تحليلات سياسيةسلايد

الجزائر تلجأ لموسكو لتهدئة التوتر مع تحالف الساحل الجديد

تشير تحركات جزائرية إلى محاولاتها إقناع روسيا بالتدخل والوساطة لحل الأزمة مع مالي وحليفتيها النيجر وبوركينافاسو أم ما بات يعرف بتحالف دول الساحل الجديد بعد تصاعد التوترات الدبلوماسية بين الجانبين، حيث تحتاج السلطات الجزائرية إلى تصحيح مسار علاقاتها مع تحالف دول الساحل لحماية مصالحها الاقتصادية، بالإضافة إلى مواجهة تحديات أمنية مع تنامي نشاط الجماعات المتشددة وتراجع التعاون الأمني والاستخباراتي.

وأفادت وسائل إعلام جزائرية بأن الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية الجزائرية لوناس مقرمان، ترأس إلى جانب نائب وزير الخارجية والممثل الخاص للرئيس الروسي لإفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، أشغال الدورة الخامسة من المشاورات السياسية الجزائرية -الروسية بالعاصمة الروسية موسكو. ولم تكشف وزارة الخارجية، تفاصيل كبيرة حول هذه المشاورات غير أنها أشارت إلى أن الطرفين تناولا آخر المستجدات المسجلة على مستوى منطقة الساحل.

وكانت مالي والنيجر وبوركينافاسو قد أعلنت الأحد الماضي استدعاء سفرائها لدى الجزائر التي اتهموها بإسقاط طائرة بلا طيار تابعة لجيش باماكو في شمال الأراضي المالية قرب الحدود الجزائرية نهاية آذار/مارس الماضي، حيث أخذت الحادثة منحى تصاعديا يهدد بمزيد من التوتر في العلاقات، بينما أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية أيضا غلق مجالها الجوي أمام دولة مالي اعتبارا من الاثنين.

واحتضنت موسكو الخميس الماضي، القمة المشتركة الأولى بين وزراء خارجية “تحالف دول الساحل” وروسيا، لبحث التعاون الأمني والعسكري في منطقة الصحراء بغرب إفريقيا.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن القمة الرباعية التي تجمع بين روسيا والنيجر ومالي وبوركينا فاسو ستستمر بشكل منتظم، وتعقد كل سنة في موسكو أو إحدى دول الساحل الثلاث.

ويأتي انعقاد القمة المشتركة بعد ابتعاد دول الساحل عن فرنسا وتقاربها مع روسيا التي تسعى إلى توسيع نفوذها في منطقة غرب إفريقيا، ونظرا للعلاقات الجيدة بين موسكو والجزائر، يبدو أن الأخيرة تعول على وساطة روسية لحل الأزمة مع دول الساحل التي من شأنها الإضرار بالمصالح الجزائرية بشدة لاسيما فيما يتعلق بخط أنبوب الغاز مع نيجيريا الذي يمر بالنيجر، كما ستنعكس سلبيا على ديناميكية المشاريع المرتبطة بهذا الفضاء الإفريقي الهش أمنيا والذي تطغى عبيه الاضطرابات العسكرية فضلا عن أنه غير مهيكل اقتصاديا، إذ تُعقّد الهجمات الإرهابية المتنامية والاضطرابات الجيوسياسية جهود تنفيذ المشروع الطاقي الذي تطمح الجزائر أن يقوي علاقاتها الاقتصادية مع الدول الافريقية ومع الشركاء الأوروبيين.

ويبدو أن المشاورات لا تزال في البداية إذ اكتفى بيان وزارة الخارجية الجزائرية بالإعلان أن الدورة شهدت أيضا مناقشة قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك، منها الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية وكذلك قضية الصحراء المغربية.

كما تم الاتفاق على مواصلة التنسيق الوثيق ترقية للعلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، بما “يرقى لطموحات الشعبين الصديقين”.

وحسب بيان وزارة الخارجية، تأتي هذه الدورة في إطار مواصلة تنفيذ إعلان الشراكة الاستراتيجية المعمقة الموقع عليه من قبل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بموسكو في يونيو/حزيران 2023.

وكانت أعربت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) الأربعاء عن “قلقها العميق” إزاء تصاعد التوترات الدبلوماسية بين مالي والجزائر.

وقالت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في بيان الأربعاء إنها “تتابع بقلق التطورات الأخيرة التي أثرت على العلاقات” بين مالي والجزائر وأعربت عن “قلقها العميق”.

ودعت إكواس البلدين “إلى تهدئة التوترات وتعزيز الحوار واستخدام الآليات الإقليمية والقارية لحل النزاعات”.

وتظاهر نحو مئة شاب الثلاثاء أمام السفارة الجزائرية في باماكو احتجاجا على “تصرفات الجزائر”.

وتدهورت العلاقات بين مالي وجارتها الشمالية بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، مع استدعاء متبادل للسفراء في ديسمبر/كانون الأول 2023 استمر أقل من شهرين.

وتتهم مالي الجزائر بإقامة علاقات مع “الجماعات الإرهابية” خصوصا في منطقة الحدود، حيث تكبد الجيش المالي وحلفاؤه الروس خسائر فادحة في يوليو/تموز الماضي ضد متمردين غالبيتهم من الطوارق.

وفي يناير/كانون الثاني 2024، أعلن المجلس العسكري في مالي “الإنهاء الفوري” لاتفاق الجزائر للسلام الذي تم توقيعه عام 2015 ولطالما اعتبر أحد أعمدة استقرار البلاد.

وتواجه مالي منذ عام 2012 أزمة أمنية تغذيها أعمال العنف التي ترتكبها جماعات تابعة لتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، وعصابات إجرامية محلية.

 

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى