الصرخة ….!!
(( إن أردت أن ترحل … ارحل … ولكن كيف ستحمل معك كل هذه الذكريات .. فحقيبتك لا تتسع لكل هذا الكم ..؟؟؟
– ذكرياتي أحملها في قلبي وأسجلها في عقلي … لاحاجة لي لحقيبة ..
– وأين ستضع ..وطن .. وتراب .. وهواء وشموخ وروح وحياة ..؟؟
– الوطن ضاق علي والتراب تعفّر بالدم والهواء تلوث برائحة الموت والشموخ انكسر والروح تاهت والحياة تمضي دون أمل ..
– سأرحل لأبني نفسي وأعود لأبني وطن ..
– ارحل فقلبي معك ودعواتي لك ألا تنسى وعدك ولا تنسى الوطن … ))
بعد عدة ساعات تفاجأت برد يصلني على الخاص من صديق يخبرني أن كلماتي التي كتبتها على الفيسبوك عن السفر فتحت له الجروح التي يحاول تضميدها …..
ليقول :
( باختصار أنا طبيب، ومستقر جداً قياساً لظروف البلد وعملي ممتاز … عندي عائلة رائعة وطفل صغير بعمر السنتين و مسؤول عن أبي لأني وحيد وأمي رحمها الله …. حصلت مؤخراً على منحة مهمة لأوروبا ….
إني ضائع جداً لدرجة لا أنام الليل.. لذا ان اخترت السفر سأخسر بلدي و حياتي و ذكرياتي وعلاقاتي الاجتماعية الممتازة وممكن علاقتي مع أبي ولكن سأكسب مستقبل ابني … !!!
ومقولة أن من يسافر سيرجع هو كلام غير واقعي، لأنه من الصعب بعد الاستقرار بأوروبا، و اكتساب نمط حياتها أن نعود …. وعلى النقيض، إذا بقيت هنا سأحافظ على حياتي التي اعتدتها وأحببتها .. لكن المستقبل مجهول وابني سيربى في جو مضطرب وغير مريح نفسياً . . وأمهر عرّاف و محلل لا يستطيع التنبؤ بخصوص مستقبل البلد …
آسف جداً على التطفل والاطالة، واذا أردتِ انسي رسالتي واعتبريها فشة خلق من شخص تائه ولا يعرف ماذا يفعل وأي قرار أفضل … سلامات ).
هذه رسالة من شاب سوري ناجح ومتمسك بالبلد … رسالة من آلاف الشباب الضائع بين الوطن والمستقبل .. بين البقاء والرحيل … وبين الأولويات ..
إنها ليست رسالة شخصية .. إنها صرخة من شباب … يريد الوطن ويعشق الوطن ولكن ما يجري على أرض هذا الوطن من قتل وتهجير ودمار وسقوط أخلاقي وإنساني .. يدفعه للرحيل ..
صرخة من قلب موجوع تائه بين الوطن والولد … بين الانتماء والمستقبل ..
فما الجواب يا وطن ..؟؟
سلامات … يا وطن !!!!!!