الصحافة خذلتني ، والحياة السياسية تدهورت! | تعقيب على حوار وكالة سانا معي

 

أجرت معي وكالة الأنباء السورية / سانا، من خلال الزميل بلال أحمد، حواراً مطولاً حول تجربتي في الأدب و(النقد)، وقد لخصت الوكالة اللقاء بإجابات قلتها بالفعل، إلا أنني أود الإشارة إلى بعض المسائل التي ظننت أنها ستتضح في اللقاء أو أنني سأسأل عنها، وهذا التعديل لا يعني الاحتجاج على الزميل الصحفي، فهو مشكور على كل حال، ولكن ذهاب الحوار بهذا الاتجاه يجعل أجوبتي بحاجة إلى إضافات.

أول الأشياء أنني أعتز بتجربتي كصحفي، رغم أن الصحافة خذلتني، فبدأتُ من بيروت صحفياً نشطاً مشاغباً جريئاً، ثم خذلتني الصحافة في بلدي، فجعلت مني موظفاً فائضاً عن الحاجة لأنها لا تقوم على النهج الذي حاولت الشغل عليه في تجربتي المهنية.

وعملي الصحفي أخذ من عمري وقتاً طويلاً، وهربت من ظروفه إلى الكتابة عن الدراما والتلفزيون، وأنا لا أطرح نفسي كناقد درامي رغم صدور ثلاثة كتب لي عن الدراما، فما فعلته نوع من التوثيق للدراما من باب مهني وليس من باب النقد وجاء بسبب عملي في التلفزيون الذي سجل لي تجربة طويلة وغنية في إنتاج البرامج والأفلام الوثائقية التي تشكو أيضا من هموم الصحافة نفسها.

وانغماسي في العمل الصحفي سجل خطوة أخرى غير الكتابة عن الدراما هي محاولة التأريخ للحياة السياسية السورية التي تدهورت في الحقبة الأخيرة وحل العنف والإرهاب محل ألقها المعهود في سورية، وعلى صعيد الحوار السياسي أنتجت عددا من الكتب أعتقدُ بأهميتها، ونُشرتْ تحت العناوين التالية:

  • خالد بكداش يتحدث، وبكداش أبرز القادة الشيوعيين في المنطقة العربية ويسجل الحوار معه تجربة فذة في الأدب السياسي ونقد الحياة السياسية السورية.
  • جمال الأتاسي يتحدث، والأتاسي أبرز القادة الناصريين في المنطقة ونشر جزء من الحديث معه في إحدى الصحف الخليجية.
  • نايف حواتمة يتحدث، وحواتمة شخصية إشكالية (غير محبوبة) في المنظمات الفلسطينية ومؤسس الجبهة الديمقراطية .
  • الشيخ أحمد كفتارو يتحدث، وكفتارو شخصية دينية مهمة يمكن إدراجه كنموذج عن (الشيخ السوري الجديد) ومشاركة رجال الدين في السياسة.
  • أسامة بن لادن ــ واحد من مليار ، وقد بيع منه عشرات الآلاف من النسخ في العالم وتمت ترجمته .

وقد صدر لي عام 2000 كتاب مهم تحت عنوان : قضايا الأحزاب والقوى السياسية في سورية، ويتوقف عند تفاصيل غير منشورة حول الحياة السياسية السورية للأحزاب الممنوعة والمسموحة.

ثم إن تجربتي في الكتابة الروائية والقصصية طويلة وهامة، فقد صدرت لي أعمال أخرى من بينها: وردة غان (رواية)، جرائم شتوية (قصص قصيرة جدا)، مظاهرات غير مرخصة (قصص)، عكاكيز التاريخ ــ حكايات الحب والحرية (رواية /مخطوطة)، حكايات حارة المؤيد (رواية قيد النشر) .

والكاتب، أي كاتب غير معزول عن الواقع الذي يعيش فيه سواء في ظروفه السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية، وقد غاب عن الحوار معي أي تساؤل يتعلق بقيمة الكاتب ومكانته (التي تدهورت أيضاً)، فتحول بدوره إلى موظف،  وكان التقصير كبيراً في ترويجه والالتفات إلى آرائه ودوره في الحياة العامة وإلى حالته المادية وحرية التعبير في أدائه..

ومن الضروري هنا الإشارة إلى وجهة نظري المنشورة حول حال اتحاد الكتاب في سورية وحال الكاتب، والخطوط العامة التي ينبغي أن يتجه إليها المشروع الثقافي السوري العتيد بعد الحرب، وكيف يمكن أن نؤسس لهذا المشروع بحوار وطني واسع بين المثقفين يأخذ بعين الاعتبار سقوط مشاريع ثقافية كثيرة، ونشاط مشاريع ثقافية دينية وطائفية تلقى ترويجاً في إعلام المنطقة الموجه ليل نهار إلى أهلها .

على هذا الأساس ، ظهر الحوار معي مجرد محطة مكثفة ، أراد صاحبه بحسن نية تقديمي عبر وكالة الأنباء، ولو كنت مكانه لاتجهت في الحوار إلى المسائل التي غابت عنه ، وربما عندها ستخذله الصحافة ، فلا ينشر !

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى