الدبلوماسيّ الأمريكيّ-اليهوديّ السابِق دنيس روس يُدافِع عن وليّ العهد

رأى الدبلوماسيّ الأمريكيّ- اليهوديّ الأسبق، دنيس روس، أنّ وَقْعَ وفاة جمال خاشقجي على السعودية ومستقبلها سيكون أكبر من تأثير مقالاته في صحيفة “واشنطن بوست”، لافتًا إلى أنّه في أفضل الأحوال، إذا لم يُقتل بناءً على أوامر مُسبقةٍ بل نتيجة تحمّس مفرط انتاب العناصر السعوديين، لا يزال هناك خطأ كبير في سياسة مصمَّمة لإسكات المُعارِضين، سواء عن طريق التسليم أوْ الترهيب.

وتابع في مقالٍ نشره على موقع معهد دراسات الشرق الأدنى، أنّه مهما بلغت أهمية المساعي التي يبذلها بن سلمان لتحديث السعودية والتوفيق بين الدين الإسلامي والحداثة، إلّا أنّ قتل خاشقجي وتضارب الروايات السعودية حوله يتجاوزان الحدود، إذ لا مبرر لأيٍّ منهما، ولا مفرّ من ارتدادهما سلبيًا على المملكة، ولا بُدّ من دفع الثمن.

وشدّدّ روس على أنّه يؤمن بأنّ لكلٍّ من الحكومة والقطاع الخاص في أمريكا مصلحةً كبيرةً في نجاح سياسة ولي العهد الرامية إلى تغيير المشهد السعوديّ، ولكن إدارة الرئيس ترامب قد لا تُركّز كثيرًا على هذه العوامل بينما تُولي اهتمامًا أكبر على عوامل أخرى، وهي: المصالح المُشتركة بين الدولتين لمواجهة العزم الإيرانيّ على الهيمنة على المنطقة، والمصالح الاقتصاديّة والتجاريّة الأمريكيّة في المملكة، مُوضحًا أنّ مفهوم إدارة ترامب للمصالح الأمريكيّة دفعها إلى محاولة السيطرة على تداعيات مقتل خاشقجي، لأنّه من غيرُ المُستبعَد أنْ يكون بن سلمان فعليًا مَنْ يُدير شؤون المملكة للسنوات القادمة.

وتابع روس قائلاً إنّ أعمالاً مثل قتل خاشقجي التي تُهدّد بتشويه السمعة تلقي أيضًا ظلال من الشكّ على استقرار المملكة وجدارتها بالثقة وتجعل استقطاب رؤوس الأموال أكثر صعوبة، وفضلاً عن ذلك، في حين أنّ توفير أشكال جديدة من الترفيه، كالأفلام والحفلات الموسيقية والمنتزهات الترفيهية، يُوفّر منفذًا للشباب السعوديّ، إلّا أنها لا تكفي لتحقيق أهداف الأمير التحوّلية: فالشباب بحاجة أيضًا إلى فسحة للتفكير والتحدث والتجمّع، وستُدرِك القيادة الذكيّة أنّه في زمن التحوّل الحقيقي، لا بُدّ من أنْ يكون هناك مجال لإزالة التوتر والاستياء.

وشدّدّ روس على أنّه في الوقت الراهن، يجب على إدارة ترامب أنْ تفرض ثمنًا لقاء قتل خاشقجي، ولكن بهدفٍ واضحٍ: يجب ألّا يكون القصد منه معاقبة السعودية بقدر ما هو إقناع العاهل السعودي وبن سلمان بضرورة إحداث تغييرٍ في السلوك.

وتحقيقًا لهذه الغاية، أضاف، ينبغي على الإدارة الأمريكيّة القيام بما هو أكثر من مجرد إلغاء تأشيرات الدخول الخاصّة بالأفراد المتورطين في عملية القتل أوْ فرض العقوبات عليهم، وتحديدًا: طلب تقرير كامل عمّا حدث ووضع حد للروايات التي تتغير كل يوم تقريبًا، فحتى لو كانت الأوامر المقدمة هي مجرد تسليم خاشقجي أوْ ترهيبه على طريقة المافيا، لماذا تمّ إرسال 15 شخصاً؟ وما سبب وجود طبيب شرعي بينهم؟ الإصرار على السماح للمراقبين الدوليين بحضور محاكمات أولئك الذين تتم مقاضاتهم، لإثبات أنّ المملكة لا تخفي شيئًا. إعلام الملك ووليّ العهد بأنّ واشنطن سترفع صوتها من الآن فصاعدًا وتتصرّف بصرامةٍ أكبر إزاء قمعهما للمعارضة والمعارضين.

ورأى روس ضرورةً لتعليق عملية تسليم الأسلحة الهجوميّة للمملكة، خصوصًا تلك التي استُخدِمت في اليمن حيث تركت آثارًا مروعة، كما يجب على واشنطن التوقّف عن دعم العمليات السعوديّة الجويّة في اليمن، حتى في الوقت الذي تزيد فيه واشنطن من إمداداتها من الصواريخ الدفاعية المضادة للصواريخ من أجل التصدي للقذائف التي يطلقها الحوثيون على السعودية، مُشدّدًا على أنّه يجب على واشنطن العمل على تسوية الخلاف مع قطر عبر إخبار الملك أنّ الولايات المتحدة ستقدم اقتراحًا وتتوقع من السعودية وقطر الموافقة عليه.

واقترح روس أيضًا الإصرار على إنشاء قناة “خالية من المفاجآت” تتّم من خلالها مناقشة القرارات التي قد تؤثر على كلٍّ من واشنطن والرياض قبل اتخاذ هذه القرارات، مُوضحا أنّه صحيح، إنّ وجود سفير أمريكيّ مفوّض في الرياض يتمتع بصلاحية اطّلاع دائمة ومناسبة التوقيت قد يُعتبر وسيلة بديلة لمنع الأعمال المتهورة وغير المدروسة، لكن المناقشات الممنهجة مع المسؤولين الرفيعي المستوى يمكن أنْ تحرص على عدم تسبّب أي طرف بالمفاجآت للطرف الآخر وعلى دراسة السياسات بصورة أعمق، على حدّ تعبيره.

واختتم روس قائلاً إنّه من الواضح أنّه يجب على إدارة ترامب أنْ تتصرّف في هذه المرحلة التي أقرّ فيها وزير الطاقة السعوديّ علانية بأنّها “أيام صعبة” وأزمة يمر بها السعوديون، لافتًا إلى أنّ الامتناع عن الردّ ليس خيارًا، وحتى في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأمريكيّة، إلى الحفاظ على العلاقات بين واشنطن والرياض، يجب عليها أنْ تُفهِم العاهل السعودي ووليّ العهد أنّ المخاطر كبيرة بالنسبة للسعودية إذا لم تُغيّر أسلوب عملها، بحسب قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى