تحليلات سياسيةسلايد

الشعب السوري يجوع ولكنّه لن يركع.. لماذا جاء تقرير للأُمم المتحدة حول مُعاناة ملايين السوريين صادمًا ومُؤلمًا ومُعيبًا للحُكومات العربيّة المُتْخَمَة بالمِليارات؟

الصّورة التي رسَمها تقريرٌ صادرٌ عن برنامج الأغذية العالمي التّابع للأُمم المتحدة ونشر يوم الجمعة الماضي حول مُعدّلات الجُوع المُتفاقمة في سورية جاءت صادمةً ومُؤلمةً ومُحبطةً، وتُعطي انطباعًا بتضاعف أخطار المُؤامرة المُتشعّبة واللّاإنسانيّة التي تتزعّمها الولايات المتحدة و”إسرائيل” للتّعجيل بانهِيار هذا البلد العربي الصّامد من خِلال تقويضه من الدّاخل، بعد أن فشلت المُؤامرة المُسلّحة في تحقيقِ جميع أهدافها بفِعل صُمود الدّولة وقِيادتها، وتضحيات الجيش العربي السوري، على مدى 11 عامًا من الصّمودِ على جميعِ الجبهات.

تقول أرقام التّقرير إنّه بعد 11 عامًا بات 12 مِليون سوري لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التّالية، وأكثر من ثلاثة ملايين آخرين ينزلقون حرفيًّا إلى الجُوع، وأن 70 بالمِئة من السّوريين غير قادرين تقريبًا على وضع طعام على مائدةِ عائلاتهم وأطفالهم.

وأشار التقرير الأُممي إلى إن سورية تُسَجّل سادِس أعلى رقمٍ في العالم من ناحية انعِدام الأمن الغذائي، وتُواجه أزمةً اقتصاديّةً خانقةً أبرز عناوينها الارتفاع الجُنوني في أسعار المواد الأساسيّة (تضاعفت 12 مرّة خِلال السّنوات الثّلاث الماضية)، وانقِطاعٍ شِبه دائمٍ للكهرباء، وأصبحت غالبيّة السكّان تحت خطّ الفقر، علاوةً على انتِشار وباء الكوليرا والكورونا، ووصول سِعر الدولار إلى سبعة آلاف ليرة في السّوق السّوداء (45229 السّعر الرّسمي).

كل هذا الحِصار، وكُل هذه المُعاناة، وكُل هذا التّجويع تقف خلفه الولايات المتحدة وبتحريضٍ من دولةِ الاحتِلال، وبمُساعدة بعض الحُكومات العربيّة خاصّةً تلك التي رصدت مِئات المِليارات من الدّولارات لتمويل مُؤامرة التّفكيك وإسقاط النظام بسبب رفض الدّولة السوريّة التّطبيع، وتمسّكها لقيمها ومبادئها وعلى رأسها عدم التّفريط بالحُقوق الوطنيّة العربيّة المشروعة في فِلسطين المُحتلّة.

سورية الدولة العربيّة الوحيدة التي لم تكن مُدانةً بدُولارٍ واحد لصندوق النقد الدولي، أو البُنوك العالميّة، وتملك احتياطًا غذائيًّا من القمح لخمس سنوات قادمة، ويأكُل شعبها ممّا يزرع، ويلبس ممّا ينسج، ويتعالج في مُستشفيات نظام صحّي مُتطوّر جدًّا، وصناعة دواء تُضاهي نظيرتها في العالم، والقائمة تطول.

عارٌ على العرب جميعًا أن يُجوّع الشعب السوري، ولا يجد وقودًا لحافلاته تُمكّن قِواه العاملة من الذّهاب إلى أعمالهم، نقول عارًا لأنّ سورية لم تبخل مُطلقًا في توظيف كُلّ إمكانيّاتها في خدمة الأُمّة وقضاياها، وخاضت العديد من الحُروب، وخسرت أرضًا، وقدّمت آلاف الشّهداء لنُصرةِ هذه القضايا وما زالت.

نحنُ على ثقةٍ بأنّ سورية التي انتصرت على مُؤامرةِ التّفتيت، ستهزم مُؤامرة التّجويع أيضًا، ولن تركع مُطلقًا، وسيأتي المُتآمرون قارعين أبوابها نادمين طلبًا للصُّلح والغُفران، نقول هذا نحنُ الذين قُلنا مُنذ اليوم إنّ المُؤامرة الأمريكيّة- الإسرائيليّة مصيرها الفشَل مهما طالَ الزّمن، ومهما تضخّمت أرقام المِليارات، وأعداد الدّول المُشاركة فيها.. ومن يضحك أخيرًا يضحك كثيرًا.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى