تحليلات سياسيةسلايد

السيسي في أول زيارة تاريخية لتركيا لدفع مصالحة متعثرة

استقبل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الأربعاء في أنقرة نظيره المصري عبدالفتاح السيسي في زيارة غير مسبوقة تهدف الى المصالحة بعد عقد من القطيعة بين البلدين. وأظهرت صور نشرتها الرئاسة التركية إردوغان وهو يصافح الرئيس المصري عند نزوله من الطائرة.

وعبر السيسي عن سعادته البالغة بزيارته الأولى إلى تركيا، ولقائه بنظيره التركي حيث قال في تغريدة على حسابه بمنصة اكس “أعرب عن سعادتي البالغة بزيارتي الأولى للجمهورية التركية، ولقائي  أردوغان، حيث تجمع بين دولتينا العريقتين علاقات تاريخية وشعبية متأصلة الجذور كما تربطهما علاقات سياسية قوية منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد الزعيم المؤسس مصطفى كمال أتاتورك”.

وأضاف “ولعل زيارتي اليوم، ومن قبلها زيارة الرئيس أردوغان للقاهرة، تعكس الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون بين مصر وتركيا، استنادا لدورهما المحوري في محيطهما الإقليمي والدولي، وبما يلبي طموحات وتطلعات شعبينا الشقيقين”.

بدوره قال أردوغان إن تركيا تريد توطيد علاقاتها مع مصر في قطاعي الغاز الطبيعي والطاقة النووية

وأكد في مؤتمر صحفي مشترك مع السيسي إن البلدين أكدا رغبتهما في تحسين العلاقات في شتى المجالات، منها التجارة والدفاع والصحة والطاقة والبيئة. ووقع وزراء من البلدين سلسلة من الاتفاقات قبيل تصريحات الرئيسين.

وقال الرئيس المصري إنه اتفق مع نظيره التركي على ضرورة الحفاظ على وحدة الصومال. وقعت أنقرة والقاهرة خلال الأشهر الماضية اتفاقات عدة في مجال التعاون العسكري مع الصومال الذي يشهد توترات حادة مع جارته إثيوبيا.

وأشار أردوغان، إلى أن تركيا ومصر تتبنيان موقفا مشتركا تجاه القضية الفلسطينية، وبين أن الأوضاع الأخيرة في فلسطين شكلت جوهر محادثات البلدين.

وقال إن “مساهمات تركيا ومصر في السلام والاستقرار الإقليميين تشكل أمرا حيويا”، وأكد اتفاق البلدين على إقامة مشاورات منتظمة لحل القضايا الإقليمية وخاصة فيما يخص قطاع غزة.

وشدد على أن إسرائيل وداعموها مسؤولون عن وفاة كل مدني بريء في غزة بسبب الجوع والعطش ونقص الدواء.

ولفت أردوغان إلى أن تركيا تواصل بذل جهود مكثفة من أجل محاسبة المسؤولين الإسرائيليين من مرتكبي الجرائم في غزة أمام المحاكم الدولية.

واستنكر أردوغان، خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الكونغرس الأمريكي، في يوليو/تموز الماضي، قائلا: “مكان قتلة 41 ألفا من الأبرياء (في غزة) ليس منابر البرلمان بل قاعات المحاكم لمحاسبتهم على جرائمهم”.

وتأتي زيارة الرئيس المصري لتركيا بعد زيارة أردوغان إلى القاهرة في فبراير/شباط، وهي أول زيارة له إلى مصر منذ عام 2012، متخذا خطوة كبيرة نحو إعادة بناء العلاقات التي توترت بشدة على مدى عقد من الزمن.

وقال مكتب الاتصال بالرئاسة التركية في بيان الثلاثاء “سيتم استعراض العلاقات التركية المصرية في جميع جوانبها ومناقشة الخطوات المشتركة الممكنة في الفترة المقبلة لمواصلة تطوير التعاون”.

وأضاف البيان “بالإضافة إلى العلاقات الثنائية سيجري تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة، وخاصة الهجمات الإسرائيلية على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وقالت الرئاسة المصرية في بيان اليوم الأربعاء “زيارة السيد الرئيس التاريخية لتركيا تمثل محطة جديدة في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين، وللبناء على زيارة الرئيس أردوغان التاريخية لمصر في فبراير/شباط الماضي، وتأسيسا لمرحلة جديدة من الصداقة والتعاون المشترك بين البلدين، سواء ثنائيا أو على مستوى الإقليم الذي يشهد تحديات جمة تتطلب التشاور والتنسيق بين البلدين”.

وأضافت أن اجتماعات السيسي في تركيا ستتناول “سبل الارتقاء بالعلاقات الثنائية في مختلف المجالات، إضافة إلى تبادل الرؤى إزاء القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وعلى رأسها جهود وقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنهاء المأساة الإنسانية بالقطاع وخفض التصعيد في الشرق الأوسط”.

ووقع أردوغان والسيسي في ختام الزيارة على البيان المشترك للاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.

ونشرت دائرة الاتصال في الرئاسة التركية البيان المشترك الذي أشار إلى أن عام 2025 يوافق الذكرى المئوية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر، وإرادة البلدين في رفع الشراكة والتعاون بينهما في كافة المجالات إلى المستوى الاستراتيجي.

وشدد البيان المشترك على “أهمية استكشاف سبل جديدة للتعاون بين البلدين على أساس مبدأ المصلحة المتبادلة والتضامن”، وذكر أن الطرفين “يهدفان إلى تعزيز السلام والازدهار والاستقرار في محيطهما وخارجه، ويكرران التزامهما بمبادئ وقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.

وأفاد بأن البلدين “ملتزمان بتعزيز التنسيق والتعاون الدوليين من أجل المساهمة في الجهود الدولية ومكافحة التحديات العالمية، بما في ذلك التنمية المستدامة وتغير المناخ وحماية البيئة والأمن الغذائي، من خلال الشراكة الاقتصادية ذات المنفعة المتبادلة”.

وأعرب عن الارتياح لتوقيع مذكرات تفاهم بين البلدين في مجالات المالية والبيئة والتخطيط العمراني والصحة والطاقة والأعمال والزراعة والطيران المدني وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم العالي والعمل والتوظيف والتعاون وتعزيز القدرات، والسكك الحديدية وسياسة المنافسة والتعاون بين الأكاديميات الدبلوماسية.

ولفت إلى أن البلدين قررا زيادة الجهود المشتركة من أجل تنويع وتعميق التعاون والتنسيق متعدد الأبعاد بين الطرفين من خلال تحديث الإطار القانوني الثنائي القائم في كافة المجالات بما يتوافق مع الاحتياجات.

وذكر أن “مجموعة التخطيط المشتركة” برئاسة وزيري الخارجية في كلا البلدين ستبدأ العمل على مواصلة تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات، على أن يتم إقرارها في الاجتماع القادم لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.

وأعرب الطرفان عن رغبتهما في زيادة حجم التجارة البينية إلى 15 مليار دولار أميركي (سنويا) من خلال مواصلة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية واستغلال الإمكانات القائمة.

كما أشار البيان إلى أن الطرفين اتفقا على مواصلة تحسين البيئة الاستثمارية في بلديهما لرجال الأعمال، وقبلا اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة المشاكل لدى الجانبين وتشجيع الاستثمارات الجديدة.

وجدد البلدان رغبتهما في دعم الاستثمار الأجنبي المباشر وأعربا عن استعدادها لتعزيز تعاونها في مجالات الصناعة والبنية التحتية، وأنه سيتم تشجيع التعاون الثنائي في مجالات المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال من خلال دعم رواد الأعمال الشباب لتنفيذ مشاريع مشتركة.

كما أعرب الطرفان عن التزامهما بتعزيز وزيادة المشاريع الاقتصادية المشتركة وفرص الاستثمار المتبادل في كافة المجالات من أجل ضمان التكامل من حيث الإنتاج والاستهلاك وكذلك الصادرات إلى دول أخرى في إفريقيا وأوروبا والعالم.

وانهارت العلاقات بين أنقرة والقاهرة في عام 2013 بعدما أعلن قائد الجيش المصري آنذاك السيسي عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين إثر احتجاجات شعبية على حكمه الذي استمر عاما واحدا. وكان مرسي حليفا لتركيا ويوصف بأنه أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا.

وزار مرسي تركيا حين كان رئيسا في عام 2012. وبدأت العلاقات بين البلدين في التحسن في عام 2020 عندما أطلقت أنقرة حملة دبلوماسية لتخفيف التوترات مع قوى منافسة لها بالمنطقة، بما في ذلك الإمارات والسعودية ومصر.

وفي العام الماضي، تبادلت تركيا ومصر تعيين السفراء. وأعلنت أنقرة أنها ستزود القاهرة بطائرات مسيرة مسلحة. وقال أردوغان في القاهرة إن البلدين يريدان تعزيز التجارة إلى 15 مليار دولار في الأمد القريب من 10 مليارات دولار.

وقالت وكالة الأناضول التركية للأنباء المملوكة للدولة إن البلدين سيوقعان نحو 20 اتفاقية لتعزيز العلاقات التجارية والتعاون في مجالات الطاقة والدفاع والسياحة والصحة والثقافة والتعليم. وأضافت أن من المقرر أيضا توطيد التعاون في مجالي الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي المسال.

وأرسلت تركيا، التي تندد بإسرائيل بسبب حربها في قطاع غزة، آلاف الأطنان من المساعدات إلى مصر من أجل الفلسطينيين وأشادت بالجهود الإنسانية التي تبذلها القاهرة ودورها كمفاوض في محادثات وقف إطلاق النار

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى