الرئيس روحاني يحسِم أمره ويرفُض أيّ مُفاوضات ثُنائيّة مع ترامب

 

حسَم الرئيس الإيراني حسن روحاني الأمر، وبدّد كُل التقارير الإخباريّة التي تحدّثت عن لقاءِ قمّةٍ وشيك بينه وبين الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب على هامش اجتماعات الجمعيّة العامّة للأُمم المتحدة في الثّلث الأخير من هذا الشّهر، عندما أكّد أمام مجلس الشورى الإيراني رفض إجراء أيّ مُفاوضات ثُنائيّة مع الولايات المتحدة.

الرئيس روحاني أبدى الكثير من المُرونة في المُفاوضات مع الدول الأوروبيّة الثلاث وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، لإيجاد صيغ تُؤدّي إلى إنقاذ الاتّفاق النووي الإيراني من الانهيار، واستمرار التزام بلاده به، وأرسل وزير خارجيّته محمد جواد ظريف إلى فرنسا، ومدينة بياتريس التي انعقدت فيها قمّة السبع، ولكنّ الدول الأوروبيّة الثلاث لم تنجح في إقناع الولايات المتحدة في تخفيف عُقوباتها، والقُبول بالمُقترحات الأوروبيّة في هذا الصّدد، أيّ تقديم ضمانات ماليّة لإيران في حدود 15 مليار دولار والسّماح لها ببيع 700 ألف برميل من النفط يوميًّا، لأنّ إسرائيل ونُفوذها وسيطرتها على القرار الأمريكي أقوى منها مُنفردةً أو مُجتمعةً.

رِهان الرئيس روحاني على الجانب الأوروبي كشريكٍ فاعلٍ في الاتّفاق النووي كان رهانًا خاسرًا مُنذ البداية، لأنُ الأوروبيين لا يُمكن أن يكونوا ندًّا، بل تابعًا لأمريكا، وبالتّالي لا يملِكون أيّ أوراق ضغط عليها، وإن ملكوا فإنّهم يتردّدون كثيرًا في استِخدامها.

المُضي قُدمًا في تنفيذ المرحلة الثالثة من تخفيف الالتزام الإيراني ببُنود الاتّفاق النووي ربّما يكون هو الرّد الأقوى على هذا التردّد الأوروبي، لتعزيز الموقف الإيراني، والتّأكيد على مصداقيّته، والحِفاظ على هيبته في المرحلتين الأولى والثانية زادت إيران من مخزونها من اليورانيوم المُخصّب أكثر من مئة كيلوغرام فوق السّقف المُحدّد في الاتّفاق وهو 300 كيلوغرام، ورفعت نسبة التّخصيب من 3.5 بالمئة إلى أكثر من 5 بالمئة، وزادت من كميّة أجهزة الطرد المركزي في معمل آراك بعد إعادة تشغيله.

لا نعرف ما هي الإجراءات التي سيتم اتّخاذها في المرحلة الثالثة في حال الإقدام عليها، نتيجة عدم توصّل الأوروبيين إلى نتائج بشأن مُقترحاتهم المُتّفق عليها لتخفيف العُقوبات، ولكن ما نعرفه جيّدًا أنه من الصّعب أن تُوافق أمريكا عليها قبل الموعد النهائي لدخول هذه المرحلة مرحلة التطبيق يوم الجمعة المُقبل، ليس لضيق الوقت وإنّما لانعدام الرغبة الأمريكيّة في التّجاوب وتخفيف الحِصار بالتّالي، ولكنّنا نتمنّى بأن تزيد السلطات الإيرانيّة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى عشرة أو حتى عشرين في المِئة في الأيّام المُقبلة.

أمريكا وباختصارٍ شديدٍ لا تُريد تخفيض العُقوبات على إيران، والسّماح لها بتصدير نفطها إلا إذا تنازلت كُلِّيًّا عن ترسانتها الصاروخيّة، وأوقفت دعمها لحُلفائها في لبنان (حزب الله)، والعِراق (الحشد الشعبي)، وسورية، لأنّ هذه الشروط والمطالب إسرائيليّة بالدّرجة الأُولى، والهدف منها تركيع إيران وخلع كُل أنيابها ومخالبها تمهيدًا لغزوها وتقسيمها مثلما حدث لجارها العِراقي.

لا نستبعِد أن يكون السيّد علي خامنئي المرشد الأعلى قد تدخّل وطلب من السيّد روحاني وقف هذا المسار التفاوضي غير المُجدي مع أوروبا، لأنّه بات يُلحِق ضررًا بإيران ويهُز صورتها ليس في العالم فقط، وإنّما أمام مُواطنيها أيضًا.

الموقف القويّ الصّارم المُتمسّك بالثوابت الوطنيّة هو الذي يُغيّر المُعادلات، ولصالح إيران، ومطالبها المشروعة في رفع الحصار، وتجسّدت هذه الحقيقة بوضوح عندما أسقطت الصواريخ طائرة مُسيّرة أمريكيّة اخترقت الأجواء الإيرانيّة، وجرى إجبار سلطة جبل طارق بالإفراج عن الناقلة الإيرانيّة بعد احتجاز ناقلة بريطانيّة.

المُرونة الدبلوماسيُة مطلوبة، بل وضروريّة، عندما يكون الطّرف الآخر مُقدّرًا لها ومُتجاوبًا معها، ولكنّ الحال ليس كذلك في الجانب الأمريكي، بل والاوروبي أيضًا، لأنّ هؤلاء يُفسّرون المُرونة على أنّها ضعفٌ واستسلامٌ، ولا نعتقد أنّه هذا هو الحال الإيراني الرسمي والشعبي.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى