السذاجة في السياسة

“علماء المستقبل صارت وظيفتهم إدامة الحاضر”
________________________________

“كل ما أتمناه…ألا يساء فهم الخطوة الروسية. فيترتب على ذلك، مثلاً، الهجوم على قاعدة حميميم في جبلة (سورية)، لاحتلال الكرملين في موسكو.” هذا رد فعلي على سحب بعض القوات الجوية الروسية من سورية. ومرارة السخرية مصدرها تجاربنا، نحن السوريين، مع الفهم الخاطىء، المقصود والساذج، لكثير من الأحداث، والذي ترتب عليه، خلال هذه الحرب الطويلة، قرارات عديدة ومصائب كثيرة…. السخرية من المعارضة التي تفهم برغباتها، ومن النظام الذي يفهم بعضلات سواه.

فالفهم الخاطىء لطبيعة النظام السوري وقدرته على البقاء، فتحت طريق المال الخارجي والجهاد الديني، لاسقاط سريع للنظام. فدفع الشعب في طرفي الخندق ثمناً باهظاً،ومازال.

الفهم الخاطىء لقوة حلفاء سورية جعل البعد الإقليمي بطلاً ميدانياً، فدفع الشعب ثمن صراع الله مع مفسري علومه، وأحزابه،ووكلائه.

الفهم الخاطىء للثابت والمتحول في المعادلات الدولية، قوة الروس الجديدة بدل قوة السوفييت الآفلة. أمريكا أوباما ذات القفازات، بدل البوشيه ذات الأظلاف. جعلت اللاعبين المحليين والإقليميين لا يعرفون حدود القوة وفعالية الثروة، وتفاصيل مسارح العمليات…فدفع الشعب السوري ثمن الارتباك، وتصميم قيادة الأحداث على شكل جريمة متصلة.

ثمة أجوبة بديهية، يستغرب المرء كيف لا يضعها أمامه من يقرأ الأحداث.

مثلاً الروس لم يأتوا بهدوء… لكي يذهبوا بسرعة. ولم يقصفوا مستودعات داعش… ليبقوا على محاكمهم الشرعية.

مثلاً: الأمريكي لا يسكت عن قواعد روسية في سورية، وطائرات بلغت عدد طلعاتها عشرة ألاف طلعة ، ذون ان يكون هناك اتفاق بين الرئيسين الروسي والأمريكي… الاتفاق الذي يجر، بالضرورة، مجموعة تفاهمات حول مجموعة قضايا.

ومثلاً: لا يمكن للمعارضة أن يكون جدولها هو “إسقاط النظام”، عبر جنيف وبموافقة وفد النظام. كما لا يمكن للنظام أن ينتصر في جنيف السلمية ما دام لا يسحق خصومه في الميادين الحربية.

ومثلاُ: الأكراد يدركون أن إعلان مناطقهم مستقلة غير واقعي، لأنه خطوة من طرف واحد، وضمن فوضى لم تنته بعد، ولا أمل في استقرارها قريباً. وبسبب معارضة أطراف قوية عديدة.

يضاف إلى المشاهد التي لا يمكن حصرها في خانة الأخطاء الساذجة وحسب… ضعف الإرادات السياسية في مؤتمر جنيف الأخير (الحالي) حيث يبدو الجميع مرتهنين لأفكار ومبادىء وشعارات…وكلها رهينة عند مراجع من خارجها. (جماعة الرياض، جماعة القاهرة، جماعة موسكو، السلطة، جماعة الداخل، الخارج، المدني، الديني…إلخ) حيث يبدو المشهد، في جنيف، ساذجاً على نحو ما. فهو بلا تفاوض، بلا أفكار خلاقة، بلا حلول قابلة للحلول، بلا مرحبا…ولا رائحة طيبة للنوايا الطيبة.

هذه القضية الكبرى يستهتر بها أول من يستهتر هم صانعوها وواصفو صفاتها. مثلاً، هل هذا اسم لائق: الأزمة السورية؟ نصف مليون قتيل، وعشر ملايين مهاجر ولاجىء ،وشبه حرب عالميه….ومايزال اسمها الازمه السوريه!

بل ما يزال أطراف الأزمة يريدون ، بعد 3 جنيفات ، فحص مقدار تمثيلهم للشعب السوري. وما يزال الوفد عدة وفود، وما يزال النقاش عبر وسيط مكوكي بين أجنحة الفندق، والأهم والأخطر…أن لا أحد يبدو عليه، وفي كلامه، وسلوكه…لمحة أمل، صوت ثقة، وما يمكن أن نسميه: ضوء روح المحبة.

نموذج مختلف…وجه القائد” مانديلا “المليء أخاديد عذاب، وسجون. الطافح بالابتسام… تذكروا كلمته الشهيرة لشعبه: “ارموا السكاكين ، حتى سكاكين المطبخ ، في البحر”!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى