السينما السورية، في “مغامرتها” الجديدة !!
دمشق ــ خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة
عندما تتابع وقائع مؤتمر صحفي يتحدث عن مشروع سينمائي أو درامي سوري تشعر أن المسألة تكمن في حلم جديد تُقدِم عليه السينما أو الدراما، إلا أن السؤال الأهم الذي يفرض نفسه عليك هو: لمن تنتج السينما أفلامها، والأبواب مغلقة، وعلى أي أساس تنتج الدراما مسلسلاتها، والجميع يهاجمها؟!
كان المؤتمر الصحفي الذي عُقد في دار الأوبرا بدمشق بمناسبة إطلاق عمليات تصوير الفيلم الروائي الطويل دمشق حلب للمخرج باسل الخطيب يدخل في هذا الإطار لكنه يحمل معطيين جديدين لا نعرف ما إذا كانا سيؤسسان فعلا للطموح الذي يجري الحديث عنه .
ففي أول معطى، نحن أمام نص كُتب خصوصا للفنان دريد لحام، وعندما يكتب نص سينمائي بهذه الطريقة، فإن المشاهد أو المتابع السينمائي الذي لم يقرأ النص بعدأو يشاهده منجزا، سيستعيد كل الشخصيات التي أداها الفنان المذكور، ويسأل : هل سيكرر ما قدّم من شخصيات، أم أن الكاتب تليد الخطيب فصّل له عباءة جديدة تصلح للسينما، ونحن نعرف المساحة الكبيرة التي يتدخل فيها دريد لحام عندما يكون النص متعلقا به أو بشخصية تتعلق بتاريخه الفني، وقد قالها الكاتب في إشارة صريحة تقول : إن النص كتب “بالتعاون مع الفنان لحام”!
وفي المعطى الثاني، إشارة مهنية وردت على لسان مخرج الفيلم، وهو مبدع فعلا، وتقول : إن الفيلم “تجربة مستقلة عن كل ما قدمتُه سابقا من أفلام ولا ينتمي لأي سلسلة سينمائية قدمتُها” وهذا التصريح يعني أن التجربة التي وصفها دريد في المؤتمر بأنها “مغامرة” يطمح خلالها الجميع لتكون نقلة سينمائية نوعية (!!) وفي هذا المعطى وردت في المؤتمر الصحفي عبارة ذات معنى تقول : إن الفيلم يمثل توجهاً جديداً في سينما الحرب السورية(!!).
وفي نتف التصريحات التي سمعناها في المؤتمر من كل الذين تحدثوا، نحن أمام أحداث تتعلق بالواقع الحالي (أي الحرب)، وفيها معالجة (كوميدية) تتطلب كيمياء خاصة في الكركتر الجديد الذي يقدمه النص ويتعلق بالممثل الذي غلبت على أدواره شخصية(غوار)، أي دريد لحام .
والمهم هنا أيضا، أن مدير عام مؤسسة السينما مراد شاهين نقر على زجاج تشغيل الممثلين، بعبارات تحمل مداليل التعاطي القادم مع الفنان السوري في إطار تجربة المواقف التي اتخذها الفنانون في الحرب، فهو يعلن صراحة أن آلية التشغيل تعتمد على ” استقطاب الممثلين النجوم الذين بقوا في بلدهم ليعودوا إلى السينما بعد غياب” / لاحظوا العبارة: بقوا/ فكل فيلم جديد تنتجه المؤسسة “سيكون فيه أحد النجوم الذين غابوا عن السينما في السنوات الماضية”. بل ويطمح مدير السينما إلى شيء آخر يسميه ” السينما الرابحة” وهذا ما حملته الخطة السينمائية التي تم طرحها من قبل المؤسسة وسيتم تبنيها في مرحلة إعادة إعمار سورية، كما قال.
وسجلت وكالة سانا تلخيصا لنص الفيلم جاء فيه : “يروي الفيلم حكاية رحلة افتراضية في حافلة لنقل الركاب بين دمشق وحلب تجتمع فيها ثلة من الناس مختلفي التوجهات والأعمار والأهواء بحيث تعكس المجتمع السوري بما يحمله من تنوع وتعدد اجتماعي.
وعبر الفيلم نتابع المذيع السابق عيسى الذي يقوم بتأدية دوره الفنان لحام وسفره من دمشق إلى حلب لزيارة ابنته وفي الحافلة يتضافر جزء من مصيره مع مصائر من سافروا معه وآخرين كانوا على تماس مع هذه الرحلة وبأسلوب إنساني فيه من الكوميديا الساخرة ليسير الفيلم في مجراه كاشفاً إيجابيات وسلبيات تعتري بعض تصرفات هؤلاء مع تركيزه على الجانب الخير في المجتمع السوري.
وهذا الأسلوب اتبعته الرواية في نماذج كثيرة (بيروت 75) للكاتبة غادة السمان مثلا، لكن فيلم (دمشق حلب) هو 2018، فهل يتجاوز الجميع أنفسهم؟!