الرئيس عباس يُغضب الفلسطينيين بقرار صادم يُنهي دور منظمة التحرير..
أثار الرئيس الفلسطيني محمود عباس حالة من اللغط والشكوك والغضب في الساحة الفلسطينية بعد إصداره قرارا مفاجئا ولأول مرة في التاريخ الفلسطيني، بإلغاء دور منظمة التحرير وتحويل كل مكوناتها لدائرة تابعة للسلطة الفلسطينية (الدولة)، بعد أن كانت منذ نشأتها الجامع لكل المؤسسات بما فيها السلطة بحد ذاتها.
وتنص الفقرة الأولى من القانون المؤرخ إصداره بتاريخ 2022/2/8، ولم ينشر بعد في الجريدة الرسمية، على أن “دوائر الدولة هي منظمة التحرير الفلسطينية، ودوائرها، ومؤسساتها، والمؤسسات التابعة لها كافة”، الأمر الذي خلق حالة من الجدل بين أوساط القانونيين والسياسيين.
وجاء في المادة (1) من هذا القرار بقانون: “دوائر الدولة 1. منظمة التحرير الفلسطينية، ودوائرها، ومؤسساتها، والمؤسسات التابعة لها كافة”.
المحامي والقاضي السابق أحمد الأشقر، قال: “إنه ولأول مرة في التشريع الفلسطيني، يشار إلى منظمة التحرير على أنها دائرة من دوائر السلطة، معتبرا أن الأمر مثلبة قانونية”.
وأشار الأشقر، إلى أن الأصل أن تكون منظمة التحرير هي الإطار الذي يسع السلطة الفلسطينية وليس العكس، مضيفا: هذه الإشارة قد يفهم منها أن المنظمة في مرتبة أدنى من السلطة، وهذا أمر خطير.
ولفت الأشقر، إلى أنه “على أرض الواقع يتم التعامل مع المنظمة على أنها أقل مرتبة من السلطة، ولكن إن تم تشريع ذلك سواء عن قصد أو جهل، بما حمل من مضامين، يؤدي إلى المس بالمكانة التنفيذية للمنظمة، وهو بحاجة إلى مراجعة تشريعية”.
ويرى الأشقر، أنه “لن تكون هناك تبعات قانونية على إدراجها، لأن الواقع يتعامل مع المنظمة على أنها أدنى مرتبة من السلطة، والنص جاء فقط بحسب اعتقادي لغايات التعريف ولا يؤثر قانونيا إلا في مسار الإجراءات القانونية في دعاوى الدولة، ولا يندرج إلا في إطار المحاكمات الوطنية وقد يفهم منه النظرة العامة للمنظمة في النظام السياسي”.
كما يرى المركز الفلسطيني لاستقلال القضاء والمحاماة “مساواة”، أن القرار بقانون له مبتغى سياسي وليس قانونيا، وتم توقيعه دون تبيان النص القانوني الذي تم الاستناد إليه في القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، مشيرا إلى أن القرار بقانون فيه مخالفته للمبادئ الدستورية من حيث الاختصاص ومبررات الإصدار التي جاءت منطوية على عديد من الانتهاكات والمثالب التي تمس بحقوق الإنسان ومبادئ “دولة القانون” ما يوجب عدم نشره والعمل على إلغائه.
وأشار “مساواة”، إلى أن ديباجة القرار بقانون خلت من الإشارة إلى الالتزام الدستوري الموجب لعرض القرار بقانون على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدوره، وعلى الرغم من أن عدم الإشارة إلى ذلك لا يشكل إعفاءً من واجب العرض إلاّ أنه يُنبئ بعدم توفر النية والإرادة السياسية لإجراء الانتخابات التشريعية والعامة كمتطلب دستوري وحق للفلسطينيين.
وأكد، في بيان له أن استناد القرار بقانون إلى ما أسماه الاطلاع على رأي مجلس القضاء الأعلى، يُشكل مخالفة صارخة للقانون الأساسي الفلسطيني.
وبحسب “مساواة”، فإن ما ورد في المادة الأولى من اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية دائرة من دوائر الدولة، فيه تجاوز خطير لمكانة منظمة التحرير بوصفها شخصا من أشخاص القانون الدولي العام والسلطة الفلسطينية تتبع لها وليس العكس، بما له من تبعات ومخاطر سياسية وقانونية.
وذكر المركز، أن ما ورد في القرار بقانون ينطوي على مساس خطير بأحكام القانون الأساسي وحقوق الأفراد ويُشكل مخالفة صريحة للمادتين 10 و 32 من القانون الأساسي حيث حظر هذا النص على الأفراد إقامة أية دعوى مدنية تتعلق بالتعويضات عن انتهاكات حقوق الإنسان والتي صانتها المادة 32 والتي نصت على: “كل اعتداء على أي من الحريات الشخصية أو حُرمة الحياة الخاصة للإنسان وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون الأساسي أو القانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الضرر”، في حين أن نص المادة الخامسة من القرار بقانون حظر سماع المحاكم لأية دعوى (مدنية) ضد دوائر الدولة سواء كانت أصلية أو متقابلة إلاّ إذا كانت لغايات أوردها النص على سبيل الحصر ولم تتضمن دعاوى التعويض عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وأوضح أن القرار بقانون بشأن “دعاوى الدولة”، يشير إلى الإخلال بمبدأ المساواة بمخالفة صريحة لأحكام المادة 9 من القانون الأساسي وجوهر مبادئه الدستورية.
ورأى “مساواة”، أن ما ورد في المادة 13 من القرار بقانون من وقف نفاذ قانون دعاوى الحكومة رقم 25 لسنة 1958 وتعديلاته لا يقوم مقام الإلغاء أو التعديل بل ينصرف إلى تجميد العمل وهو ما يُناقض مبدأ التطبيق الزماني للتشريع.
وفي التعقيب على ذلك قالت الهيئة الدولية (حشد) إنها تابعت باهتمام الاعتراض المجتمعي الذي قابل إصدار الرئيس الفلسطيني: محمود عباس قرار بقانون بشأن دعاوى الدولة.
وأضافت أن المادة الأولى منه تعمل على إلغاء دور منظمة التحرير وتعتبرها دائرة من دوائر الدولة؛ فيما الحقيقة الراسخة أن السلطة أو الدولة قد شكلت بقرار من منظمة التحرير التي تعتبر الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.
وعبرت عن رفضها لهذا الخلط؛ الذي من شأنه المس بمكانة منظمة التحرير الفلسطينية.
كما تجدد رفضها لسيل التشريعات والقرارات بقانون التي تصدر عن الرئيس الفلسطيني كونها تؤشر بوضوح لرغبة السلطة التنفيذية الاجهاز على ما تبقي من مبادئ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية بما ينذر بتعميق أزمة وانهيار مؤسسات النظام السياسي .
بدوره، تساءل المحامي الدكتور بسام القواسمة أستاذ القانون الدستوري في جامعة الخليل، حول الهدف من هذا القانون، مبديًا خشيته من أن يكون تمهيد ومقدمة لإنهاء دور منظمة التحرير الأساسي الذي أنشئت من أجله بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، والمتمثل في تحرير الأرض الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة!.
وأضاف القواسمة مستهجنًا: “ما هو مصير المجلس الوطني الذي تم انتخابه من الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، والذي يعتبر السلطة العليا للشعب الفلسطيني، وينظم عملها الميثاق الوطني الفلسطيني، والنظام الأساسي لمنظمة التحرير واللوائح ذات العلاقة..؟ كما نطرح هنا تساؤل ما هو مصير المجلس المركزي الذي أنشأ السلطة الوطنية، وكذلك مصير اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، اذا تم اعتمادها بحسب قانون دعاوى الدولة، بأنها دائرة من دوائر الدولة ..؟!”.