
منذ أن أعلنت “حماس” موافقتها الرسمية على خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن وقف الحرب في غزة، والكثير من التساؤلات تُطرح حول موقف الحركة من بند وضع في الخطة لا يقل أهمية بالنسبة لها عن وقف الحرب وهو “تسليم السلاح”.
ورغم أن حركة “حماس” لا تزال متمسكة بكل قوة بفكرة عدم تسليم سلاحها، إلا أن مواقفها الأخيرة وتصريحات بعض قادتها العلنية حول إمكانية “تسليم السلاح للدولة الفلسطينية”، أثار الكثير من الجدل وزاد الغموض حول ملف يعتبر من أكثر الملفات حساسية بالنسبة لحركة تمسكت بالمقاومة وكان شعارها دومًا “ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”.
وهنا تظهر حالة تباين واختلاف واضحة بين الخطة الأمريكية المطروحة والتي جاءت بمباركة إسرائيلية، وموقف “حماس” الرافض لقضية تسليم السلاح، وهو شرط أساسي يضعه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو لوقف الحرب بعد تسليم الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات.
حركة “حماس” في ردها على المبادرة الامريكية لم تجب عن ملف السلاح، لكن ما فهم مفاده أن الحركة وضعت هذه القضية في إطار النقاش الفلسطيني الداخلي، فيما سيترك تسليم سلاحها انعكاسات سياسية وشعبية عليها، فالحركة اكتسبت قوّتها من هذا السلاح، وبنت أيديولوجيتها على مفهوم “المقاومة المسلّحة”، وانتقدت مسار “فتح” التفاوضي.
وقال القيادي في موسى أبو مرزوق “للجزيرة”، إن المقاومة لا ترفض تسليم السلاح، لكن تعتبره شأنا داخليا يجب بحثه في البيت الفلسطيني وتسليمه سلطة وطنية يتم التوافق بشأنها.
وأمس، نشرت وسائل إعلام نقلاً عن مسؤول آخر في “حماس”، أن الحركة وافقت على تسليم السلاح لهيئة فلسطينية–مصرية بإشراف دولي، وأبلغت أمريكا بموافقتها على ذلك، وأنها بدأت بتجميع جثث الإسرائيليين، وطلبت عبر مصر وقف القصف الجوي في مناطق محددة لإتمام المهمة، موضحاً أن تسليم الرهائن الأحياء سيكون على مرحلة واحدة، فيما سيستغرق تسليم الجثث بعض الوقت، مع وجود مرونة أميركية في هذا الشأن.
وأضاف المصدر أن الحركة تلقت ضمانات أميركية عبر قطر تقضي بانسحاب إسرائيلي دائم من قطاع غزة، مشيرًا إلى أن خروج قيادات الحركة من القطاع مرهون بقرار منهم، وأن هناك ضمانات أميركية بعدم المساس بهم، مضيفاً أن حماس زودت الوسطاء بقائمة الجثث والرهائن لعرضها على إسرائيل، التي تعرف تماماً عددهم.
وأوضح أن المفاوضات ستكون سريعة ومكثفة، وأن من مصلحة الحركة تنفيذ البنود بسرعة، لكنه اتهم إسرائيل بعرقلة خطة ترامب من خلال استمرار القصف والتدمير، مشدداً على أن حماس ملتزمة بوقف القتال ولن تنجر إلى مصيدة إسرائيل.
حركة “حماس”، سارعت إلى نفي هذه “الادعاءات المفبركة” التي تداولتها وسائل إعلام بشأن مسار مفاوضات وقف إطلاق النار وموقف الحركة من تسليم السلاح، وقال القيادي في الحركة محمود مرداوي -في بيان- “ننفي الادعاءات المفبركة التي نشرها عدد من وسائل الإعلام حول مسار مفاوضات وقف إطلاق النار وموقف الحركة من تسليم السلاح”.
وأضاف مرداوي أن ما نُشر لا أساس له من الصحة، ويهدف إلى تشويه الموقف وإرباك الرأي العام، وفق تعبيره، كما دعا وسائل الإعلام إلى تحري الدقة والمصداقية في تناول التصريحات، وعدم الانجرار وراء الشائعات والمصادر المجهولة، واستقاء المعلومات من المنصات الرسمية الموثوقة للحركة.
وتستضيف مصر (الاثنين) مفاوضات غير مباشرة بين وفدين من إسرائيل وحماس، لبحث تفاصيل تبادل الأسرى وفقا لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن وقف الحرب في قطاع غزة.
وسيتم خلال المفاوضات بحث توفير الظروف الميدانية وتفاصيل عملية تبادل كافة المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين طبقا لمقترح ترامب، أملا في وضع حد للحرب ووقف معاناة الشعب الفلسطيني، بحسب ما قالت الخارجية المصرية في بيان.
وفي 29 سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن ترامب خطة تتألف من 20 بندا، بينها الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح حركة حماس.
وفي ذات السياق، يرى المحلل في الحزب الجمهوري الأمريكي أدولفو فرانكو، أن سكوت “حماس” عن مسألة نزع السلاح لا يعني إخراجها من الاتفاق وإنما يعني اعترافها بأنها “مسألة غير قابلة للنقاش”.
وعلى هذا الأساس، فإن رد حماس -من وجهة نظر فرانكو- ليس إلا اعترافا بهزيمتها وانتصار إسرائيل، لأن أي محاولة لمناقشة أي بند من البنود تعني أن إسرائيل ستعاود الحرب بدعم من الولايات المتحدة.
فالقضاء على حماس سياسيا وعسكريا كان هو هدف الحرب الأساسي وليس استعادة الأسرى، كما يقول فرانكو، الذي أكد أن الحديث حاليا يدور حول وقف إطلاق النار وليس عن إنهاء الحرب التي لا يمكن إنهاؤها دون انتصار إسرائيل بشكل كامل.
وهنا يبقى التساؤل الأبرز… هل وقعت “حماس” في الفخ؟ وهل ستوافق على تسليم سلاحها؟ وما مصيرها؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية