الزَّيدية والشِّيعة الإمامية… أبرز الاختلاف (محمد بن محمد المهدي)

 

محمد بن محمد المهدي*

  

من نقاط الاختلاف المهمة والمفصلية بين الزيدية والإمامية، وفي حالة الإمامية ليس هناك اتفاق بين علمائه إلا على الأساسيات، بمعنى الاجتهادات لها دور في الاختلاف :

إمامة الاثني عشر

حصر الإمامية الإمامة في الإثنا عشر إماماً المعروفين، وقالوا بكفر مَنْ لا يؤمن بولايتهم، وبكفر من ادعاها من غيرهم كائناً مَنْ كان، ولذلك اتفقوا على أن زيد بن علي رضي الله عنهما، إن كان قد خرج داعياً لنفسه فهو كافر، وإن كان خروجه للدعوة إلى الرضا من آل محمد فليس بكافر، ومما هو معلوم أنه رضي الله عنه خرج داعياً لنفسه، وعلى هذا فَهُمْ قد حكموا عليه بأنه كافر على مذهبهم.
أما الزيدية، فلم يحصروا الإمامة في أولئك الإثنا عشر، وإنما أجازوها في كُل علويٍ فاطمي من البطنين؛ إذا توفرت فيه الشروط ودعا إلى نفسه.

إمامة الشيخين: أبي بكر وعمر

رفض الإمامية إمامة الشيخين، بل تعدى بعضهم، المتأثرون بالفكر الصفوي، إلى القول بكفرهما ولعنهما، وزعموا أن من مهمات مهديهم إقامة الحد عليهما.
أما الزيدية، فمعظمهم يقولون بصحة إمامتهما، مع كونهم يفضلون علياً، ويقدمونه عليهما.

التقية

يعتبر الإمامية التقية واجباً من الواجبات، لا يجوز لأحد تركها قبل خروج مهديهم المزعوم، كما أنهم اعتبروا مَنْ لا تقية له لا دين له، واعتبروا ممارستها ديناً، سواءً في السراء أو الضراء وكتبهم مملوءة بذلك، والإمامية في ذلك يخالفون بقية المسلمين، بما في ذلك الزيدية الذين لا يعتبرون التقية إلا في الحالات الضرورية، التي يُسَوغُ فيها ارتكاب بعض المحرمات؛ لدفع الهلاك عن النفس.

غَيبة المهدي في السرداب

بين الإمامية وبقية المسلمين في قضية المهدي بون واسع وفرق شاسع؛ فالإمامية يقولون بأن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري، الإمام الثاني عشر عندهم، والذي زعموا أنه ولد عام 255 هـ، ودخل السرداب في غيبة صغرى استمرت قرابة الـ69 عاماً، ثم دخل في غيبة كبرى من عام 329 هـ، واستمرت إلى عصرنا هذا.
بينما الزيدية كبقية المسلمين يقولون بخروج المهدي، الذي تواترت فيه الأحاديث والأخبار، وأنه سَيَمْلأُ الأرض عدلاً، كما مُلِئَتْ جَوْراً في آخر الزمان، ومن دون تحديد لوقته، كما هو قول أهل السنة، فلا هو موجود في السرداب، ومهمته تختلف عن مهمة مهدي الإمامية، فمهدي السنة والزيدية يملأ الأرض عدلاً، ومهدي الإمامية يملؤها فساداً.

إباحة زواج المتعة

انفردت الإمامية من بين جميع الفرق بالقول بجوازه ومشروعيته، وخالفهم في ذلك جميع طوائف ومختلف الفرق حتى الباطنية، وممن خالفهم الزيدية وجميع المذاهب، وكلام الإمام الهادي في الأحكام على الإمامية الإثنا عشرية، وأنهم أحلوا ما حرم الله في المتعة، ونقضوا الكتاب وقد شنع عليهم واضح جلي.

من المرجحات عند الإمامية مخالفة أهل السنة

بمعنى أنه إذا كان لديهم أقوال في مسألة ما، فالراجح عندهم القول الذي يخالف القول المعمول به عند أهل السنة. أما الزيدية فلا يقولون بذلك، بل يرجعون إلى طرق الترجيح المعروفة عند الأصوليين.

موقف الزيدية من الإمامية

بدأ الصراع بين جناحَيْنِ شِيعِييْنِ: الزيدي، والإمامي، أحدهما معتدل في حكمه على مخالفيه وفي نظرته إلى قضية الإمامة – قياساً على الجناح الآخر المتشدد- بدأ الانشقاق والافتراق بعد رفض الإمام زيد، رحمه الله، البراءة من الشيخَيْنِ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ عندما اشترط عليه الغلاة شرطاً قاسياً؛ لكي يجاهدوا معه جيوش هشام بن عبدالملك، لقد طلبوا منه أن يتبرأ من الشيخين فأبى، وما كان لزيد ولا غيره، من آل بيت النبوة، أن ينسلخوا من حلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه وآله، فجده رسول الله، وجده علي وآل بيته، كانوا عنهما راضين ولهما موالين.
فبعد أن فرغوا من تكفير الأصحاب والأمة كاملة، عادوا إلى زيد بن علي وأتباعه؛ فحكموا عليهم بصنوف من الأحكام القائمة على الظلم، فهم عندهم نواصب أو شبههم أو شر منهم، ونزلوا فيهم النصوص التي ينزلونها على أهل السنة، وهي أدلة لا يجوز إنزالها على المسلمين من السنة والزيدية وغيرهم.
وأسرفت الإمامية في الحكم على الزيدية؛ حتى أنكروا تشيعهم، وجرحوا رواتهم، ويكفي لجرح الراوي عند الإمامية؛ كونه زيدياً، وحكموا عليهم بالكفر الصريح حتى قال المجلسي: «كتب أخبارنا مشحونة بالأخبار الدالة على كفر الزيدية وأمثالهم»، لقولهم بصحة الإمامة في غير الإثنا عشر، وكفروا زيداً لو خرج داعياً لنفسه بالإمامة).
وأما كلام علماء الزيدية عبر العصور في الإمامية فأكثر من أن يحصر، وأرى أن المطلع على كلام أئمة الزيدية في الإثنا عشر؛ سيدرك الهوة السحيقة بين المذهبين، بحجة أن الزيود روافض، وسيدرك خدع الإمامية للمسلمين في دعوى أن الخلاف بينهم وبين المذاهب الإسلامية إنما هو في الفروع، وهيهات أن يكون الأمر كذلك، وأول خلاف بينهم وبين بقية المسلمين قول كثير منهم بتحريف القرآن.

خلاصة من بحث الشيخ محمد بن محمد المهدي الموقف 'الزيدية والاثني عشرية أوجه الاتفاق والاختلاف'، ضمن الكتاب 31 (يوليو 2009) 'الشيعة في اليمن' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.

ميدل ايست أونلاين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى