تحليلات سياسيةسلايد

الرياض تسعى للحفاظ على علاقات متوازنة مع واشنطن وبكين

ثمن المسؤولون السعوديون المشاركون في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس الشراكة التاريخية مع الولايات المتحدة والعلاقات القوية مع الصين مؤكدين سعي بلادهم للعب دور للتقريب بين القوتين العظمتين.

وتحولت السعودية ساحة للصراع بين نفوذ القوتين العظمتين لكسب تاييد الدولة الخليجية في خضم متغيرات جيوسياسية يشهدها العالم والمنطقة خاصة بعد الحرب الأوكرانية وجهود واشنطن لاحتواء بكين والحاجة الملحة للطاقة.

ونجحت المملكة في ان تكون مجددا مركز اهتمام هذه القوى مع تصاعد احتياجها للطاقة والنفط في ظل أزمة الطاقة الحالية ولتدفع واشنطن الى إعادة التفكير في جدوى فرض ضغوط عليها فيما يتعلق بملف خفض إنتاج النفط ضمن تحالف اوبك+.

وشددت السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة في كلمتها خلال ندوة في منتدى دافوس اليوم الأربعاء على ان الحفاظ على الشراكة الإستراتيجية الطويلة الأمد بين الرياض وواشنطن “ضرورية للغاية” للاستقرار العالمي.

وأضافت السفيرة ريما بنت بندر آل سعود في إشارة للخلافات الاخيرة بين البلدين “نعم كانت هناك لحظة صراع وخلاف، لكن هذا لا ينتقص من حقيقة أننا حليفان استراتيجيان وأننا أصدقاء، وهذه العلاقة مهمة للعالم”.

ودخلت المملكة في خلافات مع الولايات المتحدة بسبب قرار الكارتل النفطي أوبك+ في سبتمبر/ايلول الماضي خفض إنتاج النفط بنحو مليوني برميل يوميا على خلاف الرغبة الأميركية التي سعت لتشديد الخناق على روسيا عقب اجتياحها لاوكرانيا في شباط/فبراير الماضي.

وبسبب رفض الرياض الخضوع للمطالب الأميركية برفع الإنتاج والتأكيد على ان القرار اقتصادي بحت صعدت إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن من ضغوطها عبر مناقشة إبطاء المساعدات العسكرية للرياض بما في ذلك الاسلحة الدفاعية في خضم التهديدات التي يمارسها الحوثيون في اليمن المدعومين من ايران على امن الخليج وهو ما اعتبرته المملكة سلوكا غير مساعد على دعم العلاقات الثنائية في مواجهة خطر مشترك.

وواصلت واشنطن ضغوطها على المملكة بالعمل على تحريك قانون جاستا بالتعويل على قضية التعويضات الخاصة بأسر ضحايا 11 سبتمبر/أيلول وتحميل السعودية التبعات القانونية وهو امر اثار غضب السعوديين الذين أصبحت لديهم قناعة بضرورة تنشيط دبلوماسيتهم الاقتصادية وسياساتها الخارجية باتجاه تنويع مصادر التسلح والانفتاح أكثر على العالم وعلى شركاء آخرين منافسين وخصوما للولايات المتحدة مثل الصين.

وتؤكد السعودية أنه لا يمكنها أن تبقى رهين تقلبات سياسات واشنطن مع تغير الإدارات الأميركية وانها تتعامل بمنطق حماية مصالحها ومصالح شعبها وهو ما يفسر توجهها نحو الصين الخصم الرئيسي للولايات المتحدة لكن مع التأكيد على الحفاظ على الشراكة التقليدية والتاريخية مع واشنطن حيث تعتقد الرياض انه لا يمكن التخلي عنها مهما تدهورت العلاقات بين البلدين.

وفي هذا الصدد قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان اليوم الأربعاء إن الصين “مهمة جدا للسعودية” وأكبر شريك تجاري لها “لكن الولايات المتحدة أيضا شريك مهم واستراتيجي للغاية”.

وأضاف متحدثا في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس “هدفنا حقا هو جسر الهوة وأن نكون قوة اتصال ونحن نشجع التواصل، سواء كانت الصين أو الولايات المتحدة أو غيرها”.

وأردف “نضطلع بدورنا ويمكنكم التعويل على السعودية لمواصلة لعب هذا الدور”.

ويظهر من خلال تصريحات الوزير السعودي ان الرياض تريد ان تلعب دور الوسيط لتقريب وجهات النظر بين الدولتين العظمتين وان تخفف بذلك من حالة الاحتقان بينهما خاصة وان المملكة أصبحت تمتاز بعلاقات قوية بالبلدين يكن ان تستغلها في انجاح هذا التقارب.

وتنظر الولايات المتحدة التي تسعى لاحتواء الصين بكثير من القلق من تصاعد التعاون بين بكين والرياض في مختلف المستويات خاصة بعد الزيارات المتبادلة بين قيادة البلدين في الاونة الاخيرة.

وأثارت الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جينبينغ الى الرياض في ديسمبر/كانون الاول الماضي ولقاؤه ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان مخاوف واشنطن من خسارة حليف تقليدي مثل المملكة خاصة بعد تمكن بكين من  توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات مع الجانب السعودي.

وتعمل الصين أكبر مستهلك للنفط السعودي، على تقوية علاقاتها التجارية والسياسية مع منطقة تعتمد منذ فترة طويلة على الولايات المتحدة في الحماية العسكرية.

 

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى