التوظيف السياسي والإرهاب يلاحقان الفنون العراقية (حيدر قاسم الحجامي)

 

  

حيدر قاسم الحجامي

يرى لهيب كامل وهو فنان تشكيلي شاب من محافظة ذي قار العراقية، أن التوظيف السياسي للفنون والأدب بصورة عامة يسيء إلى الفن، ويدفع به نحو هاوية التراجع، لا كما يعتقد البعض، بأنه يسهم في تنميتها.
لهيب الذي افتتح قبل اكثر من عام جاليري لعرض لوحاتهِ مع زميله الفنان الأكاديمي اياد حياوي، يروي في حديث لـ "ميدل ايست اونلاين" كيف ان تفجيرا ارهابيا في وسط الناصرية أجهض حمله وزميليه، بتوسيع نشاطهما الفني والثقافي، واضطرهما الى اغلاق الجاليري الفني بعد ان قضى شاب كان يتردد على الجاليري في تفجير ارهابي استهدف الشارع الذي يضم الجاليري".
يضع لهيب في حقيبته، وهاتفه النقال ايضاً صوراً للتفجير الإرهابي، يقول: "الإرهاب هنا سياسي، كل شيء هنا تحركه السياسة، الصراع يطال كل شيء حتى الفنون التي يظنها البعض بعيدة عن السياسة تتأثر بشكل مباشر، لا اجزم بأن التفجير كان يستهدفنا ولكني لا أجد تفسيراً لهذه المصادفة الغريبة!".
ويضع لهيب الآن بضع لوحات أنجزها مؤخراً في احدى غرف منزله، بعد ان اغلق الجاليري، وأخذ يبحث مع زملائه عن مكان آخر لا تصل له يد الإرهاب، كما انه يرفض عروضاً متعددة من قبل قوى سياسية دينية كانت او علمانية بالعمل معها ضمن مشاريعها التي تهدف الى وضع "كليشهات" إضافية لعناوينها، يقول متحمساً: "لا اظن انني التقي مع اي مشروع سياسي مهما كان، أنا فنان اعتقد إنني أؤدي وظيفة اجتماعية الان أكثر من كوني متحزباً لجهة، ويضيف الكل يرغب بالتوظيف السياسي للفنان او الأديب، البعض منا يرفض، وآخرون تضطرهم الظروف للقبول".
يختم حديثه معي قائلاً أنا مؤمن بالمقولة "السياسة قوة عقلية خبيثة، والفن قوة روحية نبيلة، فإذا ما اجتمعا فإن الفن هو الخاسر دائما".
فيما يرى ليث السراي وهو كاتب وصحافي أن التوظيف السياسي للفنون يتصاعد خصوصاً وان إرثا من الإهمال الذي كان ولا يزال يطال الفن والأدب في البلاد، ويضيف السراي "الفنون والأدب في البلاد لا تعدها اغلب المؤسسات والحكومات سوى كونها أشياء ترفية ليست الا، ولذا فإن الفنانين والأدباء يعيشون في الأغلب ضنكا معيشيا وغياب فرص حقيقية لتوفير مصدر معيشي مناسب".
ويتابع "في الأعوام الأخيرة الماضية أقرت الحكومة منحة سنوية للفنانين والأدباء، لكنها لا تتعدى الـ "ألف دولار" أميركي، وهي منحة زهيدة لا توفر دعماً حقيقياً للفنان أو الأديب إذا ما أراد ان يتفرغ لإبداعه وعطائه الثقافي".
ويلفت إلى أن "هذا الوضع يجبر الكثير من الفنانين والأدباء على العمل في مؤسسات شبه ثقافية تابعة لأحزاب وجهات سياسية تفرض في الأعم الأغلب رؤيتها على الفنان أو الأديب، وهذا يؤثر سلباً على حرية الإبداع والفكر".
الأكاديمي والفنان اياد حياوي يرى أن طبيعة المجتمع العراقي وما يقاسيه الآن من محن وصعوبات تدفعان بالفن الى الانزواء أو عرضه بمزاد سياسي يقود به إلى الابتذال.
ويضيف في حديث لـ "ميدل ايست اونلاين" تجربتي الشخصية تعرضت للإجهاض مبكراً، أغلقنا جاليري افتتحناه قبل عام بسبب عمل إرهابي أدى إلى مقتل شاب وتدمير محتويات الجاليري، اضافة الى ما أصابنا من أذى نفسي أوقف همتنا في المضي بمشروعنا التشكيلي.

ميدل ايست أونلاين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى