الروايات الجديدة والدراما التلفزيونية: شدّ وجذب
تبدو أواصر القربى واضحة بين الدراما والروايات المصرية الجديدة. لا نعني الروايات التي تصدر اليوم، ولكن بالذات تلك التي يبدعها روائيون جدد هم أبناء الأجيال الجديدة الذين عاشوا وتشكلت رؤاهم وملامحـــهم الروائية في شروط الواقع الاجتماعي الراهن. ليست تلك مسألة شكلية تلامس الجـــيلية أو اختلاف الأجيال لكنها مقاربة لدور الواقع في أن يكون تربة ومنــاخاً ذا خصوصية لها القدرة دوماً على «استنبات» عالمها وبعثه في عالم الرواية بما هي أحداث وشخصيات وبما هي رؤى واختيارات تعكس المفاهيم والتصورات، بل كل ما يشكل صورة العالم الواقعي ويشكل معها رغبة المبدع في استعادة تلك الصورة في الرواية في سياق الشروط الفنية بالطبع.
ليست الرواية دراما تماماً وليست الدراما رواية تماماً، لكنهما مع خصوصيتيهما تتفقان في الكثير وتختلفان في طرائقهما فتركب الرواية زورق المخيلة فيما يقوم عمل الدراما على تجسيد مرئيات المخيلة وجموحها وهذا أحد أبرز الأسباب التي دفعت الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة الى أن يطلق على إبداعاته الدرامية مصطلح «الرواية التلفزيونية».
ما نتحدث عنه هنا يختلف قليلاً عن «الرواية التلفزيونية»، واختلافه يقع في ذهابنا نحو العوالم المشتركة أولاً، ثم قابلية الروايات الجديدة لأن تكون «سرديات مصورة» تزخر بالراهن بكل معطياته وتنفتح على ما فيه من مفاهيم هي ابنة التطورات الاجتماعية والسياسية والتي يمكن أن تؤسس لعلاقة متينة، متجددة، وبالغة الحيوية بين الرواية كأدب والدراما كفن. ذلك كان موجوداً دائماً في شكل أو آخر لكننا نراه اليوم بوضوح أكبر يعكس حضور الواقع في عالم الرواية، لكنه في الأهم يعكس انفتاح الروايات الجديدة على اللغة الفنية والمدى الذي وصلته في استفادتها من تلك اللغة وتوظيفه بنجاح على نحو غير مسبوق.
نقول هذا في صورة عامة ونتجنب الإشارة الى روايات بعينها، لأن ما وددنا الإشارة اليه هو وجود الظاهرة وما تضمره سطور الأدب الروائي من احتمالات علاقة أكثر تفاعلاً مع فن الدراما التلفزيونية، تلك الاحتمالات التي تغني الطرفين وتضعهما في مكانة أكثر تأثيراً في المتلقي الأدبي والمشاهد التلفزيوني في زمان صارت الصورة عنوانه الأبرز والأكثر رواجاً وقدرة على استثارة الاهتمام.
صحيفة الحياة اللندنية