تحليلات سياسيةسلايد

الرئيس السوري يصل الصين في أول زيارة له منذ عقدين.. كسر للعزل الدبلوماسي والحصار السياسي المفروض على دمشق

وصل الرئيس السوري بشار الأسد إلى مدينة هانغتشو في شرق الصين اليوم الخميس في أول زيارة للبلاد منذ عام 2004 في خطوة جديدة لإنهاء عزلة دبلوماسية استمرت أكثر من عقد في ظل العقوبات الغربية.

ووصل الأسد على متن طائرة تابعة لشركة إير تشاينا وسط ضباب كثيف، وقالت وسائل إعلام رسمية صينية إن ذلك “زاد من أجواء الغموض” في إشارة إلى حقيقة أن الزعيم السوري نادرا ما كان يشاهد منذ بداية الحرب الأهلية التي أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص.

ومن المقرر أن يحضر الأسد حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية ضمن أكثر من 12 من كبار الشخصيات الأجنبية قبل أن يرأس وفدا رفيع المستوى في سلسلة من الاجتماعات بعدة مدن صينية تشمل اجتماع قمة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وقال مصدر من الوفد السوري إن الأسد سيجتمع مع شي غدا الجمعة قبل يوم واحد من حضور افتتاح دورة الألعاب. ومن المقرر أن يعقد الوفد السوري اجتماعات أخرى في بكين يومي الأحد والاثنين.

ومن شأن ظهور الأسد إلى جانب الرئيس الصيني في تجمع إقليمي أن يضفي مزيدا من الشرعية لحملة بلاده الرامية إلى العودة ببطء للساحة العالمية، وقد انضمت سوريا إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية في عام 2022 وعادت من جديد إلى جامعة الدول العربية المكونة من 22 دولة في مايو أيار.

والصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد خلال سنوات النزاع المستمر في بلاده منذ العام 2011، بعد روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق، واللتين تقدمان لها دعماً اقتصادياً وعسكرياً غيّر ميزان الحرب لصالحها. وتندرج هذه الزيارة في إطار عودة الأسد تدريجيا منذ أكثر من سنة الى الساحة الدولية بعد عزلة فرضها عليه الغرب خصوصا بسبب الحركة الاحتجاجية في بلاده التي تطورت الى نزاع.

وبذلك، يُصبح الأسد آخر رئيس دولة، تُعدّ معزولة على نطاق واسع، تستضيفه الصين العام الحالي بعد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والإيراني ابراهيم رئيسي. كما استضافت الصين عددا من المسؤولين الروس.

وترافق الأسد زوجته أسماء ووفد سياسي واقتصادي.

وتشمل الزيارة لقاءات وفعاليات في مدينتي هانغجو وبكين.

وذكرت صحيفة “الوطن” السورية المقربة من الحكومة أن الأسد سيحضر حفل افتتاح الألعاب الآسيوية في هانغجو في 23 من الشهر الحالي.

ولم تعلّق وزارة الخارجية الصينية على مضمون الزيارة.

وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس سوري إلى الصين منذ العام 2004، فيما زار مسؤولون صينيون دمشق خلال فترة النزاع الدامي.

ودعمت الصين دمشق في المحافل الدولية ومجلس الأمن الدولي، فامتنعت مراراً عن التصويت لقرارات تدينها خلال النزاع، واستخدمت الفيتو الى جانب روسيا لوقف هذه القرارات.

ويقول المحلّل السياسي السوري أسامة دنورة من دمشق “هذه الزيارة تمثّل كسرا لنطاق مهم من العزل الدبلوماسي والحصار السياسي المفروض على سوريا، كون الصين دولة عظمى وذات ثقل على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي الدولي”.

وأضاف لوكالة فرانس برس “الصين تكسر التابوهات الغربية التي تحاول منع عدد من الدول من التعاطي مع ما تعتبره واشنطن دولا معزولة”.

وتفرض دول غربية عقوبات اقتصادية لطالما اعتبرتها دمشق سبباً أساسياً للتدهور المستمر في اقتصادها.

– “شريك موثوق” –

بالنسبة لدمشق، وفق دنورة، تُعدّ الصين “شريكاً موثوقاً” وخصوصاً في المجال الاقتصادي وإعادة الإعمار.

وعن استثمارات صينية محتملة، يقول “الصين لديها القدرة على إنجاز البنى التحتية في الإعمار في المناطق السكنية والمدنية بسرعة استثنائية”.

وكان الرئيس السوري أعرب في تصريحات سابقة عن أمله في أن تستثمر مؤسسات صينية في سوريا.

وترى الباحثة لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية التابعة لجامعة لندن، أن الأسد يحاول من خلال زيارته إلى الصين إيصال رسالة حول بدء “الشرعنة الدولية” لنظامه والدعم الصيني المرتقب في مرحلة إعادة الإعمار.

وتأتي زيارة الأسد في وقت تلعب بكين دوراً متنامياً في الشرق الأوسط، وتحاول الترويج لخطتها “طرق الحرير الجديدة” المعروفة رسميا بـ”مبادرة الحزام والطريق”، وهي مشروع ضخم من الاستثمارات والقروض يقضي بإقامة بنى تحتية تربط الصين بأسواقها التقليدية في آسيا وأوروبا وإفريقيا.

وانضمت سوريا في كانون الثاني/يناير 2022 إلى مبادرة “الحزام والطريق”.

وبالتوازي، تعزّز الصين حراكها الدبلوماسي، وقد استضافت خلال الأشهر الماضية قادة دول ومسؤولين يواجهون عزلة دولية بينهم البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو وممثلون عن حركة طالبان في أفغانستان. كما استقبلت الرئيس الفنزويلي الذي تواجه بلاده الغنية بالنفط أزمة اقتصادية خانقة.

 

وأعلن الكرملين الأربعاء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيزور الصين أيضاً في تشرين الأول/أكتوبر، في وقت تواجه موسكو غضباً غربياً جراء حربها في أوكرانيا.

وشهد العام الحالي تغييرات على الساحة الدبلوماسية السورية تمثلت باستئناف دمشق علاقتها مع دول عربية عدة على رأسها المملكة العربية السعودية، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية ثم مشاركة الرئيس السوري في القمة العربية في جدّة في أيار/مايو للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاما.

وتسارعت التحوّلات الدبلوماسية على الساحة العربية بعد اتفاق مفاجئ بوساطة صينية أُعلن عنه في آذار/مارس وأسفر عن استئناف العلاقات التي كانت مقطوعة بين السعودية وإيران.

وقال مسؤولون من مؤسسة البترول الوطنية الصينية إن المؤسسة، التي كانت تشارك في إنتاج النفط في عدة مناطق صغيرة، توقفت عن الإنتاج في عام 2014 تقريبا بعدما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ونشرت الولايات المتحدة قوات في سوريا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

يشكك محللون في أن الشركات الصينية تفكر في العودة إلى سوريا لاعتبارات أمنية ولتردي الوضع المالي في البلاد.

وقال صامويل راماني المحلل في معهد آر.يو.إس.آي البحثي بلندن “تحاول سوريا الحصول على استثمارات من الصين منذ فترة طويلة… لكن السؤال الأهم هو ما إذا كانت أي مقترحات نوقشت خلال هذه الزيارة ستتحول إلى مشاريع حقيقية”.

وأضاف “في الوقت الحالي، الصين محبطة جدا من الغرب، وسوريا تحاول تعزيز علاقاتها مع دول أخرى، لكن هل يمكن تحويل ذلك إلى شيء ملموس؟”.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى