افتتاحية الموقع

الصراعات اللامنتهية في الشرق الأوسط : إلى أين؟ بين مطامع إقليمية ومطامع استعمارية

ماهر عصام المملوك

منذ آلاف السنين، والشرق الأوسط يُعدّ مسرحًا دائمًا للصراعات، دينية كانت أو سياسية أو عقائدية أو حتى همجية في ظاهرها. هذه المنطقة التي تُعرف بأنها مهد الحضارات والديانات، تحوّلت إلى بؤرة للتوترات المستمرة، تتقاذفها مطامع القوى الإقليمية من جهة، والأطماع الاستعمارية القديمة والجديدة من جهة أخرى. وفي ظل هذا الواقع المضطرب، يتساءل كثيرون: إلى أين تمضي هذه المنطقة؟ وهل من أمل لمستقبل أفضل لشعوبها التي أنهكتها الحروب والدماء؟

تاريخ المنطقة مليء بالحروب التي كانت تُغذّى بصراعات دينية وطائفية، ثم جاءت مراحل الاستعمار الحديث، ليتحول الشرق الأوسط إلى رقعة شطرنج تتصارع عليها القوى الكبرى، سعيًا للسيطرة على موارد الطاقة والمواقع الاستراتيجية.

فبعد الحرب العالمية الأولى، قُسمت المنطقة وفق مصالح القوى الاستعمارية، وبدأت حقبة من النزاعات المفتعلة والمدعومة خارجيًا. ورغم انتهاء “الاستعمار الكلاسيكي”، لم تتوقف التدخلات الأجنبية، بل تغيّرت أشكالها: من الاحتلال المباشر إلى الحروب بالوكالة، ومن الانقلابات السياسية إلى توظيف الجماعات المسلحة لزعزعة الاستقرار.

إقليميًا، لم تكن دول الجوار أقل طمعًا. إيران، تركيا، إسرائيل، وبعض الدول العربية ذات النفوذ، كلها سعت وما زالت تسعى لتكريس هيمنتها في مناطق معينة، عبر أدوات دينية أو عرقية أو سياسية. وهكذا، أصبحت بعض الدول مسرحًا لحروب الآخرين، فيما ضاعت أولويات التنمية والكرامة وحقوق الإنسان في خضم هذه الصراعات.

لكن السؤال الكبير يظل مطروحًا: هل هناك أمل؟ هل من الممكن أن تنعم شعوب الشرق الأوسط بيوم من دون قصف أو نزوح أو فقر أو خوف؟

رغم القتامة، ثمة إشارات خافتة توحي بإمكانية التغيير. فالأجيال الشابة، التي لم تعد تقنتع بالروايات التقليدية ولا بالشعارات الفارغة، بدأت تبحث عن مفاتيح مستقبل مختلف.

في بعض البلدان، ظهرت حركات مدنية تطالب بالإصلاح، بالعدالة، بالحريات، وبإنهاء التدخلات الخارجية. كما أن التحولات الجيوسياسية، سواء بانكفاء بعض القوى الكبرى أو بتعدد الأقطاب الدولية، قد تفتح نوافذ جديدة للمناورة والاستقلال النسبي.

مع ذلك، فإن الأمل وحده لا يكفي. لا بد من وعي جماعي يعترف بأن مصير المنطقة لن يتغير ما دامت النخب السياسية مرتهنة للخارج، وما دامت الشعوب تقبل بحياة تقوم على الطائفية أو القبلية أو الخوف. فالتغيير الحقيقي يبدأ من الداخل، من مصالحة مع الذات والتاريخ، ومن بناء دول مدنية عادلة قوية بالمواطنة لا بالولاءات الضيقة.

الشرق الأوسط لا يزال على فوهة بركان، لكن البركان ذاته قد يتحول ذات يوم إلى أرض خصبة. الأمر يتوقف على إرادة أبنائه، وعلى كسر حلقة الدم والدمار التي طال أمدها. فهل شعوب هذه البقعة من المعمورة  فاعلون ؟

الله وحده اعلم ماذا تخبيء لنا الايام !!!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى