السفير الروسيّ بإسرائيل: القوّات الإيرانيّة موجودة بسوريّة بطلبٍ من الحكومة ولا يُمكننا مُطالبتها بالانسحاب
مَنْ كان بحاجةٍ إلى دليلٍ إضافيٍّ على عمق الأزمة بين موسكو وتل أبيب، ورفض الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتن الالتقاء برئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، على الرغم من “استجداء” الأخير لعقد اجتماعٍ تُنائيٍّ، ومَنْ كان بحاجةٍ للتأكّد من تأجج الأزمة بين الدولتين على خلفية إسقاط الطائرة الروسيّة في أيلول (سبتمبر) الماضي بالقرب من اللاذقيّة في سوريّة، بإمكانه الاستعانة بتعليق السفير الروسيّ لدى تل أبيب، أناتولي فيكتوروف، على موقفه من وجود قواتٍ إيرانيّةٍ في سوريّة.
وبحسب ما نقل الموقع الإسرائيليّ “تايمز اوف اسرائيل”، فإنّ فيكتوروف وصف مطالب إسرائيل بعدم تواجد جنود إيرانيين في جميع أنحاء سوريّة بالمطالب غير الواقعية، وغير الضرورية، على حدّ تعبيره. كما اعتبر فيكتوروف أنّ طهران لا تُخطِط لمهاجمة إسرائيل، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه لم يُقتل أيّ إسرائيليٍّ بنيرانٍ إيرانيّةٍ في السنوات الأخيرة، بينما قُتل عشرات الإيرانيين نتيجة غاراتٍ جويّةٍ إسرائيليّةٍ تمّ تنفيذها على الأراضي السوريّة، كما قال السفير الروسيّ في تل أبيب، مُضيفًا، بحسب الموقع الإسرائيليّ، أنّ الوجود الإيرانيّ في سوريّة، يأتي بطلبٍ من الحكومة السوريّة، ولا يُمكِن لموسكو الطلب منهم المغادرة.
ولفت الموقع في سياق تقريره إلى أنّ تصريحات فيكتوروف التي أطلقها خلال مؤتمرٍ صحافيٍّ داخل سفارة بلاده في تل أبيب، تطرّق أيضًا إلى القضية الفلسطينيّة، ولفت السفير فيكتوروف إلى أنّ موسكو ترفض تصنيف “حماس” كحركةٍ إرهابيّةٍ، داعيًا إسرائيل إلى التعامل معها كونها قوّة سياسيةً شرعيّةً، وفق كلامه.
وتابع سفير موسكو في تل أبيب قائلاً إنّ إسرائيل يجب أنْ تدخل في مفاوضاتٍ عاجلةٍ مع حماس حول مجموعةٍ كاملةٍ من القضايا المتعلقّة بالتسوية السياسيّة، مُستدرِكًا في الوقت ذاته أنّ ما يقوله هو أنّ حركة حماس هي قوّة سياسية شرعية في فلسطين، وأنّه على الفلسطينيين توحيد تمثيلهم السياسي في المفاوضات المستقبليّة مع إسرائيل، على حدّ قوله.
وحول إسقاط الطائرة الروسية في اللاذقية بسوريّة في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، والتي اتهمت موسكو تل أبيب بالتسبب بها، على الرغم من أنّ الدفاعات السوريّة هي التي أسقطتها، قال السفير فيكتوروف، إنّه ليس خبيرًا عسكريًا، لكنّه رفض الحجة الإسرائيليّة بأنّ الدولة العبريّة ليس لديها أيّ ذنبٍ في ذلك، كما أكّد.
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت موسكو تعتقد أنّ إسرائيل تصرّفت عن سبق الإصرار والترصّد لإلحاق الضرر بالطائرة الروسية أوْ إذا كانت حادثًا، ردّ السفير بالقول: هناك تعبير روسيّ مشهور: ماذا يعتبر أسوأ من الجريمة؟ إنه الخطأ، بحسب كلامه.
وفي تعليقه على التهديدات الإيرانية الدائمة لإسرائيل، قال فيكتوروف، إنّ مثل هذا الموقف غير مقبول بالنسبة لنا، ونحن نوضح موقفنا للإيرانيين. وقال السفير فيكتوروف إنّ تسليم منظومة صواريخ من طراز إس300 إلى سوريّة يجب ألّا يُنظَر إليه على أنّه إجراء عقابيّ من جانبٍ واحدٍ ضد إسرائيل، وبدلاً من ذلك، فعلت روسيا ذلك لأنّ علينا الدفاع عن حياة رجالنا العسكريين في سوريّة، على حدّ قوله.
بالإضافة إلى ذلك، أفاد الموقع الإسرائيليّ أنّ السفير فيكتوروف دعا الجانب الإسرائيليّ إلى تبادل المعلومات السريّة مع موسكو، وقال في هذا السياق، على حدّ زعم الموقع: في بعض الأحيان نحصل على الشعور بأنّ إسرائيل تعتقد أنّها الدولة الوحيدة التي لديها خدمةً سريّةً. لدينا أيضًا خدمةً سريّةً تقوم بالمراقبة، شأننا شأن الدول الأخرى، دعنا نتبادل المعلومات، وفق تعبيره.
وكان المُحلّل المُخضرَم في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنيع، كشف النقاب، نقلاً عن مصادر سياسيّةٍ وأمنيّةٍ وصفها بأنّها رفيعة المُستوى في تل أبيب، أنّ موسكو وجهّت مؤخرًا رسالةً حادّةً كالموس، مفادها أنّ قواعد اللعبة في سوريّة قد تغيّرت بشكلٍ كبيرٍ، الأمر الذي يعني أنّ الروس ماضون في منع حريّة الطيران لسلاح الجوّ الإسرائيليّ في الأجواء السوريّة، كما كان الحال في الماضي، أيْ قبل إسقاط الطائرة الروسيّة من قبل الدفاعات الجويّة السوريّة، وتحميل موسكو مسؤولية الحادث الذي راح ضحيته 15 عسكريًا روسيًا، لدولة الاحتلال.
وتابع المُحلّل قائلاً، نقلاً عن المصادر ذاتها، إنّ الرسالة الروسيّة للحكومة الإسرائيليّة كانت فظّةً للغاية، ولا تحتمل التأويل: “ما كان في سوريّة لن يكون بعد الآن”، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ ما أسماها بالمُشكلة الروسيّة يجب أنْ تُقلِق كثيرًا رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، لأنّ تداعياتها وإسقاطاتها على الأمن القوميّ للدولة العبريّة كبيرةً وخطيرةً جدًا، على حدّ تعبيره.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية