السعودية تطلق أوضح إشارة على إعادة تطبيع العلاقات مع دمشق
وضعت السعودية حدا للتردد في إعادة تطبيع العلاقات مع سوريا، إذ حث الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي على الحوار مع دمشق حتى تتسنى على الأقل معالجة المسائل الإنسانية بما في ذلك عودة اللاجئين، مؤكدا أن إجماعا بدأ يتشكل في العالم العربي على أنه لا جدوى من عزل سوريا.
ويؤشر هذا التطور على أن الرئيس بشار الأسد حقق مكاسب سياسية هامة من الزلزال الذي تجاوزت حصيلة قتلاه 4300 شخص، فيما يبدو أن دمشق باتت في طريق مفتوح لتقليص المسافة بينها وبين دول كانت مترددة في اتخاذ قرار إنهاء القطيعة.
وتمثل هذه التصريحات التي أدلى بها الأمير فيصل في منتدى ميونيخ للأمن السبت تغيرا في السياسة التي تم تبنيها في السنوات الأولى للحرب الأهلية السورية المستمرة منذ ما يقرب من 12 عاما عندما دعمت دول عربية من بينها السعودية جماعات من المعارضة المسلحة قاتلت ضد الرئيس بشار الأسد.
وقال الوزير السعودي “سترون أن إجماعا يتزايد ليس فقط بين دول مجلس التعاون الخليجي بل في العالم العربي على أن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار”، مضيفا أنه في ظل غياب سبيل لتحقيق “الأهداف القصوى” من أجل حل سياسي فإنه بدأ يتشكل نهج آخر لمعالجة مسألة اللاجئين السوريين في دول الجوار ومعاناة المدنيين خاصة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا.
وتابع “لذلك، ينبغي أن يمر ذلك عبر حوار مع حكومة دمشق في وقت ما بما يسمح على الأقل بتحقيق الأهداف الأكثر أهمية خاصة فيما يتعلق بالزاوية الإنسانية”.
ولدى سؤاله عن تقارير تتحدث عن أنه قد يزور دمشق بعد أن زارها نظيراه الإماراتي والأردني بعد الزلزال، قال الأمير فيصل إنه لن يعلق على الشائعات.
وأرسلت الرياض طائرات محملة بالمساعدات لمناطق منكوبة تسيطر عليها الحكومة السورية في إطار جهود الإغاثة من الزلزال بعد أن أرسلت مساعدات في البداية فقط لشمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة.
وقال مصدر في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إن المساعدات سترسل مباشرة إلى مطار حلب الدولي وإلى الهلال الأحمر السوري ومقره في دمشق، مؤكدا أنه ما من قنوات تواصل مباشر مع الحكومة السورية.
وساندت السعودية بعض قوى المعارضة بعد الانتفاضة التي اندلعت في سوريا قبل أكثر من عقد وهو ما أدى في النهاية إلى قطع العلاقات تنديدا بالانتهاكات الواسعة التي ارتكبها النظام السوري ضد المدنيين.
وكانت دولة الإمارات أول دولة خليجية قد أعادت فتح سفارتها في دمشق في عام 2018 بعد سنوات من القطيعة، وفق رؤية سياسية واقعية لقطع الطريق على التغلغل الإيراني والتمدد التركي في الساحة السورية.
وأدى هذا التحرك الاماراتي إلى تحفيز النقاشات حول عودة سوريا إلى الحضن العربي واستعادة مقعدها في الجامعة العربية.
وقبل سوريا، ساهم تراجع الدور العربي في العراق في توسع النفوذ الإيراني، ما أكد وجاهة التوجه إلى إعادة العلاقات مع النظام السوري ووضع حد لحالة القطيعة.
وكانت قطر قد عادت لتنشيط دورها في سوريا بعد المصالحة الخليجية، لكن ضمن تنسيق وتناغم مع الدور التركي في سوريا. والدوحة من بين دول في المنطقة ساندت جماعات المعارضة المسلحة في الحرب الأهلية السورية.
وبدا أن الرئيس السوري الذي يتجنبه الغرب يستمتع بفكرة تدفق الدعم من دول عربية طبّعت العلاقات مع بلاده في السنوات القليلة الماضية خاصة الإمارات التي تهدف إلى دعم النفوذ العربي في سوريا للتصدي للتهديدات الإيرانية.
وتمكن الأسد من استعادة السيطرة على أغلب مناطق سوريا بدعم من روسيا وإيران وجماعات شيعية تدعمها طهران مثل حزب الله اللبناني، في حين تضغط الإمارات من أجل إعادة التواصل مع دمشق على الرغم من اعتراض الولايات المتحدة التي تفرض عقوبات لا تزال تشكل عاملا معقدا لمجريات الأمور في المشهد السوري.
ونجحت دمشق في كسر بعض العزلة المفروضة عليها إقليميا من خلال زيارات قام بها بعض المسؤولين العرب وكذلك مسؤولون في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بعد أن شكلت مأساة الزلزال فرصة واضحة للأسد من أجل محاولة دفع عملية تطبيع نظامه مع بقية العالم العربي والتي إن كانت تسير ببطء لكنّها تتقدم.
وسارع قادة وملوك دول عربية عدة إلى التواصل مع الرئيس السوري وإبداء تضامنهم، فيما يستثمر الأسد هذا الدعم العربي ويضغط من أجل إرسال مساعدات خارجية عبر الأراضي السورية للتحرر تدريجيا من العزلة الدولية المفروضة عليه.
ميدل إيست أونلاين