السعودية تخطو للتخلص من ادمان النفط ببرنامج نووي سلمي
بدأت السعودية خطوات عملية لامتلاك برنامج نووي سلمي بهدف تنويع مصادرها من الطاقة بدل الارتهان تماما للنفط، إلا أن الطريق نحو تشغيل أول مفاعل سعودي لن يكون سهلا في ظل مخاوف متصلة بالحد من الانتشار النووي في الشرق الأوسط.
ووافق مجلس الوزراء السعودي الثلاثاء على السياسة الوطنية لبرنامج الطاقة الذرية، قبل نحو أسبوع من قيام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بزيارة إلى الولايات المتحدة بين 19 و 22 مارس/اذار.
وتؤكد السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، أن الاقتصاد هو دافعها الرئيسي لإقامة مشروع للطاقة النووية.
وتعاني المملكة منذ سنوات من انخفاض أسعار الخام وتواجه صعوبات في التأقلم مع الطلب المتزايد على الطاقة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017 قال وزير الطاقة خالد الفالح إن البرنامج النووي السعودي سيبدأ بمفاعلين ينتجان 1.2 و1.4 جيغاوط من الكهرباء.
وتنص السياسة الحكومية السعودية على “حصر جميع الأنشطة التطويرية الذرية على الأغراض السلمية في حدود الأطر والحقوق التي حددتها التشريعات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.
لكن طموحات هذه القوة الإقليمية الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعالم، تخضع رغم ذلك لعملية تدقيق ودراسة في واشنطن، خصوصا وأنها تأتي في خضم معركة مستمرة بين ادارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وطهران حيال برنامج إيران النووي.
وكانت المملكة سرعت خططها لبناء 16 مفاعلا نوويا خلال العقدين المقبلين، وفقا لمسؤولين ومحللين بكلفة تقارب 80 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تنتج هذه المفاعلات نحو 17.6 جيغاواط من الكهرباء، أي حوالى 10 بالمئة من حاجة المملكة، بحلول عام 2040.
عروض وشركات
ويتوقع أن تعلن الرياض الشهر المقبل عن لائحة مصغرة تضم شركتين أو ثلاث من بين تلك التي تسعى إلى الفوز بالعقود الخاصة بالمشروع النووي.
وقال عبدالملك الصابري وهو مستشار بمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة أن الشركات المتنافسة حاليا تنتمي إلى عدة دول بينها الصين وكوريا الجنوبية وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة.
وسيقع الاختيار في ديسمبر/كانون الأول 2018 على الشركة التي ستبني أول مفاعلين نووين، حسب ما أبلغ الصابري وكالة بلومبرع المالية في يناير/كانون الثاني، مشيرا إلى أن عملية البناء ستبدأ العام المقبل إلا أن التشغيل لن يتحقق قبل سنة 2027.
ويأتي قرار حيازة برنامج نووي متزامنا مع ارتفاع الطلب على الطاقة في السعودية بنسبة خمسة بالمئة سنويا، رغم تراجع هذه النسبة العام الماضي بفعل قيام الحكومة بوقف الدعم على المحروقات.
وقال عبدالله الشهري محافظ هيئة تنظيم الكهرباء في السعودية، إنه من المتوقع أن يتضاعف استهلاك الطاقة خلال السنوات الـ15 المقبلة، ليصل إلى 120 جيغاواط بحلول 2032.
وتعتمد المملكة على النفط والغاز لتوليد الطاقة وتحلية المياه، لذلك فإن اعتماد مصادر بديلة للطاقة في الداخل وبينها الطاقة الشمسية، سيسمح بتصدير كميات أكبر من النفط إلى الخارج بلد استهلاكها محليا.
وبحلول 2045، سيتم انتاج 55 بالمئة من الطاقة في السعودية من الطاقة البديلة وبينها الشمسية والحرارية والنووية والرياح، وفقا لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة.
ويشير خالد الفالح إلى أن المشروع هذا سيكلف السعودية نحو 67 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، إلا أن دراسة أجرتها نشرة “ميدل ايست ايكونوميك دايجست” الأسبوع الماضي أظهرت أن السعودية انفقت بالفعل 82 مليار دولار على مشاريع تتعلق بالكهرباء خلال العقد الماضي.
تكلفة وأسئلة
ووقعت السعودية خلال السنوات الأخيرة عددا من الاتفاقيات لتعزيز التعاون النووي مع أكثر من عشر دول بينها فرنسا والصين وروسيا.
وقد يثير المشروع السعودي جدلا في واشنطن حيث تدور معركة بين ادارة ترامب وطهران حيال الاتفاق الموقع مع إيران بشأن برنامجها النووي.
ويهدد الرئيس الأميركي بإنهاء الاتفاق، متهما إيران بخرقه مرارا، وسط مخاوف من أن تكون طهران تعمل سرا على انتاج أسلحة نووية.
ويحذر محللون من أن القدرة على انتاج أسلحة نووية قد تفتح الباب أمام احتمالات عسكرية في الشرق الأوسط، حيث تملك اسرائيل برنامجا نوويا وتقيم الامارات بدورها مشروعا من المفترض أن يبدأ انتاج الطاقة هذا العام. وقال جيمس دورسي من جامعة اس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة إن “المخاوف حيال انطلاق سباق تسلح في الشرق الأوسط سببها عدم اليقين بشأن استمرار الاتفاق النووي الموقع عام 2015 مع إيران”.
كما أن “استعداد الولايات المتحدة لمراجعة الضمانات الصارمة التي تطلبها في مقابل مصالح اقتصادية واستعداد موردين مثل روسيا والصين لتجاهل المخاطر الناجمة عن تقليل الرقابة”، يساهمان في تأجيج هذه المخاوف.
ميدل ايست أونلاين