الشرعنة
من يبلل يديه بالدم سيغسلهما ذات يوم بالدموع.
لاشيء مضحك لدى العروبة والعرب أكثر من” الشرعيات ” .
مضحكة هذه الكلمة من الحروف إلى الدبابات.
الشرعية… يخطر لك المحكمة التي تجعل الإرث والزواج والطلاق والأحكام المدنية الأرضية جزءاً من ثقافة وقانون السماء.
الشرعنة … نتذكر الفتاوى التي تنط على حيطان البشر وتدخل البيوت من الثقوب، وتدك المدن بالطائرات ، وتجيب على أسئلة الوجود بالسجون.
الشروع… وما ينطبق عليه من إرتكاب الشرور في البدايات التي لا تنتهي كالحرب والنهب .
والشرائع… التي تغلق الباب على العصور القديمة وتنسى أن تفتح للعصر نافذة على النهار، وحق الإنسان في الضوء. وهي تعتقد أنها تقفل كل ذلك من أجل الإنسان.
لا يحتاج الحاكم العربي إلى الشرعية لكي يقول، ويده تحيي الجماهير… أنا من أنتخبتموه إلى الأبد بكل بصماتكم.
ولا يحتاج الشعب إلى كل هذه المجازر لكي تقنعوه أن البلد مزرعة ، والوطن مستوطنة ، والشرعية هي مرحلة ما بعد الرعوية… إنها الملك والأمير والرئيس والجنرال وزعيم القبيلة، وعزرائيل معهم .
من يتأمل خارطة الشرعية عند العرب، ويتفرج على اقتناع الغرب المنافق بجدول صفاتها، ومزاياها وعيوبها، لا بد أن يضحك، كيف يُطاح بالقذافي الشرعي بنظر نفسه، على يد شرعية دولية هي حلف عسكري (ناتو) جاءت لمعونة الثورة الشعبية وكيف تستضيف السعودية رئيساً مطاحاً به بثورة شعبية، ثم يُطاح بمحمد مرسي الشرعي، ويكون البطل اليوم في مصر هو من يرى طعنة الشرعية اليمنية فيدافع عنها بالطائرات، مع أنه أطاح بشرعية رئيس قبل سنة.
السعودية ” شرعنت ” تغيير اسم الوطن الجغرافي والمعنوي للنبي محمد… انها ليست المملكه العربيه المحمديه …كما تعلمون .
السعودية اليوم تضع منطقة الشرق الأوسط بأكملها في عاصفة الحرب ـ (الحزم ) ، لأن منصور عبد ربه، (نصف رئيس اليمن – فقد كان نائباً للرئيس ) قد استقال ثم أراد العودة عن إستقالته. فدعمته السعودية بحرب .
الحرب…لا أسهل من أن يبدأها قائد كتيبة ، بينما ليس بوسع قائد جحيم أن ينهيها. كل ذلك لأن الشرعية انتهكت على الحدود الجنوبية للسعودية. وها هو جيش عربي كامل العدة والعدد على وشك أن يتشكل من أجل الدفاع عن الشرعيات. جيش تدخل سريع، لم يخطر ببال رعاة الشرعية الجدد أن يؤلفوا فريق كرة قدم لدعم فلسطين خلال أكثر من خمسين سنة.
ها هي الحرب الأولى لاسترداد الشرعية… تقدم للمستقبل نموذجها في النشوب عند انتهاك وجهة نظر الجيش … للشرعية.
لكن الغريب هو هذا الإضمحلال الصريح للعقل الأستراتيجي السعودي الخليجي …
ليس العقل الذي يشعل حرباً كان من الممكن تجنبها.
وليس العقل الذي يقول لك لا تلعب بالنار إلى جوار بئر نفط .
وليس العقل الذي يريد الحفاظ على ثروة الأجيال، ومستقبل الأجيال.
العقل الاستراتيجي كان ينبغي أن يعرف أن من يشتري بمئتي مليار دولار أسلحة ، ثم بمئتي مليار أخرى لاستبدال القديم بالجديد…لا بد أن يكون مجبراً على استخدام هذه الأسلحة ، ذات يوم ، ليس ضد إسرائيل ، فهذا ممنوع ، وإنما ضد أحد الجيران من العربان… وكان اليمن .
بهذا المعنى…الحرب يهيىْ لها سواك، وتقترفها أنت .
العقل الاستراتيجي هو أن لا تصنع كل هذه المدن الزجاجية والإمارات الزجاجية…كي لا تحطمها الحرب.
العقل الاستراتيجي…صناعة الزجاج … وليس تكسيره.
لا أحد يقول ، بعد اليوم ، أنه شرعي ، أو مدافع عن الشرعية ، اوالشرعنه .
لا لشيء… إلا لأن هذا صنف مقرف ، من الكلمة إلى …الدبابة !