الشهرة مرض قاتل أيضاً!

 

خاص باب الشرق

صراحة، ما هدفك من دخول المجال الإعلامي؟

“حابة أصير مشهورة، وفق العادات والتقاليد ووضعي العائلي” ، وهو جواب لإحدى المذيعات العربيات خلال لقاء صحفي. أصدقكم القول.. الجواب استفزني وجعل (معلاقي) يتضخم لحجم قياسي..  وتلمست حرارة الدم في (نافوخي)..

ببساطة إذا .. هي الشهرة، المبتغى ولا دافع آخر!!

دقائق وربما أكثر برد (نافوخي) ، وكدت اشكر – على غيظي- تلك المذيعة وصراحتها.. فمن منا لم يتخيل للحظات أنه توم كروز أو اوبرا وينفري أو ميسي أو مايكل جاكسون.. من منا لم يغمض عينيه ويعيش حياة كيم كاردشيان أو الأميرة ديانا أو ببل غيتس أو الوليد بن طلال أو .. أو .. أو ..

كلنا يحب أن يكون مشهورا، كلنا – وإن بنسب معينة – يحب تلك النظرات التي تلاحق المشهور، وهو يسير في الشارع أو وهو جالس في كافيه، أو مكان عام، ينتبه لها لكنه يمثل عدم الانتباه!

اعذروني. الحيوان قد يكون مشهوراً. كلب الرئيس الأمريكي مثلاً، أو (بسينة) لفنانة ما أو (بوبي) لفنان ما.. قد يكون مشهوراً أحياناً، الزمان قد يكون مشهوراً أيضاً.. اليوم الشهرة غير مكلفة، ضربة حظ لا أكثر، وفي أصعب الحالات حساب على تويتر أو سناب شات أو فيس بوك.. شهرة اليوم تسير إليها بالمصعد النفاث، تنقلك من القاع إلى القمة في ثــوان..

بالعودة إلى جواب الزميلة الصريحة، إنها دخلت الإعلام للشهرة فقط، وهنا نقف دقيقة صمت حيال الرأي العام القائل: “إن مهنة المذيعة باتت (شغلة يلي مالو شغل!!!)  وتأكيداً لذلك لدي صديق كلما رأى مذيعة، سألني أهي جديدة!! أضحك أنا، فقد  أصبحنا كصحن البزر..

فعلا حُمى الشهرة أصابت جزءاً يسيراً من المذيعات العربيات. وبشكل عام هنا لا ادخل في التحديد الجنسية، فهذه الحمى عدواها لا تعترف بالحدود، إذ نرى العديد من الإعلاميات والمذيعات، “عبيدات” للشهرة من بوابة مواقع التواصل الاجتماعي، في مشهدية توثق انشغالهن عن السلوك والأداء المهني ودورهن الأساسي في توجيه المجتمع نحو المُثل والقيم، ويبدو أن هناك تشويشاً في الرؤية لدى بعضهن حول مفهوم النجاح والتميز، حيث تكشف صفحاتهن الشخصية تعطشاً كبيراً للنجومية والشهرة، وفي ذات الوقت، تخبطاً ذاتياً ووجدانياً وفكرياً، وتسرعاً في اختيار الأدوات والأساليب التي من شأنها أن ترفع نسب المشاهدة والمتابعة.

لنكون أمام مذيعة تستعرض جمالها ورشاقتها كغصن البان، وأخرى تصور ما تملكه من ملابس وحقائب، وثالثة تروج لعيادات طبية وتجميلية وصالونات، ورابعة تضع (برومو) لدورها في مسلسل، وخامسة تنقلنا حيث هي في مكان جميل، إن في بلدها أو في زيارة لدولة عربية أو أجنبية، وسادسة توثق لطفها وأمومتها “غير المحسوسة” لأطفال بحالات متنوعة- مرضية، إنسانية- اجتماعية- وهنا قد يسأل سائل : ما المانع من استعراض الجمال والأناقة، أليست الشياكة من الأمور الطبيعية التي يجب على الفتاة بصورة طبيعية أن تقوم بها، فكيف بالمذيعة سيما وأن المواصفات والمعايير الجمالية من مؤهلات ظهور أي مذيعة على الشاشة؟

لا أحد ينكر ذلك، ولا بد من إبرازها للمنافسة بشكل أقوى في المجال، أم أن فعلاً المذيعة تاهت وضاعت معها الشهرة وإذ بتشتت الطرق التي سلكتها ابتغاء للشهرة، خاصة أننا نرى مذيعات دخلن عالم الإعلان والدعاية، ومنهن من دخل عالم التمثيل، “نكاية بالممثلات” اللواتي بتنا اليوم يقدمن برامج توك شو.. يبدو بين المذيعة والممثلة لعبة سحب البساط، أم عض أصابع؟؟ هذا نقاش آخر..

الواضح أن لهاث قسم من المذيعات وراء امتلاء الجيبة عبر الإفراط بالظهور “غير المدروس”  أثر سلباً في مصداقيتهن ورسالتهن الإعلامية وثقة الجمهور بهن، ما جعلهن محط انتقادات أقل مفردة فيها “لاذعة” ..

الشهرة أشبه بسكين، لكن لا مقبض لها، فهي تقص لك كل الطرق المؤدية إلى قلوب الناس،  في الوقت نفسه تقص منك حريتك الشخصية وتمزقها تماماً، وتجعلك تعيش حياتك كلها تبحث عن بعض الخصوصية فلا تجدها إلا في… الحمام فقط.. ألم تقل الشهرة، الأميرة ديانا ملكة الأناقة والإنسانية، وسعاد حسني “سندريلا الشاشة” ألم تصفيها الشهرة، وملك الضحك، روبن ويليامز هو الآخر قتلته الشهرة، والسبحة تطول…. كفانا الشهرة المميتة.. وحَمى الله مذيعاتنا من فيروس الشهرة القاتلة.. فالحياة جد ولعب ومسؤولية..

باب الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى