الخلاف ينحصر بين تجار الدين وتجار الهدايا

عيد الحب أو ” السانت فالانتاين داي ” أو عيد العشاق، يحل في الرابع عشر من شهر فبراير في كل عام كما هو معروف.. لكن هذا الاحتفال لم يكن ” معروفا” ولا شائعا بالقدر الذي هو عليه في السنوات القليلة الماضية بالعالمين العربي والإسلامي. وربما يعود ذلك في رأي بعض المتابعين والمهتمين، إلى مرجعيته المسيحية، ذلك أنه يلتصق باسم قديس.

لكن الأمر يتجاوز هذا التفسير ويؤكد على أن لهذه المناسبة جذورا ومظاهر ضاربة في القدم بالنظر إلى ارتباطها بمواسم الخصوبة والزواج في الحضارات القديمة من جهة، ومن جهة ثانية فإن من إيجابيات مظاهر العولمة أنها قد محت الفوارق بين الثقافات وجعلت البشرية تتقاسم احتفاليات واحدة دون أن نسقط في الحسبان أهمية أن يفرض المتفوق ثقافته وعاداته على الطرف الأضعف.

أسباب كثيرة تقف وراء رفض أو تقبل هذه المناسبة التي يكاد يشترك فيها العالم برمته، خصوصا وأنها تحتفي بقيمة إنسانية لا تموت بل وأن العالم في أمس الحاجة إليها في هذه الأجواء المحتقنة وسط الحروب والنزاعات وتنامي موجات الكراهية والعنصرية.

الكل يزعم ويدعي احتفاءه بالحب كقيمة خالدة، ويحاول تقريبها من عقيدته، لكن، وعند المحك، تبرز المتناقضات التي تصل حد تحريم الاحتفال ب” عيد الحب” باسم المحبة نفسها، فقد نقلت أنباء منذ يومين أن باكستان حظرت أي فعاليات تروج لعيد الحب أو التغطية الإعلامية لمثل هذه الأحداث للسنة الثانية على التوالي، وذلك بعد أن قضت محكمة بأن احتفالات عيد الحب لا تتماشى مع تعاليم الإسلام.

وأصدرت هيئة تنظيم الإعلام الإلكتروني في باكستان تحذيرا يوم الأربعاء، لمحطات التلفزيون والإذاعة من بث أي نشاطات تتعلق بعيد الحب وقالت الهيئة “لن يقام أي حدث على المستوى الرسمي أو في أي مكان عام.

وفرضت محكمة إسلام أباد العليا الحظر العام الماضي، بعد دعوى من مواطن قال إن الاحتفالات مستوردة من الغرب و”تتنافى مع تعاليم الإسلام ”

ويمثل الشبان دون 30 عاما أكثر من 60 في المئة من سكان البلد ذي الأغلبية المسلمة وتبنت المؤسسات التجارية في السنوات الأخيرة تقاليد عيد الحب المليئة بالقلوب والورود والشوكولاتة

لكن البلد الذي يبلغ عدد سكانه 208 ملايين شهد أيضا نشاطا سياسيا كبيرا من جانب جماعات متشددة الأمر الذي أثار رد فعل عنيفا ضد هذه الاحتفالات التي يصفها البعض بأنها غير أخلاقية.

ونظمت أحزاب سياسية دينية مثل جماعة علماء الإسلام المرتبطة بحركة طالبان في السنوات الأخيرة، تجمعات للتنديد باحتفالات عيد الحب التي تقام يوم 14 فبراير /شباط.

أما في الهند جارة باكستان، فالحالة تبدو على النقيض تماما، إذ تعتبر الهند ـ ومعها لبنان ـ من أكثر دول العالم احتفاء بالسانت فلانتاين، وانطلقت مظاهر الاستعداد للاحتفال بعيد الحب 2018. وبدأ عشرات البائعين بتجهيز الورود الحمراء، وتصنيع مجسمات القلوب استعدادا لبيعها خلال الاحتفال بهذا اليوم، والذي يحل يوم الأربعاء 14 فبراير.

وفي ذات الاستعدادات لاستقبال المناسبة، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، بمقطع فيديو، مثير للجدل لشابة تونسية من مدينة صفاقس، وهي تتقدم فيه لخطبة صديقها وسط مجموعة من أصدقائهما، فقد ظهرت الفتاة وبكل جرأة معبرة عن حبها لصديقها في وقت وقع فيه الشاب تحت تأثير الحركة الدرامية لصديقته، وعقب احتضانها له جثت الشابة على ركبتيها مخرجة علبة حمراء تحوي خاتم الخطوبة في إشارة منها لطلب يده.

ردود الفعل إزاء ما يمكن تسميته بهذه الاحتفالية العالمية في البلدان العربية والإسلامية، تتصف بالتناقض على مستويات مختلفة وحتى بين المحتفلين أنفسهم، فهذا الشاب يحتفي بالحب وفي نفس الوقت لا يحتفي بعيد الحب، وتلك الفتاة تلتزم بكل المظاهر المعروفة ليوم” السانت فلانتاين”، لكنها وفي نفس الوقت تشكو غياب الحب وخلو هذا العالم منه في نظرة سوداوية لكنها لا تخلو من رومانسية.

وحدها الأرقام ـ وفق الطريقة الأميركية ـ تؤكد تقدم أو تراجع الاحتفال بهذه المناسبة في العالم، إذ تؤكد الرابطة التجارية لناشري بطاقات المعايدة في الولايات المتحدة الأميركية أن عدد بطاقات عيد الحب التي يتم تداولها في كل أرجاء العالم سنويًا يبلغ حوالي مليار بطاقة؛ الأمر الذي يجعل هذا اليوم يأتي في المرتبة الثانية بعد عيد الميلاد من حيث كثرة عدد بطاقات المعايدة التي يتم تداولها فيه.

وفي كل عام، أصبح الملايين من الناس يستخدمون الوسائل الرقمية لتصميم وإرسال رسائل المعايدة الخاصة بعيد الحب، والتي تأخذ شكل البطاقات الإليكترونية أو كوبونات الحب المصوّرة التي يتبادلها المحبون أو بطاقات المعايدة التي يمكن إعادة طبعها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى