الرقص على صفيح ساخن
مؤخراً عرفت أن مصطلح “الرقص على صفيح ساخن” هو إحدى العقوبات التي كان الزنوج في أمريكا يتعرضون لها…
يسخّن سطح من الصفيح، يطلب من الزنوج المشي عليها. وفي محاولة لتبديد الألم كان الزنوج يتحركون رافعين أقدامهم في كل الاتجاهات ، فيما يشبه الرقص الهيستيري . ومن هذه الذاكرة المؤلمة نشأت الرقصات الزنجية الصاخبة المليئة بحركات سريعة عنيفة استعادية لألم تلك العقوبات.
في الإحصائيات الثابتة هناك 40 مليون أفريقي استعبدوا في أمريكا خلال خمسين سنة من اصطياد الزنوج وترحيلهم وبيعهم ليعمروا المدن، ويطوروا الزراعة، ويرفهوا عن البيض.
الزنوجة ما تزال تعبرعن بقائها كثقافة تفرقة، حتى اليوم بمختلف الأشكال. من التمييز في الوظائف والسكن والحقوق . وبين حين وآخر تضبط عدسات التصويرمشهداً للعنف الأبيض ضد العرق الأسود، كما في حادثة خنق جورج فلويد (شاب امريكي اسود) تحت قدم شرطي . لكن التعبير العنصري يتجلى في تعاطي الرئيس ترامب مع الحادثة، ومع المظاهرات والاحتجاجات. فيصبح الخنق تحت قدم الشرطي حادثة مفبركة ، إذ أن الفحوصات أثبتت أن جورج كان سيموت، بشكل طبيعي لأنه… مريض !
في عام 2007 سجلت الكاميرات سحل زنجي في الشارع، وبسبب الاحتجاجات على هذا الأسلوب في العقوبات الشرطية قتل حوالي 300 أسود برصاص الشرطة. وفي العام 1991 قال ترامب، تفسيراً لتسريح العمال السود من شركته بأن: السود سمتهم الكسل (السود من خصائصهم في الجينات… الكسل). وفي سنوات إبادة الهنود الحمر(100مليون هندي) كانت صفة الهنود في وعي وثقافة البيض ” العناد وعدم الانصياع والمقاومة” الأمر الذي جعل إبادتهم حلاً وحيداً. ولقد اخترع المستوطنون البيض طريقة للإبادة بتخصيص ثمن لكل رأس هندي يقدم إلى “مخفر الشرطة”. وعندما أصبح عدد الرؤوس التي يحملها صياد الهنود معيقاً ومتعباً، تقرر الاكتفاء بفروة الرأس كوسيلة اسهل لتعدّاد الطرائد.
آلاف الأشكال التي مورست ضد الهنود والزنوج… أسست ثقافة إبادة، وتمييز، وقسوة ما تزال علامة فارقة في سلوك الجنود الأمريكيين اليوم، عندما تُشاع “شيطنة العدو” تبريراً للفتك به.
لكن الغريب حقاُ أن لا تستطيع ثلاثة قرون من التطوروالحضارة والتمدن والدساتيروشرائع حقوق الإنسان… تبديد الهمجية التي تعيد إنتاج العنصرية ، فتنعش حرية القتل والتفنن ببشاعته.
في الصحف الأمريكية، عشرات المرات، جرى استخدام “الرقص على صفيح ساخن” في عناوين الصحف… وصفاً مجازياً للأحداث، دون الأخذ بعين التاريخ، نشأة هذه الجملة الدرامية، تماماً كما حدث في الواقع :
ذهب الألم في حريق الأرجل الزنجية،المشوية على صفيح ساخن ، وبقيت… الرقصة !