الخشية من المُواجهة أمْ ضغوطاتٍ واشنطن؟
كشفت مصادر سياسيّة وازنة في كيان الاحتلال عن عقد جلسةٍ مغلقةٍ في جامعة تل أبيب، بمُشاركة إيال حولاتا، مستشار الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابِع مُباشرةً لرئيس الوزراء، نفتالي بينيت، وقامت هذه المحافل بتسريب ما جرى في اللقاء لموقع (WALLA)، الإخباريّ-العبريّ، حيثُ نُقِل عن حولاتا قوله بالمؤتمر المُغلق إنّ “إسرائيل لا تريد حلًا عسكريًا للأزمة حول البرنامج النووي الإيراني وأنّها لا تحاول جرّ إدارة الرئيس الأمريكيّ جو بايدن للحرب مع إيران”، على حدّ تعبيره.
وبحسب ما ذكر الموقع، نقلاً عن شخصياتٍ شاركت في الاجتماع المُغلق فإنّ الولايات المتحدة، القوى العظمى الأوروبية ودول الاحتلال قلقون جدًا من المراوحة في المحادثات النووية التي تسمح للإيرانيين بمواصلة التقدم في برنامجهم النووي تقريبًا من دون عائق.
مستشار الأمن القوميّ: “إسرائيل لا تريد حلًا عسكريًا للأزمة حول النوويّ الإيراني ولا تحاول جرّ إدارة بايدن للحرب مع إيران”
وشدّدّ الموقع على أنّ مستشار الأمن القوميّ الإسرائيليّ، شدّدّ أمام أعضاء أمناء الجامعة على أنّ “إسرائيل لا تبحث عن مواجهة مع إيران، مُضيفًا في الوقت عينه “أنّنا لا ننظر إلى هذا كحلٍّ، ونحن لا نريد جرّ الولايات المتحدة إلى مواجهةٍ عسكريّةٍ مع إيران”، لافتًا إلى أنّ “نحن نعتقد بأنّه يمكن حلّ هذا الأمر بطرقٍ أخرى، ونحن نؤمن بذلك”، حسب أقواله.
“الاتفاق سيمنح الشرعية للبرنامج النووي الإيرانيّ بعد عدة سنوات والأموال التي ستحصل عليها ستشكل وقودًا لمساعدتها للمنظمات”
وأشار حولاتا إلى أنَّه “إذا عادت إيران مع كلّ هذا إلى الاتفاق النووي ستكون هذه نتيجة سيئة بالنسبة لإسرائيل، لأنّ الاتفاق سيمنح الشرعية للبرنامج النووي الإيراني، بعد عدة سنوات، والأموال التي ستحصل عليها ستشكل وقودًا لمساعدتها للمنظمات”.
وأضاف مستشار الأمن القوميّ: “لم يعد هناك أيّ مكسب من هذا الاتفاق الذي يوشك على نهايته، هناك فرصة أفضل للحصول على اتفاق جيّد دون الرجوع إلى الاتفاق القديم”.
عُلاوةً على ما ذُكِر أعلاه، أشار الموقع العبريّ إلى أنّ حولاتا تطرّق أيضًا إلى الوضع في مصر، واعتبر أنَّ “الدول الغربيّة لا يجب أنْ تستخدم الضغط على الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلّ ما يتعلّق بحقوق الإنسان في الدولة”.
وتابع حولاتا: “يوجد للسيسي عدد أكبر من النساء في المجلس الوزاري مقارنة بالعديد من الدول الديمقراطية وهو لا زال يهاجم بأنّه ينكل بشعبه في مواضيع حقوق الإنسان. الإخوان المسلمون حاولوا السيطرة على مصر، من الصعب شرح هذا الأمر في الغرب. نحن نفهم ذلك أكثر”.
وكان حولاتا قد زار قبل أسبوعيْن واشنطن واجتمع في البيت الأبيض مع مستشار الأمن القوميّ الأمريكيّ جايك ساليفان، بعد يوم على المكالمة الهاتفية بين الرئيس جو بايدن ورئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت، التي تمحورت في أغلبها حول الموضوع الإيرانيّ.
ولفت مسؤول إسرائيليّ رفيع المُستوى، بحسب موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ إلى أنَّ المحادثة بين بينيت وبايدن كانت جيدة جدًا، وذكر أنَّ الجانبين يحاولان تحقيق أقصى استفادة من منظومة العلاقات رغم الخلافات حول بعض القضايا مثل إيران.
ووفقًا لحديث مسؤولٍ إسرائيليٍّ آخر، بحسب ما نقل الموقع نفسه، فإنّ أحد العوامل التي تساهم في العلاقة الجيدة بين واشنطن والكيان هو الثقة المبنية بين الطرفين وحقيقة أنّ كلاً من الحكومة الإسرائيلية وحكومة بايدن تحترمان قواعد اللعبة التي حُدِّدت في الاجتماع الأول بين الجانبيْن.
كما أشار إلى أنَّ “جزءًا كبيرًا من الحديث بين حولاتا وساليفان تعلّق بمسألة ماذا نفعل في واقع لا يوجد فيه اتفاق، وأحد المواضيع التي تمّت مناقشتها كيف يمكن عبر ممارسة الضغط على الإيرانيين أنْ نثبت لهم أنّهم بحاجةٍ إلى اتفاقٍ”، كما قال.
وتابع المسؤول الإسرائيليّ الكبير:”الإسرائيليون يعتقدون أنّه تجب ممارسة ضغوط إضافية من شأنها أنْ تمنح الولايات المتحدة ميزة في المفاوضات وقد تؤدي إلى اتفاق أفضل، لكن من ناحية أخرى، يجب اتخاذ خطوات لا تدفع الإيرانيين للتقدم إلى الأمام والبدء في تخصيب اليورانيوم حتى 90 بالمائة”.
ومضى المسؤول ذاته قائلاً، بحسب الموقع العبريّ إنّه “في إسرائيل، يُعتقد أنّ هناك عددًا قليلاً من مثل هذه الأعمال. وبعض المقترحات الإسرائيلية للإدارة الأمريكيّة كانت تمرير قرار إدانة ضد إيران في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حزيران (يونيو)، وزيادة الردع العسكري في المنطقة”، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ “كل هذه العمليات تهدف إلى التوضيح للإيرانيين ألّا ينتظروا وأنّ الوقت لا يعمل لصالحهم”.
وفي ختام تقرير موقع (WALLA)، نقل عن مسؤولٍ إسرائيليٍّ كبيرٍ قوله “إنّه بعد المحادثة بين بايدن وبينيت وبعد زيارة مستشار الأمن القومي إيال حولاتا إلى البيت الأبيض، فإنّ الشعور السائد في دولة الاحتلال هو أنّ شيئًا مثيرًا يجب أنْ يحدث لبايدن للموافقة على إخراج حرس الثورة من قائمة الإرهاب الأمريكيّة، على حدّ تعبيره.
وكانت صحيفة عبرية أكّدت، في شهر آذار (مارس) الماضي، أنّ خطة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إخراج الحرس الثوريّ الإيرانيّ من قائمة الإرهاب، والزيارة للرئيس السوريّ بشار الأسد إلى الإمارات وتجاهل كل من الرياض وأبو ظبي للإدارة الأمريكية، هي مؤشر واضح على ضعف واشنطن.
واعتبرت صحيفة (يديعوت أحرنوت) العبريّة، أنّ خطوة إخراج الحرس الثوريّ من قائمة الإرهاب، هي “الحدث الأول والأكثر إقلاقًا”، وشدّدّت الصحيفة، نقلاً عن مصادر سياسيّةٍ وأمنيّةٍ وصفتها بالرفيعة جدًا في تل أبيب، شدّدّت على أنّ أوّل ما فعلته إدارة الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن كان “إطلاق بالون اختبار كي يروا رد الفعل الإسرائيليّ الذي قد يمر بصمت مثلما مرّ الاتفاق النووي كلّه، ولكن هذه المرة، ردّ كل من رئيس الوزراء نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لبيد بشجبٍ حادٍ مشتركٍ على محاولة إلغاء إدراج الحرس الثوري كمنظمة إرهابية”.
وكررا أنّ “الحرس الثوري يقف خلف الاعتداءات على جنود أمريكيين في كل أرجاء الشرق الأوسط، وهم مثل حزب الله في لبنان”
وتابعت الصحيفة قائلةً، نقلاً عن ذات المصادر، إنّ “إيران سبق أنْ طلبت إخراج الحرس الثوري من قائمة الإرهاب وتلقت فرامل قوية، أمّا الآن، فهي تحاول استغلال الحماسة الأمريكية لعقد الاتفاق معهم وبسرعة، وفضلاً عن التسهيلات في العقوبات والتي ستضخ مئات المليارات للملايين وتقصر زمن القنبلة (النووية)، ومن المرجح أنْ تنجح في ضوء الردّ الهزيل من واشنطن، أنْ تسجل هذا الإنجاز الإضافيّ”، على حدّ تعبيرها.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية