السعودية تتّجه إلى تدشين خط حرير للتنمية مع الصين
أكد وزراء سعوديون اتجاه بلادهم لتدشين خط حرير للتنمية مع الصين، كاشفين عن رغبة عربية صينية متبادلة لتوسيع الشراكات بين الجانبين، بينما تسعى بكين إلى تعزيز مكانتها كأكبر شريك تجاري للدول العربية، ضمن مساعيها لكسر الهيمنة الأميركية بالمنطقة.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اليوم الأحد في كلمة خلال افتتاح مؤتمر الأعمال العربي الصيني الذي تستضيفه الرياض لمدة يومين “اجتماعنا اليوم يعد فرصة للعمل على تعزيز وتكريس الصداقة العربية الصينية التاريخية والعمل على بناء مستقبل مشترك، نحو عصر جديد يعود بالخير على شعوبنا ويحافظ على السلام والتنمية في العالم”.
وأكد أن “زيارة رئيس الصين شي جينبينغ، إلى الرياض في ديسمبر/كانون الأول الماضي زادت من توطيد العلاقات في المجالات كافة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو التجارية”.
وأشار إلى وجود “رغبة متبادلة بين الدول العربية والصين لتطوير وتوسيع وتنمية حجم الأعمال الشراكات، من خلال الربط والمواءمة بما تمتلكه المنطقة العربية من ثروات طبيعة وإمكانيات بشرية وتطلعات طموحة”.
بدوره أعلن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إن بلاده تتجه لتدشين خط حرير للتنمية مع الصين، موضحا أن “طريق الحرير ستكون قائمة على استغلال الطاقات البشرية والثروات الطبيعية والاستثمارات بين الجانبين”.
وتابع “لا شك لدينا في أن وقود العالم العربي الذي سيطلق طاقات التعاون بينه وبين الصين يتمثل في المقام الأول في موارده البشرية، إذ يبلغ عدد سكانه أكثر من نصف مليار نسمة، غالبيتهم من الشباب”.
وأضاف “كما يكمن في الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية الذي يصل مجموعه إلى 3 تريليونات و500 مليار دولار، ثلثها تقريبا في المملكة، بالإضافة إلى الثروات الطبيعة وموارد الطاقة والموقع الجغرافي المميز”.
وأوضح أن “اتفاق التجارة الحرة الذي تتفاوض عليه حاليا الصين ودول مجلس التعاون الخليجي ينبغي أن يحمي الصناعات الخليجية الناشئة”، مضيفا أنه يأمل في إبرامه قريبا.
وانطلقت المحادثات المتعلقة باتفاق التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي في 2004 لكنها توقفت كثيرا وكان آخرها في 2016 بعد تسع جولات من المفاوضات.
وشهدت المباحثات في الآونة الأخيرة زخما جديدا في ظل دفء العلاقات بين المملكة والصين، مما دفع وزير الخارجية الصيني لإطلاق دعوة لاستئناف المحادثات في أوائل عام 2021.
وقال الفالح إنه يأمل أن تسفر المحادثات قريبا عن التوصل إلى اتفاق، مضيفا “المفاوضات طبعا مع مجلس التعاون بخصوص اتفاقية التجارة لا زالت قائمة وقطعت شوطا طويلا جدا والقيادة من الطرفين أبدت حرصا عليها”.
وأطلق أكبر اقتصادين في منطقة الخليج، السعودية والإمارات، إستراتيجيات صناعية جديدة لتعزيز النمو الاقتصادي المحلي والصادرات غير النفطية. وتعمل الرياض على تطوير بعض القطاعات مثل التصنيع المحلي والتعدين والمعادن والتكنولوجيا المتقدمة.
وتحدث الفالح عن المجالات التي تتطلع إليها دول مجلس التعاون في أي اتفاق قائلا “دول الخليج العربي والمملكة تحديدا كأكبر اقتصاد وأكثر قوة سكانية وقوة عمل بحاجة إلى تفعيل القطاعات الأخرى غير قطاع الطاقة”.
وتزيد الدول الخليجية ومنها الإمارات من حجم نشاطها في مجالي الاتفاقيات التجارية والشراكات الاستثمارية بينما تتطلع إلى تنويع اقتصاداتها التي تركز على الهيدروكربونات.
والصين الشريك التجاري الأكبر للدول العربية حيث بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بينهما 430 مليار دولار في 2022، بمعدل نمو 31 بالمئة على أساس سنوي.
وتمثل المملكة ما نسبته 25 في المئة من إجمالي التبادل التجاري، بحسب الوزير السعودي بفضل صادرات الرياض النفطية إلى بكين.
بدوره قال أمين جامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط في كلمته، إن “المملكة تستكمل اليوم في هذا المؤتمر جهودها الناجحة في احتضان قمة عربية صينية في 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي”.
ولفت إلى أن القمة العربية الصينية “أعطت دفعة للتعاون العربي في كافة المجالات السياسية والثقافة والاقتصادية، بفضل رغبة الطرفين الصادقة في الانتقال إلى رحاب أوسع”.
والدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال العرب والصينيين تنعقد في الرياض على مدى يومين تحت شعار التعاون من أجل الرخاء وتستضيفا السعودية للمرة الأولى بحضور أكثر من 3000 من 23 دولة، بحسب معلومات نقلتها وكالة الأنباء السعودية قبل أيام.
وتنظم الدورة وزارة الاستثمار السعودية بالشراكة مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية والمجلس الصيني لتعزيز التجارة الدولية، واتحاد الغرف العربية.
ويشارك فيها أكثر من 150 متحدثا من الوزراء وقادة الشركات الكبرى في الصين والدول العربية وتشهد ثماني جلساتٍ حوارية و18 ورشة عمل بخلاف اللقاءات الخاصة، والفعاليات الجانبية.
وأعلنت وزارة الاستثمار السعودية اليوم الأحد توقيع اتفاقات استثمارية بـ 10 مليارات دولار مع شركات صينية، خلال اليوم الأول من مؤتمر الأعمال العربي الصيني المنعقد في الرياض، من بينها صفقات ب 8 مليارات دولار على الأقل لمصلحة جهات في المملكة الخليجية.
وتوزّع المبلغ على “أكثر من 30 اتفاقا في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والزراعة والعقارات والمعادن وسلاسل التوريد والسياحة والرعاية الصحية”.
وتضمن ذلك “مذكرة تفاهم بقيمة 5.6 مليارات دولار بين وزارة الاستثمار السعودية وشركة تصنيع السيارات الكهربائية الصينية Human Horizons لإنشاء مشروع مشترك لأبحاث السيارات وتطويرها وتصنيعها ومبيعاتها”.
وأشارت الى اتفاق آخر “بقيمة 533 مليون دولار بين شركة أمار الأولى السعودية ومجموعة زهونغهوان الدولية (هونغ كونغ) المحدودة لإنشاء مصنعٍ لمعالجة الحديد الخام في المملكة العربية السعودية”.
وآخر “بقيمة 500 مليون دولار بين مجموعة ASK السعودية وشركة التعدين والجيولوجيا الوطنية الصينية لتطوير وتمويل وإنشاء وتشغيل مشروع لتعدين النحاس في منطقة الدرع العربي”.
ونجحت الصين في تأسيس شراكات واعدة في منطقة الخليج، التي مثّلت طيلة عقود منطقة إستراتيجية للأميركيين، كما لعبت بكين دورا محوريا في التوصّل إلى الاتفاق الذي أنهى سنوات من القطيعة بين السعودية وإيران.
وتحوّلت بكين إلى الشريك التجاري الأول لكل من السعودية وإيران وتربطها بهما شراكة إستراتيجية شاملة، فيما أثار هذا التقارب هواجس الولايات المتحدة التي كثّفت خلال الآونة الأخيرة مساعيها الهادفة إلى تحسين العلاقات مع المملكة.