السيسي وإشكالية “الظهير السياسي” (مصطفى صلاح)
مصطفى صلاح
"لا هذا ولا ذاك"… بهذه العبارة أجاب المشير عبد الفتاح السيسي، في أول مقابلة تلفزيونية بعد ترشحه لانتخابات الرئاسة المصرية، على سؤال بشأن احتمال تشكيله حزباً سياسياً في حال فوزه، أو انضمامه إلى حزب قائم، لكي يضمن لنفسه "الظهير السياسي"، بعدما تمكن منذ عزل الرئيس محمد مرسي من تأمين "الظهير الشعبي".
ولم يكن حديث المشير عن رفضه فكره تشكيل حزب سياسي الاول من نوعه، فقبل ثلاثة أشهر، تحدث الكاتب محمد حسنين هيكل عن هذه المسألة قائلاً إن السيسي "لا ينوي أن يؤلف حزباً ولا أتصور ذلك".
لكن رفض المشير تشكيل حزب او الانضمام إلى أحد الأحزاب القائمة، واكتفاءه، كما يقول، بـ"الظهير الشعبي" يطرح إشكالية أمامه في حال وصوله إلى الرئاسة، خصوصاً ان الدستور المصري الجديد قلص بعض صلاحيات الرئيس، ومنح صلاحيات أخرى للبرلمان، الذي بات يملك هامشاً لا بأس به في التأثير على السياسات العامة، سواء لجهة تشكيل الحكومة أو لجهة الدور الرقابي على أعمال السلطة التنفيذية.
ومن المعروف أنه لم يسبق لأي رئيس جمهورية في مصر أن حكم من دون أن يحظى بدعم حزب يؤمن له الظهير السياسي، بداية من الرئيس جمال عبد الناصر، الذي استند إلى "الاتحاد العربي الاشتراكي"، مروراً بالرئيس أنور السادات، الذي بادر إلى تأسيس "الحزب الوطني الديموقراطي" وتزعمه، ومن بعده الرئيس المخلوع حسني مبارك، وصولاً إلى الرئيس المعزول محمد مرسي الذي كان يرأس "حزب الحرية والعدالة"، وهو الذراع السياسي لجماعة "الإخوان المسلمين".
وثمة من يقول إن الرئيس محمد نجيب لم يكن ليعزل من قبل مجلس قيادة الثورة لو أنه تمكن بالفعل من الحصول على دعم جدي من حزب سياسي، كما ان أنور السادات كان مهدداً بالعزل في السنوات الأولى من حكمه لأن الإطار السياسي الوحيد الذي كان قائماً في تلك المرحلة، وهو "الاتحاد الاشتراكي"، كان معبّراً عن "مصالح قوى" من العهد الناصري اكثر منه موالياً للرئيس الجديد.
ولذلك، فإن الحديث عن الظهير السياسي للسيسي قد تعالى كثيراً خلال الاسابيع الماضية، خاصة في ظل التوقعات بأن المشير سيحسم المعركة أمام منافسه الوحيد حمدين صباحي.
وكانت بداية اثناء استعداد السيسي لإعلان ترشحه للرئاسة، فطرحت تساؤلات عدة: هل سيخوض المشير الانتخابات بدعم من حزب سياسي ام بتوكيلات شعبية؟ كيف سيتعامل مع تأييد الاحزاب السياسية له؟ وهل سينضم الى احدها لمساعدته في تطبيق برنامجه الانتخابي؟
وتكرر الحديث عن "الظهير السياسي" بعد ترشح السيسي للانتخابات الرئاسية، وذلك عندما سرت معلومات عن احتمال أن يقوم كل من المدير السابق لجهاز المخابرات العامة اللواء مراد موافي ورئيس الأركان السابق الفريق سامي عنان بتشكيل حزبين سياسيين يؤمنان الدعم السياسي للمشير، بعد تصارعهما على ان يكون عضواً رسمياً في أحدهما.
وارتفع مستوى التوقعات بشأن تلك الخطوة حين قرر كل من موافي وعنان العزوف عن خوض المنافسة الانتخابية في اللحظات الأخيرة، وذلك بعدما حسم الأمر بشأن ترشح المشير.
وتقول مصادر مطلعة إن الحملتين الانتخابيتين لموافي وعنان تستعدان للتحول إلى حزب سياسي خلال الفترة المقبلة، على أن يكون الإعلان عن تشكيل الحزبين مباشرة بعد الفوز المحتمل للسيسي في انتخابات الرئاسة. هذا الأمر تم تأكيده مؤخراً من قبل أيام صموئيل العشاي، المتحدث الإعلامي باسم حملة "رئيسنا" الداعمة لموافي، الذي قال إن ثمة اجتماعات تجري بين الناشطين في الحملة والقوى السياسية والحزبية لتدشين تحالف سياسي يخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بقائمة موحدة.
لكن الخلافات بين مؤيدي السيسي تعكس تخبطه في اتخاذ قرار بشأن الانضمام إلى هذا الحزب او ذاك. وقد تبدّت هذه الخلافات حين أعرب الصحافي مصطفى بكري (الموالي للسيسي والمجلس العسكري الحالي والسابق) عن تأييده لتشكيل ظهير وحزب سياسي للمشير عقب فوزه، وهو ما قابله رئيس مجلس ادارة "الأهرام" ياسر رزق (القريب أيضاً من السيسي) بالرفض القاطع.