الصقر فورد

“أحد أصناف الكماليات… اليأس”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من السذاجة الاعتقاد بأن الأمريكي قد وقعت به هزيمة نكراء في سورية، بدلالة التصريح الأوضح الذي أدلى به السفير السابق في دمشق ” روبرت فورد”.

الأمريكيون، كانوا يريدون تدمير سورية، وقتل روح الوطنية السورية بانحرافها عن مضمونها، في القتال الأهلي، بدل العدو الإسرائيلي. وكذلك بتمكين ـ إذا أمكن ـ شخصيات كرتونية في المعارضة من الوصول إلى السلطة. وفي الطريق إلى هذه الأهداف الوسيطة لا بأس من إضعاف داعش. والتجارة بالأزمات. وبهذا المعنى تحقق لهم ماارادوا جزئيا .

حتى بعد مرور قطارات من التجارب مع الأمريكيين، تجارب صفتها الرئيسية “الخذلان “ خذلان الاصدقاء ،وترك الحلفاء، في لحظة الذئاب (الفرجة على ذئب يفترس خروفاً) لم يتعظ أحد من العرب: سلطة ومعارضة. وظلوا يصدقون تمثال الحرية.

سأعد بعض الأسماء التي تعرضت الى هذه المحنة الدرامية وهي: الخذلان.

شاه إيران لم يجد متراً مربعاً كمنفى، فتبرع له الرئيس المصري أنور السادات… بقبر.

الرئيس حسني مبارك… لم يساعده الأمريكيون بتحسين قفص القردة الذي وضع فيه اثناء محاكمته .

الرئيس زين العابدين بن علي…يعيش ديمومة الاحرام في السعودية.

نورييغا ـ باناما…حملوه في قفص الى سجنه.

وبينوشيه التشيلي. تركوه يُحاكم ويموت من فرط العزلة.

وها هو اليوم الصقر الأمريكي روبرت فورد، الذي كان يرتدي لباس الميدان وهو في وسط المتظاهرين في مدينة حماه السورية، يحرّض، ويقرر رحيل واستبدال حكام سورية، خارقاً كل لياقات وقوانين العمل الديبلوماسي.

ها هو الصقر … ينصح المعارضة بالتحول الى عصافير الدوري، يلتقطون الحبوب من الفناء الخلفي للسلطة ، بالتسليم بهزيمة المعارضة وانتصار الثلاثي: روسيا وإيران وسورية.

ولا يكتفي بالتسليم، بل ينصحهم بالحوار مع السلطة السورية كطريق وحيد للخروج من الورطة.

الغريب في سلسلة اختراقات فورد، أنه لا يقيم وزناً لنصائحه السابقة ، أيام كان يعد المعارضة السورية بسقوط النظام خلال أشهر. وأيام كان السلاح الأمريكي في متناول الفصائل المسلحة بغزارة ، وأيام كان يؤملهم بالتدخل المباشر. والأسوأ هو قراءاته للواقع والوقائع، بما في ذلك، الدور الروسي متزايد الفعالية وصولاً إلى عاصفة السوخوي الحاسمة.

هذا الصقر… بريشه الحمائمي، الآن، كيف يقبل على نفسه تقديم النصيحة وهو ، بكامل اعترافاته، يتفرج على الريش المتطاير من أجنحة المعارضة. وخاصة ريش صقورها… داعش؟

هذا الناصح صانع الورطات …أحد صناعها، ينصح ويتوقع قبول النصائح، مرة أخرى.

لكن الورطة المخفية، وبنصيحة أمريكية، هي توقف الداعمين الماليين عن ضخ الأموال للكتائب، الأفواج، والألوية، وبقية عائلة المسلحين… الأمر الذي سيجعل القادة بخلاء يوفرون لجيوبهم، وبيوت المال منهوبة، والرواتب منخفضة، وسوف يتفرج الكثيرون على الطرق الخسيسة، المعروفة في تاريخ الحروب: ترك
المحاربين لمصيرهم، والهرب بالأموال والأرواح بطرق مدروسة سلفاً، توقعاً لاحتمالات الهزيمة… بينما الصحراء توفر للفارّين… التيه.

قلت سابقاً… وقبل سنوات ومنذ بداية هذه الحرب.

وأقول الآن… بعد أن رأى الجميع درس خذلان أمريكي آخر:

“الذين يحلمون بالحصول على حصان من البيت الأبيض… سيعودون، فقط، بالرسن”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى