الجزائر تُجدّد حراكها على خطّ المصالحة
في ظلّ استمرار الجمود المسيطر على ملفّ المصالحة الفلسطينية، منذ إلغاء رئيس السلطة، محمود عباس، الانتخابات بداية العام الماضي، جدّدت الجزائر، للمرّة الثانية، دعوتها إلى عقد لقاءات للفصائل، للتباحث في إمكانية إعادة تحريك الملفّ، وسط مخاوف من أن تستغلّ حركة «فتح» الحراك الجديد لجعل القرارات الأخيرة الصادرة عن «المجلس المركزي لمنظّمة التحرير» أمراً واقعاً. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر فلسطينية، فقد استأنف الجزائريون اتّصالاتهم مع الفصائل بعد توقّفها الشهر الماضي، في ضوء الاختلاف الشاسع في المواقف. وأضافت المصادر أن الجزائر تعمل على إعادة إطلاق مبادرة لخفض التوتّر، بما يشمل وقف الخطوات السلبية المتبادلة بين الطرفَين، وبخاصّة الهجمات الإعلامية والاعتقالات السياسية، إضافة إلى الخطوات السياسية أحادية الجانب في الضفة الغربية المحتلّة وقطاع غزة. ولفتت إلى أن ممثّلي الفصائل سيصلون تباعاً إلى العاصمة الجزائرية خلال الأسبوعين المقبلين، بهدف استكمال المباحثات السابقة التي استمع فيها الجزائريون للمرّة الأولى إلى تفاصيل الانقسام، فيما سيستكملون النقاشات بشكل منفرد مع كلّ من هؤلاء بهدف تسهيل تحقيق اختراق، وهو ما لا يسود تفاؤل بشأنه لدى أغلب الفصائل، فضلاً عن الجمهور الفلسطيني.
وخلال الجولة الأولى من المحادثات، لمس الجزائريون تبايناً كبيراً بين حركتَي «فتح» و«حماس»، التي أوضحت أن المشكلة، من وجهة نظرها، تكمن في حالة التفرّد بالقرار من جانب «فتح»، وامتناع الأخيرة عن إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وثالثة للمجلس الوطني، في ظلّ تراجع شعبيّتها بشكل حادّ، وفق أحدث استطلاعات الرأي. في المقابل، فوجئ الجزائريون، خلال اجتماعهم مع وفد «فتح» الذي رأسه عضو اللجنتَين «التنفيذية لمنظّمة التحرير» و«المركزية لحركة فتح» عزام الأحمد، وضمّ عضوَي «المركزية» محمد المدني ودلال سلامة، بأنه في وقت كان الوفد يتحدّث عن المصالحة، كان «أبو مازن» وعضو «التنفيذية» و«المركزية» حسين الشيخ، يجريان لقاءات مع وزير جيش الاحتلال، بيني غانتس، الذي يعارض المصالحة ويعمل لمنعها بكلّ السبل، بما يشمل حظر عقد الانتخابات في مدينة القدس المحتلة. وعلى رغم الانطباع السلبي الذي تَشكّل لدى الجزائر إثر ذلك، إلّا أنها أبلغت الفصائل برغبة الرئيس عبد المجيد تبون في إحداث اختراق حقيقي في ملفّ المصالحة،
لكن الفصائل تخشى من أن تكون إعادة الدعوة هذه بتحريك من قِبَل السلطة وسفارتها في الجزائر، بهدف عقد لقاءات وحوارات تتيح إضفاء الشرعية على نتائج اجتماعات «المجلس المركزي»، وجعل ما حدث خلاله أمراً واقعاً على رغم رفض غالبية الفصائل للتعيينات والقرارات التي تمّ تمريرها في تلك الاجتماعات. وكان رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، أعلن أن الأسبوع المقبل سيشهد توجُّه عدد من الفصائل إلى الجزائر، بدعوة من وزارة الخارجية الجزائرية والرئيس تبون، من أجل «استضافة الحوار الفلسطيني – الفلسطيني». وسبق أن أعلن الرئيس الجزائري، في 6 كانون الأول الماضي، خلال حديثه في مؤتمر صحافي، عقب استقباله عباس في مقرّ الرئاسة في الجزائر العاصمة، اعتزام بلاده استضافة مؤتمر جامع للفصائل الفلسطينية، فيما لم يحدّد موعداً لعقد هذا اللقاء، واكتفى بقوله إنه سيكون «قريباً».
من جهة أخرى، دعت مؤسّسات الأسرى والقوى الوطنية في الضفة الغربية إلى «يوم غضب شعبي» في الأوّل من آذار المقبل، نصرةً للأسرى داخل السجون الإسرائيلية، بمواجهة إجراءات الاحتلال القمعية بحقّهم. ومن المقرَّر أن تُنظَّم في خلال ذلك وقفات تضامنية أمام مقارّ «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في جميع المحافظات الفلسطينية. ويتزامن الإعلان عن هذه الفعالية مع اعتزام الأسرى في سجن «عوفر» بدء تنفيذ خطوات احتجاجية إضافية، بعد أن فرضت إدارة السجون عقوبات على 900 أسير منهم، فيما تتواصل الهبّة في المعتقلات كافّة لليوم الثامن عشر على التوالي.