الثلاثاء المؤتمر الأمنيّ الروسيّ الأمريكيّ الإسرائيليّ
أقرّت محافل سياسيّة وأمنيّة في تل أبيب، وُصفت بأنّها رفيعة المُستوى وواسعة الاطلاع، أقرّت أنّ كيان الاحتلال أُصيب بخيبة أملٍ ونفورٍ من قرار الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، القاضي بعدم توجيه ضربةٍ عسكريّةٍ لإيران، ردًّ على إسقاط طائرة التجسّس الأمريكيّة، يوم الخميس الماضي، لافتةً في الوقت عينه، إلى أنّ عدم الردّ على الـ”عدوان” (!) الإيرانيّ، يُشكّل مُحفزًا للجمهوريّة الإسلاميّة للمضي قدمًا في استفزاز الولايات المُتحدّة بصورةٍ مُباشرةٍ، أوْ عبر منْ أسمتهم المصادر ولوكلاء طهران في المنطقة: سوريّة، حزب الله وحركة الجهاد الإسلاميّ الفلسطينيّة من قطاع غزّة، كما أفادت اليوم صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة.
وأوضحت المصادر أيضًا أنّ الكيان يخشى من أنّ عدم الردّ الأمريكيّ على ما أسمتها بالاستفزازات الإيرانيّة سيفتح شهية طهران لمُواصلة عملياتها “الإرهابيّة” ضدّ أهدافٍ أمريكيّةٍ وأخرى إسرائيليّةٍ، ولكنّ المصادر استدركت قائلةً إنّ دولة الاحتلال الإسرائيليّ لا ترغب في أنْ تُصوَّر في العالم على أنّها هي التي حثت وتحُث الولايات المُتحدّة على القيام بعمليّةٍ عسكريّةٍ ضدّ إيران، على حدّ قولها.
وتأتي هذه التصريحات مع وصول مُستشار الأمن القوميّ الأمريكيّ، جون بولتون، إلى تل أبيب، ظهر أمس السبت، للمُشاركة في المؤتمر الأمنيّ غيرُ المسبوق، وفق المصادر عينها، مع نظيره الروسيّ، نيكولاي باتروشيف، ومع مُستشار الأمن القوميّ الإسرائيليّ، مئير بن شابات، علمًا أنّ رئيس الوزراء ووزير الأمن، بنيامين نتنياهو، سيُشارِك هو الأخر في المؤتمر، الذي سيبدأ أعماله يوم بعد غدٍ الثلاثاء في القدس المُحتلّة، والذي سيطغى عليه التوتّر الحاصِل في الخليج العربيّ بين طهران وواشنطن، كما أكّدت المصادر، التي أضافت أنّ المؤتمر هو بمثابة إنجازٍ تاريخيٍّ للكيان، إذْ أنّ إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تُحافِظ على علاقات مع الدولتين العُظمتيْن، روسيا والولايات المُتحدّة، في نفس الوقت، وفقًا للمصادر بتل أبيب.
في السياق عينه، قالت غيلي كوهين، مُراسِلة الشؤون السياسيّة في التلفزيون الإسرائيليّ شبه الرسميّ (كان)، نقلاً عن محافل سياسيّةٍ في كلٍّ من واشنطن وتل أبيب، قالت إنّ الخلاف بين موسكو من جهةٍ وبين تل أبيب وواشنطن من الناحية الأخرى يتركّز حول جدول أعمال المؤتمر، فروسيا، أضافت المصادر عينها، تُصِّر على أنْ يُناقِش المؤتمر قضية إعادة إعمار سوريّة، فيما تُطالِب واشنطن وتل أبيب التشديد على التمركز العسكريّ الإيرانيّ في هذا البلد العربيّ، وهو الأمر الذي ترفضه موسكو جملةً وتفصيلاً، على حدّ قول المصادر.
وتابع التلفزيون العبريّ قائلاً، نقلاً عن المصادر نفسها، إنّه تجري محادثاتٍ مُكثّفةٍ بين الأطراف الثلاثة من أجل رأب الصدع والاتفاق على جدول أعمال المؤتمر، لافتةً إلى أنّه في نهاية المطاف سيتّم التوصّل إلى مُعادلةٍ تُرضي الطرف الروسيّ فيما يتعلّق بمطلبه بإعادة بناء سوريّة، كما أكّدت المصادر للتلفزيون العبريّ، مُضيفةً أنّه لا يوجد أيّ خطرٍ لإلغاء المؤتمر بسبب الخلافات بين الأطراف حول أجندته.
من ناحيته، حذّر الجنرال احتياط غيورا آيلاند في مقالٍ نشره اليوم في صحيفة (يديعوت أحرونوت) حذّر من أنّه نظرًا لأنّ الأزمة تسير ببطءٍ، فقد تُقرِّر إيران بدء تصعيدها، وقد يحدث ذلك أيضًا عن طريق جرّ إسرائيل إلى قلب التطورات، وعلى هذه الخلفية، يتّم ذكر السيناريو بشكلٍ غيرُ مباشرٍ من خلال إحدى المنظمات التي يديرها الإيرانيون في المنطقة، مثل الميليشيات الشيعية المتمركزة في جنوب سوريّة، أوْ حتى من قبل حزب الله أوْ العناصر التابعة له في جنوب لبنان، وصولاً إلى الجهاد الإسلاميّ في قطاع غزة طبقًا لأقواله.
عُلاوةً على ذلك، شدّدّ الجنرال آيلاند على أنّ إمكانية قيام إيران بتوجيه ضربةٍ عسكريّةٍ مُباشرةٍ لإسرائيل هي ضئيلة للغاية، ولكنّها ليست مُستبعدة، وتحديدًا من العراق أوْ من سوريّة، كما قال، وأضاف أنّه كلّما ارتفع منسوب التوتّر في الخليج العربيّ بين واشنطن وطهران، فإنّ ذلك يزيد من إمكانية تورّط إسرائيل في مُواجهةٍ عسكريّةٍ مع إيران بشكلٍ مُباشرٍ أوْ مع “وكلائها” في المنطقة، على حدّ تعبيره.
على صلةٍ بما سلف، قال المُستشرِق الإسرائيليّ، د. تسفي بارئيل، الذي يعمل مُحلّلاً للشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس)، قال إنّ واشنطن لا تملك إستراتيجيّة فيما يتعلّق بالتعامل مع إيران، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه بعد مرور 8 أشهر على فرض العقوبات عليها لم تستسلِم ولم ترفع الرايّة البيضاء، وسخِر من زعم ترامب أنّه قرر إلغاء الضربة نظرًا لعدد الضحايا الذين سيدفعون الثمن، متسائلاً: منذ متى كان عدد القتلى عاملاً في السياسة الأمريكيّة؟
واختتم المُستشرِق: من ناحية إسرائيل فقد تمّ إهدار فرصةً كبيرةً لتحقيق هدفيْن: الأوّل توجيه رسالةٍ حادّةٍ كالموس لإيران، والثاني، القيام بالعمل العسكريّ من قبل واشنطن، وليس الكيان، على حدّ قوله.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية