الصحافة السورية : ناهض حتر.. أمة تغتال عقلها !

دمشق ــ خاص :

تأثر الإعلام السوري كان واضحا وسريعا باغتيال الصحفي الأردني ناهض حتر. أشعرت المقالات التي نشرت في اليوم التالي لجريمة اغتياله أنه كان صوتا مهما بالنسبة للدولة السورية، وللمثقف السوري الموجود في الداخل على كافة المستويات.

نعته قنوات التلفزيون السوري المتعددة بأخبار عاجلة على مدار التدفق الإخباري لهذا النوع من الأخبار، وأبقت إحدى المحطات شريط العاجل الأحمر على مدار ربع ساعة وهذا لم يحصل عادة، أي ببساطة كان اغتياله حدثا مؤلما بالنسبة للصحافة السورية ..

صحيفة الوطن خصصت صفحة كاملة لتغطية الخبر بعنوان يقول : ((ناهض حتر …. أمة تغتال عقلها…. وتقتل ضميرها)) ، ونشرت تقريرا عن حياته وأكثر من فقرة عنه من بينها زاوية للدكتور نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية قال فيها : ((إن اغتيال ناهض حتر هو محاولة يائسة لاغتيال الفكر الذي يعيشه ويمارسه هو وكوكبة كبيرة من المثقفين والمتنورين، وفات هؤلاء أن اغتيال المفكر يحوّله إلى رمز، ويحوّل ما قام به أو ما يمثّله إلى تيارٍ جارفٍ، وسيرى الذين خططوا والذين أقدموا على اغتيال مواقف الشهيد أن ما قاموا به جريمة بحق الفكر، والفكر لا يغفر للمجرمين بحقه، ولظى هذا الفكر سيتحول إلى سيلٍ جارفٍ لا يبقي أمامه أحداً من المتآمرين أو التكفيريين.))

كما نشرت الصحيفة السورية المذكورة ملخصا للتقرير الطبي الصادر في تاريخ 3 أيلول 2016 الذي يبين الحالة الصحيّة المتردية التي أصابت «ناهض حتر» نتيجة سجنه،والتقرير موقع من الأطباء «عماد الحطبة، غالب زوايدة، رمزي عازر» ويؤكد أن أن «ناهض حتر» «يعاني مشاكل في الجهاز الهضمي منذ العام 1998 حيث سبق أن تعرض على خلفية آرائه السياسيّة لحدوث خثرة في الشريان المساريقي وتموّت في الأمعاء ما استدعى استئصال جزء يقدّر طوله بمترين من الأمعاء الدقيقة. كما عانى المريض التهاباً وتخثّراً في الأوعية الدمويّة وانتشار الخثرات (الجلطات) في جميع أنحاء الجسم ما أدى إلى ضرورة استعمال مميعات الدّم عن طريق الوريد خلال وجوده في المستشفى مع المتابعة على استعمال مميعات الدّم الفمويّة ومتابعته بوساطة فحص درجة التميع مرّة كلّ أسبوعين لضبط معدل التخثر».

أما صحيفة البعث الناطقة باسم حزب البعث ، فقد نشرت مقالا بدأ بمقطع يقول :

أكاد أجزم أنه ومع صوت الطلقة الأولى كان قد أطلق ضحكة مجلجلة يسخر من قاتليه، بينما الروح رفرفت برضىً؛ وقد أمّحي في قلبه خجل كان يداريه، وهو يشهد ما يجري بحق بلد أحبه وآمن به؛ تقف على جبهة بندقيتها الكلمات؛ يسيل فيها حبره لا الدم في مواجهة الحملة البربرية على الشام
“منذ طفولتي، لم أفرّق في الحب بين الأردن وسورية؛ هما، عندي، كما كانا دائماً، بلد واحد. ومنذ وعيت، كانت دمشق هي جداري. مرت الحروب والهزائم من كامب ديفيد إلى أوسلو إلى وادي عربة، من احتلال بيروت إلى احتلال بغداد، من دون أن تمس اطمئناني. ما دامت سورية باقية، فكل شيء قابل للتصحيح. لذلك، عندما أحاق الخطر بالبلد الحبيب، تملّكني هاجس النهاية.

أما صحيفة تشرين ، فقد وصفته بأنه شـهيد الكلمـة ، ونقلت عنه عنوانا يقول : يجب أن تنتصر سورية لكي يبقى للحياة والأفكــار والنضال معنى، وكتب الصحفي بديع منير صنيج مقالا استشهد فيه بمقطع من نصوص ناهض حتر جاء فيه :

«أخجل لأنني لستُ شهيداً، وأخجل لأن بندقيّتي فقط من الكلمات في خندق دمشق، ولأن حبري يسيل، لا دمي، في صدّ الحملة البربريّة على الشام».

وجاء في البعث :

أُكرِّر مع الكثير من الأصوات الواعية، أن قاتل «ناهض حتر» هو نفسه قاتلُ «فرج فودة»، ومُغتالُ «نجيب محفوظ»، ومُكفِّرُ «نصر حامد أبو زيد»، ومُحاربُ «سيد القمني»، ومُفَجِّر جسد «محمد سعيد رمضان البوطي»، وقاتله الحقيقي إما وعيٌ مفقود أو وعيٌ زائف.. وفي كلتا الحالتين المُستهدف من أنصار المشروع التكفيري هي أفكار تحمل في طيَّاتها الكثير من النور، ومنها ما قدمه «حتر» في مسار حياته الفكرية من مقالات ودراسات وآراء متلفزة، ما يجعل اغتياله ليس مقصوداً لشخصه بل لمشروع المقاومة والتنوير الذي ينتمي إليه!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى