السعودية تقود جهودا دولية لرفع العقوبات عن سوريا
أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان من دمشق التي وصلها اليوم في زيارة دولة، قادما من لبنان، أن بلاده منخرطة في حوار فاعل مع الدول المعنية بشأن رفع العقوبات عن سوريا، لافتا إلى تلقيها “إشارات إيجابية” بخصوص ذلك.
وتشير زيارة الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق إلى أن المملكة تتهيأ للعب دور بارز في دعم سوريا الجديدة، بالتوازي مع استعادتها زمام المبادرة في لبنان إثر النكسات التي تكبدها حزب الله خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل وتراجع نفوذ إيران بعد سقوط حليفها بشار الأسد.
وأرسلت المملكة خلال الآونة إشارات تدل على أنها ستلقي بثقلها الإقليمي في المشهد السوري بعد سقوط نظام الأسد بالاعتماد على سياسة دبلوماسية وزانة تضع في صدارة أولوياتها تصفير المشاكل الإقليمية، بينما تكتسي الساحة السورية أهمية بالغة بالنسبة إلى المملكة، لا سيما في ظل المساعي التي تبذلها قطر وتركيا لتعزيز نفوذهما في البلاد.
والتقى الأمير فيصل بن فرحان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في أول زيارة له بعد إطاحة الرئيس بشار الأسد الشهر الماضي، فيما تتطلع دمشق إلى استثمارات من دول الخليج الغنية، وفق كالة الأنباء السورية “سانا”.
وقال خلال مؤتمر صحافي إلى جانب نظيره السوري أسعد الشيباني “أنوه مرة أخرى إلى أهمية الاستعجال في رفع وتعليق كافة العقوبات المفروضة على سوريا بأسرع وقت لإتاحة الفرصة للنهوض للاقتصاد السوري بالشكل الذي يدعم استقرار البلد”.
من جهته قال وزير الخارجية السوري إن “العقوبات ليست ضد الحكومة فقط ولكن هي ضد المؤسسات والشعب”، مضيفا “من هنا نؤكد على أهمية فتح قنوات جديدة للاستثمار والتجارة ودعم البنية التحتية وتوفير فرص العمل لأبناء الشعب السوري”.
وخففت واشنطن بعض العقوبات المفروضة على سوريا، في وقت سيكون الموضوع على جدول أعمال مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المقبل الذي سيعقد في بروكسل في 27 يناير/كانون الثاني.
وكانت القوى الغربية، بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فرضت عقوبات على حكومة الأسد بسبب قمعها الوحشي للاحتجاجات المناهضة لها في العام 2011 والتي أشعلت فتيل الحرب الأهلية في البلاد.
ومنذ إطاحة الأسد، تشكل دمشق وجهة لمسؤولين عرب وأجانب. وأعربت السلطات الجديدة عن رغبتها في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع السعودية التي زارها وزير الخارجية السوري مطلع الشهر الجاري في أول زيارة خارجية له.
وخلال مقابلة مع قناة العربية السعودية الشهر الماضي توقع الشرع أن يكون للمملكة العربية السعودية “دور كبير جدا” في سوريا حيث يمكن أن تستفيد من “فرص استثمارية كبرى” بعد سقوط بشار الأسد.
وقال “بالتأكيد السعودية سيكون لها دور كبير في مستقبل سوريا. الحالة التنموية التي نسعى إليها أيضا سيكونون السعوديون أيضا شركاء فيها”. وقال كذلك إنه ولد في المملكة حيث كان يعمل والده في ذلك الوقت، وعاش فيها لبضع سنوات في بداية حياته.
وتأمل الإدارة الجديدة خصوصا بالحصول على دعم المملكة في إعمار سوريا التي دمّر اقتصادها وبنيتها التحتية بسبب نزاع استمر أكثر من 13 عاما.
وقال وزير الخارجية السعودي اليوم الجمعة إن لقاءه الشرع يأتي “إنفاذا لتوجيهات قيادة المملكة بالوقوف إلى جانب سوريا وشعبها الكريم في كافة المجالات بما يحفظ استقرار سوريا”، مضيفا أن بلاده تثمّن “ما تقوم به الإدارة السورية الجديدة من خطوات إيجابية في الانفتاح والحوار”.
وقطعت السعودية، على غرار دول خليجية أخرى، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفارتها في فبراير/شباط 2012، احتجاجا على استخدام دمشق القوة في قمع احتجاجات شعبية اندلعت العام 2011 وسرعان ما تحولت الى نزاع مدمر.
وقدمت الرياض إلى جانب قطر ودول عربية أخرى، خصوصا في السنوات الأولى للنزاع، دعما للمعارضة السياسية والمسلحة، ودعت إلى ضرورة تغيير الحكم في سوريا.
لكنّ تغييرا طرأ على العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، وعادت الزيارات واللقاءات بين مسؤولي دمشق والرياض.
ودعمت المملكة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وأعلن البلدان استئناف علاقاتهما الدبلوماسية الكاملة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، قبل أن تسمي الرياض سفيرا في دمشق في مايو/أيار 2024.
وزار الأمير فيصل بن فرحان دمشق في 2023، في محاولة لدفع الأسد للابتعاد من إيران ومكافحة تجارة الكبتاغون، لكن دون نتيجة، وفق محللين.
ووصل وزير الخارجية السعودي إلى سوريا آتيا من لبنان وتأتي زيارته في ظل تغيير سياسي في البلدين، بحيث فقدت إيران حليفها الرئيسي في سوريا بشار الأسد، كما تراجع نفوذ حزب الله في لبنان المجاور خلال حربه مع إسرائيل.
وأعرب عن “الثقة” بقيادة لبنان الجديد للقيام بإصلاحات في البلاد، بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزيف عون. وكانت تلك أول زيارة يقوم بها مسؤول سعودي رفيع المستوى للبنان منذ 15 عاما شهدت توترا في العلاقات بين البلدين.
وجاء انتخاب عون رئيسا، وقد حظي بدعم السعودية والولايات المتحدة، بعد تغيّر موازين القوى في الداخل على خلفية نكسات مني بها حزب الله في مواجهته الأخيرة مع إسرائيل وسقوط حليفه بشار الأسد.
وخلال زيارة للبنان اليوم الجمعة، أكّد وزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا بعد لقائه المسؤولين اللبنانيين “أهمية تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية الشاملة لضمان تغلب لبنان على أزماته”.
ميدل إيست أون لاين