الحرب في سوريا: الموت القادم من السماء.

 

 
المقاتلون المتمردون الذين كانوا ينامون بهدوء في مركز سابق للشرطة تعرضوا فجأة لصاروخ سقط على سطح غرفة غير مأهولة. على الرغم من أن النظام السوري قد فقد السيطرة المباشرة على هذا المكان و غيره من الأماكن الأخرى في إدلب, وهي محافظة ريفية في الشمال الشرقي من سوريا, إلا أنه يقوم بشن هجمات صاروخية عن بعد تشكل مصدرا للإزعاج و أمور أسوأ من ذلك. مع هبوط الليل, و خلف الأبواب المغلقة, جلست امرأة تحاول معرفة أي من القرى تتعرض للقصف. أطفالها, في هذه الأثناء مشغولون بوصف دقيق للصاروخ الذي قطع أطراف أم أحد أصدقائهم إربا.
على الرغم من كل هذه المخاطر, إلا أن مثل هذه القرى تعتبر ملاجئ آمنة للسوريين الهاربين من حلب, و هي ثاني أكبر مدينة و أرض المعركة الرئيسة حاليا في سوريا. إن الحكومة و المتمردين يخوضون حرب كر و فر على طول الجبهة منذ أن بدأت المعركة في شهر يوليو. في أحد الأيام, قام المتمردون بالاستيلاء على ثكنة عسكرية؛ و في اليوم التالي ادعى النظام أنه استعاد السيطرة عليها. في هذه الأثناء, وفي الضواحي المحيطة في دمشق, كانت هناك جثث ملقاة لمجموعة من الرجال مقيدي الأيدي خلف ظهورهم. كما أن القصف مستمر من دير الزور إلى السهول الجنوبية لدرعا, إضافة إلى الغارات الجوية. إن القتال مندلع في كل محافظة.
مع تزايد أعداد القتلى من المدنيين, فإن مسألة ما إذا كان على الدول الأخرى أن تتدخل عسكريا أصبحت أمرا أكثر جدية. المجموعات المعارضة تقدر أن شهر أغسطس كان أكثر الشهور دموية منذ بداية الانتفاضة في شهر مارس من السنة الماضية, إن التقديرات تشير إلى مقتل ما يقرب من 25000 شخص لحد الآن. إن مايكل كلارك وهو مدير المعهد الملكي للخدمات و هو مركز دراسات مقره لندن يعتقد أن التفضيلات في أوروبا و أمريكا قد أظهرت ميلا إلى البقاء خارج الصراع, على الأقل في المجال العسكري وهو أمر يعزى إلى كل من حجم المعاناة و التهديد الذي يفرضه هذا الأمر على استقرار دول الجوار الهش. ويضيف :"إننا لا نسير نحو التدخل. و لكن التدخل و بكل تأكيد يسير نحونا".
إن هناك العديد من الأسباب لتصعيد العمليات الوحشية خلال الصيف. إن مقاتلي المعارضة في الجيش السوري الحر شعروا بثقة عالية في محاولتهم للسيطرة على أجزاء من دمشق و حلب قبل أن يمتلكوا الوسائل اللازمة لذلك؛ لقد ركزت الهجمات المضادة العنف في المناطق التي يوجد فيها الكثير من المدنيين الذين تعرضوا للأذى. و يبدو أن نظام بشار الأسد قد تجاهل أي شكل من أشكال ضبط النفس. و يعود هذا الأمر بجزء منه إلى حالة اليأس المتصاعدة التي يعاني منها هو شخصيا, كما أنها تعود أيضا إلى أنه لم يكن متأكدا في الماضي من المدى الذي سوف يدعه المجتمع الدولي يذهب فيه. أما الآن فقد عبر تقريبا جميع "الخطوط الحمر" التي كان يأمل السياسيون الغربيون بأنه سوف يحترمها. إن استخدام السلاح الكيماوي يبدو الشيء الوحيد الذي سوف يؤدي إلى استثارة رد عسكري من الخارج.
إن المؤشر الأكثر وضوحا على أن سوريا لم تعد تهتم بحجم استخدام العنف هو الاستخدام المفرط للقوة الجوية, أولا مع استخدام المروحيات و ثانيا باستخدام الطائرات المقاتلة. إن الحملة الجوية تسمح للنظام بإرهاب و معاقبة المناطق التي فقد السيطرة عليها و الحفاظ على أكبر قدر ممكن من قواته البرية, خصوصا دباباته التي أصبحت عرضة للاستهداف مع تنامي الخبرات التي يحصل عليها المتمردون.
كما أن الهجمات الجوية تحمل إيجابية الاعتماد على جزء من القوات المسلحة التي يسيطر على معظمها العلويون, وهي الطائفة التي تنتمي إليها عائلة الأسد. والد الأسد, حافظ, كان يقود القوات الجوية قبل أن يقوم بالانقلاب الذي جلبه إلى السلطة عام 1970. وهذه القوات مجهزة بشكل معقول, مع وجود ما يقرب من 325 طائرة مقاتلة يمكن استخدامها للهجمات البرية و 33 طائرة مروحية, مع ملاحظة أن أفراد هذه القوات أقل عرضة للانشقاق مما هو الحال عليه في باقي أجزاء الجيش.

المسألة الأخلاقية:
إذا لم يحدث شيء للحد من انتشار قوة الأسد الجوية, فإن المتمردين سوف يعانون في سبيل إحراز مزيد من الإنجازات و قد يصبحون هم أنفسهم  أكثر عنفا بسبب الإحباط. كما أن مستوى القتلى من المدنيين سوف يستمر في التزايد. إضافة إلى أن تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة – 4000 لاجئ في اليوم يحاولون عبور الحدود إلى تركيا- سوف يزداد بشكل مضطرد.
ولكن ما هي الحدود التي يمكن أن تفرض على عنف النظام من قبل الغرب و الدول العربية السنية الداعمة مثل السعودية و الإمارات و قطر   و ما هي الأهداف من ذلك؟ إن الخيارات تتضمن تزويد المتمردين بمزيد من الأسلحة المضادة للطائرات و إنشاء ممرات إنسانية شمال مدينة حلب إلى الحدود مع تركيا تحت حماية قوات أجنبية و هي دعوة وجهت من قبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند و وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر. و فرض منطقة حظر جوي فوق البلاد بأكملها و البحث بشكل فعال عن نهاية للنظام. كل من هذه الخيارات تعقبه تبعات غير مرغوب بها, و هي في كل حال من الأحوال مرجحة أن تتداخل مع بعضها البعض.
إضافة إلى أن هذه الخيارات غير قانونية على الأرجح. في عام 1945 حظر ميثاق الأمم المتحدة جميع أشكال استخدام القوة ضد دول أخرى, ما لم يكن ذلك في حالة دفاع مشروع عن النفس أو مع وجود تفويض من قبل مجلس الأمن. إن عقيدة مسئولية الحماية تسمح للدول بالتدخل لحماية المدنيين من الأعمال الوحشية إذا فشلت حكوماتهم في القيام بهذا الواجب, و لكن ليس هناك أي استثناء جديد لهذه القاعدة.  إن على مجلس الأمن أن يعطي الموافقة.
إن البعض يقول بأنه في حالة الطوارئ الدولية, و عندما يتم تعطيل مجلس الأمن باستخدام الفيتو, أو التهديد باستخدامه, من قبل أحد أعضاء الدول دائمة العضوية (كما هي حالة كل من روسيا والصين حاليا), فإن للجمعية العمومية أن تتجاوز مجلس الأمن و أن تشرع استخدام القوة. و قد حدث هذا الأمر لأول مرة عام 1950 في قمة الحرب الكورية, و ذلك عندما عطلت روسيا التدخل الدولي. و لكن هذه الحيلة قد فقدت سمعتها الجيدة.
كثيرا ما يستخدم تدخل الناتو في كوسوفا في نهاية التسعينات كمثال على الاعتبارات السياسية و الأخلاقية المقنعة التي لم تترك أي خيار سوى القيام بتدخل خارج إطار القانون الدولي. و لكن النظام الكوني للأمن الجماعي برمته يمكن أن يقوض إذا تم الاحتكام لهذا الأمر مرة أخرى, خصوصا بعد الغزو المثير للجدل في العراق عام 2003 و تعريض أولئك المنخرطين في هذا الأمر للاتهامات بارتكاب جرائم حرب أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
في غياب قرار من قبل مجلس الأمن, فإن على الولايات المتحدة على الأقل أن تطالب بتحالف فعال يتضمن تأييد كل من الناتو و الجامعة العربية. و يجب أن يكون هناك غاية سياسية وراء الحد من قدرة النظام على استخدام العنف ضد شعبه و لكن ماهية هذه الغاية السياسية تبقى أمرا غير واضح.
لربما يكون الخيار الأكثر جاذبية هو إنشاء منطقة حظر جوي حول المناطق المحمية, و هي فكرة تمت مناقشتها بصورة موجزة كخيار في ليبيا. إذا وافق الناتو على أن يكون الضامن لمثل هذه المنطقة الآمنة, فإنه سوف يعلن بأن أي هجوم سوف يقابل برد قوي. و لكن منطقة آمنة وحيدة قد لا يكون لها ذلك التأثير الكبير في الصراع الآن و الذي يشهد توسعا و تشتتا كبيرا؛ و إذا نجحت منطقة واحدة فإنها قد تستدعي إنشاء مناطق أخرى. يقول الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة بأن إنشاء منطقة إنسانية سوف يعني فرض حمايتها ليس فقط من الطائرات السورية ولكن أيضا من الهجمات الصاروخية و المدفعية, و هو ما سيتطلب خيار شن هجمات على القوات البرية إضافة إلى الجوية.

المضي قدما:
التهديد بالقوة يعني أن تكون مستعدا للسير قدما في هذا الخيار, و الذي سوف يكون التزاما كبيرا. إن الجنرال ديمبسي يشدد على أن أي مقارنة ما بين منطقة الحظر الجوي التي أنشئت في ليبيا السنة الماضية و فرض أمر مماثل في سوريا هي مقارنة مضللة. ويقول بأن نظام الدفاع الجوي السوري المتكامل أكثر قدرة بمرات عديدة من النظام في ليبيا و هو يغطي منطقة أصغر, مما يشكل عقبة كبيرة.
على خلاف الدفاع الجوي في صربيا, و الذي تجاوزه الناتو بسهولة نسبية خلال حملة عام 1999 في كوسوفا, فإن نظام الدفاع الجوي في سوريا مصمم للتعامل مع خصم أكثر تعقيدا و هو إسرائيل. لقد صرف النظام السوري الملايين لمحاولة الحصول على هذه الأنظمة الدفاعية. و تتضمن هذه الأنظمة أنظمة دفاع روسية و التي يعتقد الخبراء الغربيون أنها ذات قدرات عالية. إن هناك نظام غرايهواند أس أي-22  و هو نظام متحرك فيه صواريخ أرض جو (سام) و مضادات الطائرات, إضافة إلى غرزلي أس أي-17 و هو صاروخ متوسط المدى قادر على التعامل مع العديد من الأهداف المختلفة في وقت واحد, و صواريخ غامون أس أي-5 التي تشكل تهديدا على طائرات القيادة و التحكم و الناقلات الجوية. كما أن لدى سوريا ما يقرب من 4000 صاروخ و التي و كحال صواريخ ستنغر الأمريكية يمكن أن تحمل على الكتف دون عربات  و التي يطلق عليها "أنظمة الدفاع المحمولة على الكتف" أو التي تسمى اختصارا "مان بادس".
ولكن هذه القوات ليست عصية على التجاوز؛ حيث يقول الجنرال ديمبسي دون تبجح  بأن قواته "يمكن أن تقوم بأي شيء" . ولكن على خلاف التدخل في ليبيا, حيث اتخذت بريطانيا و فرنسا زمام المبادرة و قادت الولايات المتحدة من الخلف فإن التدخل في سوريا سوف يكون في أغلبه شأن أمريكي, كما أنه سوف يتطلب قوة هائلة منذ البداية. يقول دوغلاس باري وهو خبير في القوات الجوية في المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية في لندن بأن  أمريكا سوف تركز على التدمير السريع للدفاعات الجوية السورية من أجل خفض الخطر أمام قواتها قدر الإمكان.
يدعي الجنرال ديمبسي بأنه ليس هناك خطة طوارئ لمثل هذه الحملة قد تم الأمر بها أبعد من ما أطلق عليه "تفاصيل القيادة التقديرية". إن تقديرا لما يمكن أن يتطلب الأمر يأتي من المحلل بريان هاغرتي من معهد ميتس للدراسات الأمنية و الذي حلل في دراسته الحملة التي تهدف إلى تدمير الدفاعات الجوية السورية و إنشاء مناطق آمنة شمال غرب البلاد.
إن السيد هاغرتي يرى أن الأمر يتطلب (كافتتاحية) ضرب ما يقرب من 450 هدف من ضمنهم أكثر من 20 مركز رادار للقيادة و السيطرة و الإنذار المبكر, و 150 موقع لصواريخ سام, و 205 موقع لإيواء الطائرات و 32 هدف لقواعد طائرات إضافية و 27 بطارية صاروخ أرض أرض (أس أس) و 12 بطارية لصواريخ كروز مضادة للسفن. القوات الغربية الخاصة غالبا موجودة على الأرض في سوريا تعد لمثل هذه القائمة, إضافة إلى تحديد العديد من أماكن تخزين و إنتاج السلاح الكيماوي و البيولوجي السوري.
يقول السيد كلارك بأنه قد يكون هناك ضرر فعلي قد حصل لأنظمة الدفاع الجوي السورية من خلال هجمات إلكترونية غربية . إن سوريا أكثر ضعفا من ليبيا أمام مثل هذه التكتيكات, بسبب اعتمادها الكبير على الحواسيب من أجل التكامل والسيطرة. لقد وردت تقارير بأنه و عندما قام سلاح الجو الإسرائيلي بالهجوم على الموقع النووي في سوريا عام 2007 فقد استخدمت مثل هذه الخدع من أجل تدمير الدفاعات الجوية للبلاد في اللحظة المناسبة, ولكن مثل هذه الإدعاءات يجب أن ينظر إليها بشيء من الشك. إن الإسرائيليين سوف يفضلون أن يعتقد العالم أنهم يمتلكون الفنون الإلكترونية السوداء وهي تحت تصرفهم, عوضا عن اعتقاد العالم بأن إسرائيل قد غافلت السوريين وقت غفوتهم.
إن السيد هاغرتي يقدر بأن المرحلة الافتتاحية من الحملة سوف تتطلب ما يقرب من 200 طائرة مقاتلة و ما يزيد على 150 طائرة دعم جوي – وهو عدد يتجاوز العدد الذي استخدم في الحملة الافتتاحية في ليبيا بمرات عديدة. كما أن الأمر يتطلب على رأس الضربات الجوية وجود قاذفات ثقيلة أكثر بكثير مما شهدته ليبيا, وإطلاق أعداد أكثر بكثير من صواريخ كروز. (الضربات الجوية لن تتضمن على الأرجح المقاتلة الأمريكية الجديدة إف 22 و التي وعلى الرغم من تكلفة الرادار فيها لن تكون مناسبة لمثل هذه الهجمات). إن السيد هاغرتي يعتقد أن الأمر سوف يحتاج إلى 600-700 صاروخ كروز, بالمقارنة مع 221 صاروخ استخدمت ضد ليبيا عام 2011 و 802 صاروخ استخدموا في غزو العراق عام 2003. و لهذا, فإنه من الضروري وجود طائرات مقاتلة على مدار الساعة في السماء من أجل اصطياد قواعد الصواريخ المتحركة (و التي سوف تكون مرئية فقط في حالة توجيه الرادارات لها أو عندما ترصد من قبل القوات الخاصة على الأرض) و من أجل ردع ما تبقى من الطائرات المقاتلة من الطيران. كما أن أي محاولة من قبل النظام لاستخدام المدفعية طويلة المدى قرب المنطقة الآمنة يجب أن يتم وقفها.
بالمنطق اللوجيستي, فإن صواريخ كروز يمكن أن تطلق من الغواصات الأمريكية في البحر الأبيض و يمكن أن تطلق من السفن الموجودة في الخليج, على الرغم من أنه قد يكون هناك محدودية لمدى الصواريخ من هذه السفن. الأمر الأكثر ترجيحا, فإن مجموعة ثانية من مجموعات الحاملات المقاتلة يمكن أن تنضم إلى الأسطول الأمريكي السادس في المتوسط. ولكن إذا كانت مجموعة الناقلات هي إحدى الدوريات الموجودة في أو قرب الخليج مع الأسطول الخامس, فإن هذا الأمر سوف يحد من قدرة أمريكا على ردع أي رد عدواني من قبل إيران إذا كانت إسرائيل سوف تقوم بالهجوم على المنشآت النووية الإيرانية. إن الحاجة إلى مثل هذا الردع هو أمر استراتيجي يفوق سوريا في تقديرات واشنطن, على الأقل في الوقت الراهن.
مجموعة أخرى من الطائرات المقاتلة و الداعمة يمكن أن تقلع من قاعدة أنجرليك وهي قاعدة تابعة للناتو جنوب تركيا , و من القاعدة البريطانية أكروتيري في قبرص.  وهاتان القاعدتان يمكن أن تكونا ضمن مدى صواريخ سكود – بي السورية. على كل حال و إذا كانت سوريا سوف تبدأ في استخدام ترسانة سكود فإن الحملة الرامية إلى تدمير قواعدها الجوية سوف تتحول مباشرة إلى حملة صريحة لتغيير النظام.

الخيار الآخر:
أمريكا و حلفاؤها يمكن أن يقوموا بكل هذا إذا أعطيت الأوامر , و لكن الأمر لا يخلو من الالتزام بتقديم موارد مستمرة و القبول ببعض الخسائر. كما أنه من المحتوم أن الكثير من المدنيين الإضافيين سوف يقتلون بسبب القنابل الأمريكية والغربية و قد يفوق العدد ما حدث في ليبيا  من, حيث تم الاعتراف بمقتل ما يقرب من 72 مدنيا بسبب غارات الناتو الجوية. إن العديد من منشآت الدفاع الجوي خصوصا حول دمشق محاطة بمباني يسكنها و يعمل فيها مدنيون. إضافة إلى مقتل المدنيين السوريين, فإن الهجمات على الأرجح سوف تؤذي المستشارين الفنين الروس و الصينيين و الإيرانيين مما سوف يؤدي إلى مزيد من المشاكل الدبلوماسية.
في الوقت الذي كان فيه جيش معمر القذافي عبارة عن قذيفة جوفاء معتمدة على المرتزقة الأجانب, فإن قوات الأسد البرية لا زالت و في أكبر جزء منها مجهزة بشكل جيد و قابلة للانتشار. و لكن كيفية تأثر معنوياتهم بعد الهجوم على نظام الدفاع الجوي أمر غير واضح؛ و لكن من الممكن أن أولئك الذين يريدون الانشقاق قد قاموا بذلك فعلا, و أن من تبقى ملتزمون مع الأسد مهما حدث.
السيد هاغرتي كان واضحا في أن فرض منطقة حظر جوي سوف تعني في النهاية الهجوم على أجزاء أخرى من القوات المسلحة.  حيث يقول :" إن الفكرة في أن الأمر سوف يبقى محدودا في العمليات الدفاعية أمر بعيد المنال, سوف نصبح وبشكل سريع القوة الجوية لأحد أطراف الصراع في الحرب الأهلية مع وجود هدف تغيير النظام, و دون وجود قيادة متماسكة لدى قوات المتمردين , فإن مثل هذه الحرب قد تكون فوضى دامية, كما أن  الغرب سوف يعمل إلى جانب ميليشيات عنيفة. إن فكرة أن تدمير الدفاعات الجوية السورية سوف تكون بمثابة هدية لإسرائيل سوف تضع مزيدا من الشكوك على الدوافع الغربية".
بالنظر إلى الصعوبات, فإنه من المغري استنتاج كما يقول السيد باري أن الخيار الأقل سوء قد يكون عدم القيام بأي تحرك. من ناحية أخرى, فهل يتمكن الغرب الوقوف جانبا عندما يقتل المدنيون بوتيرة متصاعدة و يتم تهديد منطقة حيوية استراتيجيا بالانهيار؟ فعلا, ليس هناك أي خيارات سهلة.

مجلة الإيكونومست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى