
منذ البداية، قلناها بوضوح: الشرعية الحقيقية لا تُستورد، بل تُكتسب من الداخل، من خلال الإصغاء لنبض الناس، والانشغال بقضاياهم الحياتية، ومعالجة مشكلاتهم الواقعية.
نُقدّر محاولات كسب الدعم الدولي، وتحسين العلاقات الخارجية، وربما حتى السعي لرفع العقوبات عن الشعب السوري
ولكن الأولوية اليوم في سوريا باتت واضحة: الأمن، الأمان، العدالة الانتقالية، تأمين لقمة العيش، إطلاق سراح المعتقلين، وعودة المهجّرين إلى منازلهم .
نُدرك تماماً أن الحمل ثقيل، وأن المسؤولية جسيمة. وندرك كذلك أن ثمة جهوداً تُبذل فعلاً من قبل عدد من الوزراء والمؤسسات، وهذا أمر يُقدّر ويُبشّر بالخير .
لكن لا يمكننا تجاهل الملفات الملحة التي تنتظر حلولاً عاجلة: السلم الأهلي، محاسبة المجرمين، والمصالحة الوطنية.
لا يجوز أن تبقى هذه الملفات عالقة تحت مسميات التأجيل أو الأولويات المتعددة. فكل يوم تأخير يُفاقم الشرخ، ويغذّي خطاب الكراهية، ويُربك المجتمع.
الله يكون بعون هذه الحكومة، فالمطلوب ليس سهلاً، والكلام لا سهل جدا .
تأكدوا أن هناك من لا يرغب باستقرار سوريا، من الداخل والخارج، من أطراف وفصائل وجهات لا مصلحة لها إلا في بقاء الفوضى، وتشويه صورة أي محاولة إصلاح. يريدون إثبات نبوءة النظام السابق، الذي دمّر البلد ليُقنعنا أنه وحده القادر على “حمايتها”.
لذلك، وفي ظل هذه المرحلة الحساسة، نرى أن المطلوب اليوم:
- 1. تعاون جميع السوريين، بمختلف انتماءاتهم، خصوصاً المؤثرين ورجال الدين، لوقف أي فتنة طائفية أو مناطقية في مهدها.
- 2. محاسبة كل من يحرّض على الكراهية، وكل من يزرع الفتن، علناً وبوضوح.
- 3. تشكيل لجان من حكماء المناطق والطوائف، للتواصل بين الناس والحكومة، ولرأب الصدع وتعزيز الثقة.
- 4. الإسراع في إطلاق عملية عدالة انتقالية حقيقية، تشمل المحاسبة الشفافة للمجرمين أياً كانت انتماءاتهم.
- 5. تعيين ناطق رسمي للحكومة، أو إطلاق قناة إعلامية رسمية، تنقل أخبار البلد بصدق، وتقطع الطريق على الشائعات.
نعلم أن التنظير سهل، ولكن لا بدّ من إيصال الصوت، وتقديم الأفكار، ولو كانت بسيطة. فربما تُسهم بكلمة في تغيير، وربما تُحدث أثراً يُنتظر منذ سنوات.
سوريا تستحق حياة كريمة لأبنائها، تستحق عدالة وسلاماً دائماً، وآن الأوان أن نُعيد لها ما فقدته من ثقة، وكرامة، وأمان.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة