الجيش يتقدّم تحت غطاء جوي داخل معقل للمتشدّدين في بنغازي
شهدت مناطق سيطرة المتشددين في مدينة بنغازي أمس، مواجهات عنيفة بينهم وبين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، تزامنت مع غارات جوية استهدفت مواقع وتجمعات التنظيمات الإرهابية في منطقة الصابري وسوق الحوت، ما أدّى إلى انفجارات متتالية يُرجح أن تكون لمخازن أسلحة أو ألغام أرضية.
وأكد مصدر من القوات المساندة التابعة للقيادة العامة أن الجيش يتقدم في شوارع عدة داخل المحور الشرقي الشمالي للمدينة باتجاه شارع الشريف، مؤكداً السيطرة على مستودع الغاز وشارع الشويخات وشارع بن عيسي أمام انهيار هذه المجموعات الإرهابية وعدم قدرتها على المقاومة. وأضاف المصدر ذاته: «تتقدم قواتنا في اتجاه ما تبقى من مراكزهم من جهة ضريح عمار المختار كما شن سلاح الجو الليبي صباحاً غارات كثيفة على تمركزات وعربات تابعة لهم»، مشيراً إلى أن أكثر ما يعيق حركة الجيش كمية الألغام التي زرعتها الجماعات المتطرفة في المنطقة.
على صعيد آخر، قال باحثون مقيمون في جنيف أول من أمس، إن مئات المسلحين من تشاد وإقليم دارفور السوداني يؤججون الاضطرابات في ليبيا ويحاربون لحساب فصائل متناحرة ويسعون لتشكيل حركات تمرد ويمارسون قطع الطرق وتهريب السلاح.
وذكر التقرير الذي أصدرته مجموعة مسح الأسلحة الصغيرة أن عدم التوصل لاتفاقات سلام لدمج المتمردين في تشاد والسودان أدى إلى سوق للمسلحين عبر الحدود التي تربط بين البلدين وليبيا. وأضاف أنه في ظل وجود متشددين في المناطق الصحراوية، إضافة إلى مهربي البشر والسلاح، فإن خطر زعزعة الاستقرار سيزداد إلا إذا دُمجت المجتمعات المهمشة منذ فترة طويلة.
ويركز التقرير المؤلف من 179 صفحة، على قبائل التبو التي تسكن جبال تبستي في شمال تشاد على مشارف الحدود مع ليبيا والنيجر. ولعبت دوراً رئيسياً ضمن حركات التمرد في الدول الثلاث.
وانتهى أحدث تمرد لأبناء هذه القبائل في تشاد عام 2011 لكن الانتفاضة التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي في ليبيا في العام ذاته استقطبهم وأتاحت لهم الحصول على الأسلحة بسهولة.
وذكر التقرير أن «هذه الفوضى تجذب المقاتلين بما في ذلك قوات المعارضة المسلحة من شمال تشاد ودارفور ولها تداعيات في تشاد والسودان». وأضاف: «مثلث تشاد- السودان- ليبيا أصبح مرة أخرى مركزاً إقليمياً للصراعات. ومن التبعات الواضحة لهذه الصراعات عودة ظهور سوق إقليمي للمسلحين عبر الحدود منذ عام 2011».
وتتبادل الفصائل الليبية المتناحرة الاتهامات بالاستعانة بمرتزقة من أفريقيا جنوب الصحراء. وقال جيروم توبيانا الذي شارك في وضع التقرير إن نحو 1500 مسلح ربما يكونون في ليبيا حالياً ويعمل معظمهم مع قوات حفتر. وأضاف أن نحو ألف من تشاد يعملون مع القوات المناهضة لحفتر، بينما يحاول بضع مئات التزام الحياد أو يريدون العمل لأي من الجانبين.
وأورد التقرير أمثلة عدة على تمركز جماعات من تشاد والسودان في منطقة الجفرة الصحراوية (وسط) التي كانت أخيراً بؤرةً للقتال بين قوات موالية لحفتر وخصومها وفي بنغازي حيث تشن قوات حفتر حملةً منذ فترة طويلة على متشددين.
وقال التقرير إن الجيش يركز جهوده على إعادة الاستقرار للمنطقة، لكنه رجح ألا تكلل هذه الجهود بالنجاح ودعا إلى سياسات اجتماعية سياسية لدمج أبناء قبائل التبو.