الثورة بدأت ولن تنتهي ….
الثورة بدأت ولن تنتهي …. ففي كل دول العالم المتحضر ينحصر الصراع السياسي بين الحزب الحاكم والحزب المعارض ، والذي قد ضم كل منهما عددا” من الأحزاب المتآلفة أو المتوافقة لقيادة البلد في هذه المرحلة، ويتم تبادل الحكم والسلطة حسب الانتخابات التي تتم بشكل ديمقراطي حر يقررها الشعب عبر صناديق الانتخاب في كل دورة انتخابية حسب المرحلة والأجندة السياسية وشعبية كل طرف، وعند اعلان النتائج يحترم الخاسر قرار الشعب ويتراجع بكل رقي واحترام مهنئاً خصمه الفائز ومتمنياً له النجاح في مهمته الجديدة، ويقف على الطرف المقابل مترقباً وناصحاً أحياناً، ومشاركا” في صنع القرار أغلب الأحيان …. الا في بلداننا العربية فإن هذه العملية تتعرقل وتنفلش بطريقة أقرب ما تكون للكاريكاتورية .. لتتحول الى مأساة أحياناً يذهب ضحيتها أبرياء.
السبب بالتأكيد هو أن تجربتنا العربية في الديمقراطية هي وليدة اليوم بعد سنوات عجاف قضيناها نتلوى بين القمع ومعتقلات الطاغية وحكم الفرد .. لذلك في البداية، وفي هذه المرحلة بالذات، نجد كل التكتلات والتحزبات متعطشة للسلطة والقيادة، ومتعجلة في رفض الخطأ والاستئثار بالحكم خوفاً من تكرار التجربة المريرة السابقة .
وبمناسبة ما يحدث اليوم في مصر وسوريا وقبلها تونس من هيمنة الفكر الإخواني على اللون الجديد للحكم يحضرني سؤال :
هل من الأجدى منح الشرعية حقاً للسلطة المنتخبة بارادة شعبية وان كان يسيطر عليها الفكر الإخواني والذي قد لا يلبي طموح شريحة واسعة من الشعب المتعطش للحرية والمدنية …والذي بات يشكك بنزاهة وصولها للسلطة بتحالفها مع العسكر وبمالها السياسي ؟؟ أم يجب الاستمرار بالثورة طالما لم يفهم من استلم السلطة حديثاً، أو يسعى لاستلامها بقوة السلاح والمال أن زمن الاحتكار والاستئثار بالسلطة قد ولى والشعب اليوم لم يعد يقبل بسياسة الفرض والاكراه … وأن الثورة كانت على من تمسك بالكرسي وأستأثر بالقرار ولم يتركه حتى وقع منه بفعل ارادة الجماهير …؟؟
لماذا تحاول القيادة اليوم تكرار التجربة المريرة لقمع الشعوب وفرض قراراتها ؟؟؟ ففي مصر اليوم عندما أصدر الرئيس قراراً لم يعجب الشعب خرج الشعب مطالباً بتغيير القرار .. فلم يستجب الرئيس وماطل وتعنت وتمسك برأيه حتى عادت الثورة الشعبية تملأ الساحات يجابهها أنصار الرئيس، لنعود الى دوامة الصراع العنيف ..وفي سوريا ما زال يحاول الاسلاميون الاستئثار بالمعارضة وفرض قراراتهم وقناعاتهم عليها مستمدين قوتهم من تقديم الدعم المالي والاعلامي للسلاح .. ورافضين المعارضات الأخرى القائمة على فكر مغاير مما يسبب استمرار التناحر والانقسامات التي يدفع ثمنها الشعب. ورغم ظهور الائتلاف الذي ما زال بعيداً عن نبض الشارع ولاهثاً وراء الغرب .. ومانحاً شرعية للسلاح الطائفي ناكراً حق الفكر غير المسلح في المشاركة بالقرار مما يؤدي إلى توازنات واستئثارات واحتكارات للقرار والسلطة أفرزتها سنوات القمع السابقة، ودفعت بالشعب للايمان بالثورة على الثورة ونهج الثورة طريقاً لارساء دعائم الدولة الديمقراطية الحقيقية، لنصل فعلاً الى ما بدأناه من حلم تبادل السلطة والمشاركة في الحكم كما في الدول المتحضرة التي دفعت سنوات طويلة حتى وصلت الى ما هي عليه اليوم من حرية وديمقراطية حقيقية … ولتصبح السلطة ليست حكراً على رئيس أو حزب أوجماعة . هي مشاركة بالحكم تحت سلطة رئيس اليوم والذي هو شريك الغد … فالثورة بدأت.. ولن تنتهي …