الحيوان إنسان بلا خيال
تخيلوا لو أنّ البشر يولدون ويتناسلون بمجرد أن يمارس الواحد مع الطرف المقابل حركة اعتباطية عادية لا معنى لها، وخالية من أي رغبة، كأن تطبق الكف الأولى على الثانية، وتفرك راحتيك أمام الطرف الثاني مثلا، فيتشكل الجنين.
تخيلوا لو أن جسد الإنسان (بما فيه الرأس) شفاف أكثر من ساعة “سويتش” التي تظهر كل أحشائها، أو صندوق انتخابي حديث، إلى درجة أن هذا الجسد يكشف كل ما فيه من طعام وشراب وأفكار ودسائس.. كيف ستكون حالات التزوير والتخفي واللقاءات عندئذ.
تخيلوا لو أن العرب جميعهم ساروا على شاكلة الرجل الياباني الذي وصل مكان موعده متأخرا ببعض الثواني فانتحر حسرة وشعورا بالذنب.. هل كان سيبقى من يخبّر عن الحادثة.
تخيلوا لو يتوقف الموت والولادة فجأة، وتستحيل الحياة إلى شريط أبدي سرمدي لا طرف له..كيف سيكون مصير العشاق والساسة ورجال الدين والأطباء والمخترعين .. وحتى محطات القطارات التي لم تأت في مواعيدها.
ماذا لو ان البشرية فعلا اسرة واحدة، إخوة اشقاء يسكنون بيتا كبيرا واحد، ينتسبون الى اب واحد يمنحهم مصروفهم اليومي وام واحدة تعلق جواربهم مرة واحدة على حبل الغسيل، ويتكلمون لغة واحدة ومن كتاب واجد
… ماذا لو لا وجود الا لرقم ” واحد”.
تخيلوا لو أنّ الحيوان خلق ناطقا ـ وبكل اللغات ـ، ما عساه أن يكون موقفه إزاء جمعيات الرفق بالحيوان التي يقيمها بنو البشر ويزايدون فيها على حقوق الحيوان؟ وهل ستشكل الحيوانات عندئذ أحزابا وجمعيات وتتنافس لدخول البرلمانات.. وقبل كل شيء: هل النطق يعني بالضرورة العقل، وما مصير الكوجيتو الفلسفي الذي أطلقه سقراط بقوله ” الإنسان حيوان عاقل”.. ربما سيقابله كوجيتو حيواني مفاده أن ” إنسان بلا أطماع”.