الجولان في التاريخ: هذه الأرض تَعرفنا وتنكِرهم
هضبة الجولان، هي جزء من الدولة السورية. تتجاوز مساحتها الـ1860 كلم مربّعاً، وتحوي 164 قرية و146 مزرعة، وقع منها تحت الاحتلال 137 قرية و112 مزرعة، إضافة إلى مدينة القنيطرة المحرَّرة عام 1973. إبّان حرب عام 1967، دمّر العدو الصهيوني 131 قرية و112 مزرعة ومدينتَين، كما احتلّ نحو ثلثَي مساحة الهضبة، لتبقى ستّ قرى تحت الاحتلال، وهي مجدل شمس، مسعدة، بقعاثا، عين قنية، الغجر، سحيتا، علماً أن عدد سكّانها في تلك الفترة قُدِّرَ بنحو ثمانية آلاف نسمة، فيما يتجاوز عددهم حالياً (2022) الـ24 ألف نسمة. كما قُدِّر عدد سكّان الجولان كلّه آنذاك بنحو 154 ألف نسمة، نزح غالبيّتهم بسبب تأثيرات العدوان، ليبلغ راهناً أكثر من 800 ألف نسمة موزّعين على مختلف المدن السورية.
الجولان في التاريخ
كان العرب يطلقون اسم الجولان على جبل في بلاد الشام، يمثّل جزءاً من إمارة الغساسنة العرب الذين حكموا جنوب سوريا، ولهم الكثير من الآثار الدالّة على ذلك. ويقول مؤرّخون إن «الجولان» تعني الطواف، حيث كانت الماشية تطوف الجبل من دون توقّف، فيما يقول آخرون إن الاسم يتحدّر من «جال»، نسبة إلى كثرة الخيول والجيوش العربية والرومانية والبيزنطية التي جالت في معارك اليرموك التي وقعت على تلك الأرض. وبحسب كتابات أخرى، فإن ذكر الجولان أتى أيضاً في العصر الجاهلي، وتحديداً في أشعار العرب، سواء كانت مرتبطة بدمشق أو من دونها.
سكَن الإنسان الجولان منذ القِدَم، وتعاقبت على هذه المنطقة حضارات مختلفة (الكنعانية، الآرامية، الإسلامية)، وهو ما يَظهر في تسميات أماكن كثيرة فيها، منها:
حَرَمون: كلمة آرامية تُطلَق على جبل الشيخ، وتعني المقدّس.
بقعاثا: تعني بالآرامية البقعة المنبسطة من الأرض.
مَجْدَل: كلمة كنعانية تعني البرج أو القلعة.
الحِمة: تعني النبع الحار.
فيق: بالكنعانية أفيق، وتعني القوّة.
أمّا بانياس فيقوم في جوارها تل القاضي (دان)، وهي لايش الكنعانية. والأرجح أن بانياس كانت عاصمة لمملكة آرامية هي بيت رحوب، وارتبطت بالكنعانيين والأموريين ثم الآراميين. وفي «دان» آثار معبد الإله حدد الآرامي. كما ذُكرت فيق في كتب التاريخ، وتحدّث الجغرافيون الإغريق والعرب عن أهميّتها الاستراتيجية.
على أنه لم يَرِد في كتب المؤرّخين أيّ توثيق يشير إلى حقبة يهودية حكمت المنطقة ومنها الجولان. ولذا، عمد الاحتلال إلى محو قرى ومدن ليزرع مكانها مستوطنات، بل نسخ أسماء بعض المدن والقرى وحوّلها إلى أسماء لمستوطناته باللغة العبرية، كما أطلق أسماء جديدة على قرى لها جذر تاريخي ومسجّلة رسمياً في سجلّات الدولة السورية ما قبل الاحتلال، وصولاً إلى استحداثه في السنوات الأخيرة مستوطنة جديدة باسم «ترامب» (نسبةً إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب)، تثبيتاً لشراكة واشنطن الفعلية في الاحتلال وتزوير التاريخ.
ومن بين المناطق المُحوَّرة أسماؤها:
قصرين، كبرى مدن الجولان، والتي أُطلق عليها اسم «كتسرين».
كفر حارب التي تحوّلت إلى «كفار حاروب».
عين الزيوان التي سُمّيت «عين زيفان».
جباثة الزيت التي بات اسمها «نفي أتيف».
والمنصورة التي أُطلق عليها «مروم غولان»
تاريخ الاستيطان بعد نكسة 1967
بُنيت أوّل مستوطنة في 14 تموز 1967 على أنقاض قرية باب الهوى المدمّرة في شمالي الجولان، وسُمّيت «مروم جولان» وتعني مرتفع جولان. ويقع اليوم تحت الاحتلال 1200 كلم مربع من الهضبة، ويبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية فيها 37 مستوطنة، منها مدينة واحدة تُدعى «كتسرين»، فيما البقيّة موزّعة بالشكل التالي: 11 «كيبوتس» (مستوطنة زراعية جماعية) ، 17 «موشاب» (مستوطنة زراعية تعاونية)، قريتان سياحيتان، ثلاثة مراكز للخدمات، وأربعة مراكز استيطانية للخدمات.
والتجمّعات المشار إليها هي: «أفني إيتان» على أنقاض قرية جداعة، «أفيك» بالقرب من البلدة السورية المدمّرة فيق، «أل ــ روم» على أنقاض قرية عيون الحجل، «أنيعام» على أنقاض قرية العمودية بالقرب من وادي اليعربية، «أورطال» على أنقاض قرية الدلوة، «إيليعاد» على أنقاض قرية العال، «بني يهودا» على أنقاض قرية سكوفيا، «خسفين» على أنقاض قرية خسفين، «رامات مغشيميم» على مقربة من قرية سكوفيا، «راموت» على أنقاض قرية شقيف، «سنبر» (كفار شاريت) بين تل الفخار وتل العزيزيات وبلدة بانياس، «شاعل» على أنقاض قرية قرحتا، «عين زيفان» على أنقاض قرية عين الزيوان، غفعات يواف بالقرب من قرية سكوفيا، كشور بالقرب من قرية العديسة، «كتسرين» أكبر مستوطنات الجولان والتي بُنيت على أنقاض قرية قصرين، «كفار حاروف» على أنقاض قرية كفر حارب، «كشت» بالقرب من قرية الخشنية، «معاليه جملا» بالقرب من قرية جملا، «مفوحمه» على أنقاض مزرعة عز الدين، «مروم هغولان» على أنقاض قرية باب الهوى، «ناطور» بالقرب من قرية أم القناطر، «نفيه أطيف» (رامات شالوم) على أنقاض قرية جياثا الزيت، «نوف» على أنقاض قرية ناب، «مبئوت غولان» شمالي بلدة فيق، «هار أودم» على أنقاض كريز الواوي بالقرب من تل الأحمر، «يوناتان» على أنقاض قرية تنورية، «ألوني هباشان» على أنقاض قرية الجويزة، «كناف» على أنقاض قرية كنف، «نمرود» التي أقيمت جنوب شرق مجدل شمس، «حد نيس» بالقرب من قرية الدردارة وتل الشعير، «كدمات تسفي» على أنقاض قرية عين السمسم، «كيلع ألون» بالقرب من قرية القلع، «ميتسر» على أنقاض قرية الياقوصة.
تنبسط هذه المستوطنات على مساحة تُقدَّر بـ246 كلم مربع، وهو ما يعادل 21% من إجمال المساحة المحتلّة من الجولان. وتبلغ المساحة الزراعية منها 80 كلم2، وتشمل محاصيل موسمية وشبه استوائية وبساتين حمضيات وكروم عنب وخضراوات للفروع الصناعية المختلفة وغيرها. وهي تمتدّ من أقصى الشمال حيث تكثر الثلوج، إلى الجنوب حيث بحيرة طبريا بارتفاع 220 متراً عن سطح البحر، ومنطقة الحمة الشهيرة بينابيعها الحارّة والدافئة، ما يولّد تنوّعاً زراعياً مميّزاً نتيجة تلك الفوارق. كذلك، يبسط المستوطنون سيطرتهم على ما يزيد عن 500 كلم2 من الأراضي المخصّصة للمراعي.
مخطّط مضاعفة الاستيطان
في الشهر الأخير من العام الماضي، أقرّ رئيس حكومة العدو، نفتالي بينت، مخطّطاً لمضاعفة الاستيطان في هضبة الجولان، و«تحسين جودة الحياة وتطوير الاقتصاد المحلّي والمناطقي». وينصّ المخطّط الذي شاركت في إعداده وزارات القضاء والإسكان والداخلية والمواصلات والسياحة والاقتصاد والصناعة والزراعة وتطوير القرى والتربية والتعليم والحفاظ على البيئة، وما تُسمّى «دائرة أراضي إسرائيل»، على ما يلي:
- استثمار 576 مليون شيكل لصالح التخطيط والإسكان في شقق، على النحو الآتي:
– إضافة مستقبلية بحوالى 7.300 وحدة سكنية خلال خمس سنوات، بحسب التقسيم التالي: 3.300 وحدة لـ«كتسرين» و 4.065 لـ«المجلس الإقليمي» في الجولان، وذلك بهدف مضاعفة عدد السكان بـ23000 مستوطن.
– توسيع مستوطنات «المجلس الإقليمي»، بواسطة استيعاب مجموعات سكّان جديدة، بالإضافة إلى التحفيز الاقتصادي لكلّ المستوطنات التي ستستوعب السكّان الجدد.
– إقامة مستوطنتَين جديدتَين (أسيف ومطر)، تحوي كلّ منهما 2000 وحدة سكنية.
– المصادقة على مخطّط شامل لمستوطنة «كتسرين»، وتطبيق برامج لإنشاء «مناطق النار» وإزالة الألغام.
- استثمار 160 مليون شيكل في تحسين جودة الحياة:
– الاستثمار في البنى التحتية للمواصلات التي تربط الجولان بمركز الكيان، وتلك التي تربط بين «كتسرين» ومستوطنات «المجلس الإقليمي».
– تطوير نظام طبّ الطوارئ وتوسيع أنشطة المركز الطبّي السابق في «كتسرين».
– تطبيق برنامج «أودم» لتطوير قيادة تكنولوجية وأمنية في «كتسرين».
– استثمار مكثّف في التعليم والتعليم اللامنهجي (غير الرسمي).
- استثمار 162 مليون شيكل في التطوير الاقتصادي المحلّي والإقليمي:
-تطوير بنى تحتية للسياحة، وإقرار منح للمبادرين في مجال الفندقة، وتسويق وتطوير وحدات للفنادق الجديدة.
-تطوير مجال التكنولوجيا الزراعية بهدف جعل الجولان «عاصمة تقنيات المناخ»، وتعزيز الاستثمارات المؤثّرة، وربط تجمّع التكنولوجيا الغذائية في مستوطنة «كريات شمونة» المُقامة على قرية المخالصة المهجّرة عام 1948، بهضبة الجولان المحتلّ.
– تسويق مجمّعات تدمج الصناعة والزراعة.
- استثمار غير مسبوق في استحداث 2000 وظيفة في كلّ من المجالات التالية: التكنولوجيا، الفندقة، الصناعة الزراعية، المناطق التجارية وغيرها.
- الجولان المحتل كعاصمة لتقنيات الطاقة المتجدّدة:
– استثمار مئات الملايين في مشروع الطاقة الشمسية «PPP»، بما في ذلك التخزين في منطقة تبلغ مساحتها حوالى 4000 دونم.
– تطوير فولتات زراعية بمساحة 600 دونم.
– مناقصات لمشاريع فولتات زراعية تُقدَّر بحجم 2000 دونم.
صحيفة الأخبار اللبنانية