افتتاحية الموقع

الحاجة إلى الاستقرار السياسي والأمني

عماد نداف

يطرح الحدثُ الكبير المتعلق بإلغاء قانون قيصر الأمريكي القاضي بفرض عقوبات اقتصادية على سورية سؤالاً هاماً وملحاً يتعلق بعلاقة السياسة بالاقتصاد في المسار السوري بعد إسقاط أعتى نظام ديكتاتوري في المنطقة.

فإذا كانت العقبة الكبرى أمام اندماج الاقتصاد السوري بالاقتصاد العالمي قد أزيلت بفعل القرار الأمريكي الجديد، فماهي الخطوات التالية التي تكمل الطريق وتصل بنا إلى المكان الأفضل ؟

من البديهي الحديث اليوم عن مجموعة احتياجات للبناء عليها في المرحلة القادمة للتطور العام في البلاد، وأولها أن سورية بحاجة إلى استقرار سياسي وأمني يؤطر التوجهات العامة في البلاد ويحمي علاقة الداخل بالداخل، والداخل بالخارج..

إن في عوامل هذا الاستقرار حاجة ملحة  إلى سياسات حكومية تقود المرحلة إلى بر الأمان، وهذه السياسات تحتاج بالتالي إلى تشريعات جديدة تُحدِث آليات عمل نشطة تشاركية في البنى القائمة، وقد يحتاج بعضها إلى نسف .

هذه المعطيات ليست أقل أهمية من إلغاء القانون نفسه، وهو قانون أضر الشعب السوري كثيراً، وبنسبة أكبر بكثير مما أضر النظام الذي كان يستهدفه، أي أن المرحلة الآن هي بحاجة إلى جهود كبيرة وشاقة لاستكمال فتح الطريق أمام اندماج سورية في العالم على كل الصعد .

لماذا نحن بحاجة إلى استقرار سياسي وأمني؟

لأن سورية كجغرافية ووطن وكيان ببساطة لا تزال مستهدفة بوحدتها وقرارها الوطني، والاستهداف هنا ليس مجرد حالة طارئة يمكن تجاوزها بسهولة، فهي تشبه حالة الجسد الضعيف الذي يتعرض لهجوم فيروسي كبير، يفترض أن يواجه هذا الهجوم لينجو ويعود إلى قوته الحقيقية، وإلا فهو أمام تآكل في أعضائه يجعله أكثر ضعفاً .

كل التفاصيل المتعلقة ببناء سورية الجديدة، تبني على هذه النقطة، وعند إهمالها يمكن أن تكون أحد الأسباب الكبرى في نشوء الأطماع في الجسد الوطني ناهيك عن الصراعات التي كادت تشتعل، ويصعب عندئذ مواجهتها .

فماهي عوامل هذا الاستقرار؟

أهم هذه العوامل هي اتضاح الرؤية أمام المجتمع السوري بفعالياته ومكوناته ونخبه لدفعه في حركيته للبناء على الضمانات التي قدمها القيادة السياسية بعد التحرير..

وتستدعي هذه الأهمية الذهاب إليها بقوة وثقة لانجازها وتأمين ما تحتاجه من خطوات جادة تثبت للعالم أن الأزمة التي أنشأها النظام البائد ليست في بنية المجتمع السوري، وإنما في السياسات التي اتبعها ذلك النظام وأدت إلى ثورة 2011 العارمة..

ونعرف جيداً أن النظام البائد لجأ إلى إشعال حرب السنوات الطويلة ليدرأ عن نفسه خطر السقوط، متذرعا بأن استهدافه هو استهداف سورية كلها، وهي عملية احتيال كبرى على السياسة والتاريخ أثبتت المعطيات أنه بنى عليها إلى آخر نقطة دم سقطت من أجساد السوريين.

إن اتضاح الرؤية أمام المجتمع السوري بكل مكوناته وفئاته يحمّله مسؤولية حماية المرحلة الانتقالية، ويدفعه تلقائيا لتحصين البلاد من مخاطر الانزلاق إلى مشاريع خارجية تسعى لفرض نفسها والتسلل إلى سورية، وسوف لن تتركها بحالها عندما تضعف فتبدأ بالتآكل، وخاصة أن مصالح كبرى تضررت بسقوط النظام، وهي مصالح إقليمية غنية عن التعريف وتقف بالمرصاد.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى