفضت التعقيب لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ على هذا النبأ.

سفير تل أبيب السابق في موسكو، تسفي ماغين، أعدّ دراسةً نشرها على موقع مركز دراسات الأمن القوميّ التابع لجامعة تل أبيب، ونقلتها للعربيّة مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة في بيروت، أكّد من خلالها على أنّه في ضوء إدراك إسرائيل انتهاء مرحلة أساسيّة من القتال في الحرب الأهليّة في سوريّة كانت خلالها تُراقب من بعيد من دون أنْ “تذرف دمعة” أسف على سفك الدماء المتبادل بين أعدائها، وإدراكها أنّ معركة جديدة بدأت من أجل بلورة وجه سورية السياسيّ، التقى نتنياهو الرئيس بوتين، وقد ركّز الاجتماع على التشديد على استياء إسرائيل من الهيمنة الإيرانيّة في سورية ومن البقاء المتوقع لقواتها ووكلائها في سوريّة في إطار التسوية المستقبليّة.

وتابع قائلاً: لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أعادت إسرائيل ترسيم خطوطها الحمراء، ومن أهمها منع انتشار قوات إيران ووكلائها في جنوب سورية بالقرب من حدودها. ولكنّه أقّر أنّ المحاولة السورية لاعتراض الطائرات المهاجمة بواسطة صاروخ أرض – جو من طراز “S.A.5″ تؤكّد على تغييرٍ كاملٍ في قواعد اللعبة: لم تعد سورية مستعدة للتعرض لهجمات إسرائيلية من دون الرد عليها، وبالتالي كان الهدف من استدعاء السفير الإسرائيلي في موسكو إلى محادثة توضيحية التلميح لإسرائيل باستياء روسيا من توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية في عمق سورية، على حدّ تعبيره.

وأشار ماغين إلى أنّ إسرائيل تشعر أنها لا تملك تأثيرًا في التسويات التي تجري بلورتها حاليًا في موسكو وفي طهران، وفي أستانه وجنيف. ومن أجل عرض مخاوف إسرائيل وخطوطها الحمراء بحدّةٍ أكبر، احتاج رئيس الحكومة نتنياهو إلى لقاء هو الرابع مع الرئيس بوتين منذ العام 2015. وفي وقت قريب من ذلك زار موسكو أيضاً الرئيس التركي أردوغان. ومن الصعب الافتراض أنّه لم يتحدث مع بوتين في هذه المسائل أيضًا، ومن المتوقع أنْ تشهد موسكو قريبًا زيارة الرئيس الإيراني روحاني.

وتابع: ستُحاول موسكو تهدئة مخاوف جميع هؤلاء اللاعبين وستنقل إليهم رسائل سرية كوسيطة، مُشدّدًا على أنّه في هذه المعركة تلعب واشنطن دورًا ثانويًا، ولا تقف في مقدمة المنصة، وما زالت تحافظ في هذه الأثناء على عدم الكشف عن أوراقها.

بالإضافة إلى ذلك، لفت إلى أنّ وجود إسرائيل في معركةٍ جديدةٍ، حيث ستكون أكثر نشاطًا وأقل سرية، جرى التعبير عنه في كلام رئيس الحكومة نتنياهو لدى تطرقه إلى الهجوم الإسرائيليّ الأخير عندما قال: إنّ سياستنا شديدة الثبات. عندما نكتشف محاولات لتهريب سلاح متطور إلى حزب الله، فلدينا الاستخبارات ولدينا الاستعداد العسكريّ ونحن نعمل علي منع ذلك. هذا ما كان وهذا سيكون. أستطيع التحدث عن إصرارنا، وهو متين، والدليل على ذلك ما نفعله. وعلى كل شخص أنْ يأخذ هذا في حسابه. الجميع.

وبرأي السفير الإسرائيليّ السابق فإنّ هذا الكلام يُعبّر عن قرار إسرائيل زيادة تدخلها في ما يحاك لسورية في ضوء التقدير بأنّ موازين القوى تتغير في غير مصلحتها. وخلُص إلى القول إنّ السؤال الكبير هو إلى متى سيكون في إمكان إسرائيل الإصرار على المحافظة على الخطوط الحمراء التي وضعتها لمنع تعاظم قوة حزب الله ووكلاء آخرين لإيران في سورية من دون زعزعة علاقاتها الخاصة مع موسكو، ومن دون التسبب بتصعيد واسع في الجبهة الشمالية؟، على حدّ قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى