اقتصاد

الصينيون والأميركيون يكابدون في التكيف مع رسوم ترامب

بدأ المستهلكون الأميركيون الاستعداد لمواجهة وضع أليم مع فرض الرئيس دونالد ترامب رسوما جمركية باهظة على المنتجات المستوردة، دخلت حيز التنفيذ ليل الثلاثاء الأربعاء، بينما بدأ متسوّقون صينيون في بكين في إعادة النظر في عاداتهم الاستهلاكية ويبدون استعدادا للاستغناء عن العلامات التجارية الأميركية إذا كان ذلك يقيهم تبعات الحرب التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة.

وسارع البعض في الولايات المتحدة لشراء أحدث الهواتف الذكية تحسبا لأي زيادات في الأسعار، بينما قال آخرون إنهم باتوا يراقبون إنفاقهم أكثر من قبل.

وتحدثت امرأة متقاعدة الثلاثاء بينما كانت تضع مشترياتها في سيارتها في أحد متاجر كوستكو، وهي سلسلة معروفة ببيع كميات كبيرة بأسعار رخيصة، فقالت “أعيش في شقة. لا يمكن تخزين الكثير من البضائع”، مضيفة أنها بدأت الحد من إنفاقها في الأسابيع الأخيرة من باب الاحتراز.

وتابعت “ستستمر الأسعار في الارتفاع، ونحن بحاجة إلى المال لشراء المزيد من الطعام الأسبوع المقبل أو الذي يليه”.

ودخلت الولايات المتحدة الآن المرحلة التالية من حرب الرسوم الجمركية التي يشنها الرئيس دونالد ترامب، مع فرض رسوم إضافية باهظة على منتجات عشرات الدول المستوردة إلى الولايات المتحدة.

وستؤثر الرسوم الجديدة على الإلكترونيات المصنوعة في الصين التي ستواجه بدءا من الأربعاء تعرفة جمركية تراكمية بنسبة 104في المئة، بينما ستشهد الملابس المصنوعة في فيتنام زيادة كبيرة في الكلفة بفعل رسوم جمركية بنسبة 46 في المئة.

وتشمل زيادة التعريفات الفانيليا من مدغشقر (47 في المئة)، والشاي الياباني (24 في المئة)، وأرز الياسمين التايلاندي (36 في المئة)، والنبيذ الأوروبي (20 في المئة).

ووصف رجل يدعى تشارلز رفض ذكر كنيته، الرسوم الجمركية بأنها “سيئة”. وقال “أنا ليبرتاري في ما يتعلق بالرسوم الجمركية، وكنت كذلك دائما”، مضيفا أنه يعتزم شراء هاتف آيفون جديد الأربعاء استباقا لأي زيادة في الأسعار.

واشترى كيث تايلور أيضا هاتف آيفون جديدا قبل أيام قليلة، مشيرا إلى أنه لا ينوي شراء أي أجهزة إلكترونية أخرى في الوقت الحالي قائلا “سيكون هذا آخر شيء أشتريه إلى أن يستتب الوضع”.

وفي متجر ملابس قريب تابع لشركة يونيكلو اليابانية للبيع بالتجزئة، اعتبرت إليزابيث برادلي (40 عاما) نفسها محظوظة.

وأوضحت الرئيسة التنفيذية والأم لطفلين أنها تعتقد أنها قادرة على التكيف مع ارتفاع الأسعار، لكنها مع ذلك غيرت عاداتها الاستهلاكية قبل فرض التعريفات الجمركية.

 وتابعت “اشترينا سيارة للتو بسبب الرسوم الجمركية”، مضيفة أن سعر سيارتها الكهربائية الجديدة من طراز فولفو سيرتفع على الأرجح مع دخول رسوم ترامب الجمركية حيز التنفيذ. وقالت “نتوقع ارتفاع أسعار السيارات”.

 وفي نيويورك، قالت أنستازيا نيفين إنها حاليا في “وضع البقاء على قيد الحياة”. وقالت الثلاثاء أمام فرع آخر لمتجر كوستكو “لدي طفلان، وأحاول فقط تدبير أموري. الأمر صعب”، مضيفة أنها قد تضطر إلى خفض إنفاقها إذا ارتفعت الأسعار أكثر. وسبق أن عانت الأسر الأميركية من تضخم مرتفع في مرحلة ما بعد تفشي وباء كوفيد. ولم تنخفض الأسعار منذ ذلك الحين، وإنما تباطأ ارتفاعها على وقع تباطؤ التضخم.

 وقال مستهلكون آخرون إنهم أقل قلقا بشأن احتمال ارتفاع أسعار السلع اليومية. وأكد جين براون “لا أعتقد أنني سأرى أسعار المواد الغذائية ترتفع كثيرا” معتبرا أن “الأسعار تتغير مع مرور الوقت. عليك فقط تعديل ميزانيتك”.

 وفي الصين يخشى البعض ارتفاع أسعار منتجاتهم المفضّلة بعد دخول التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب حيّز التنفيذ الأربعاء.

 وعند مدخل مركز تسوق في وسط بكين، يستمع اخصائي التدليك غاو شين البالغ 26 عاما، إلى الموسيقى على هاتفه الخاص من نوع آي-فون ويتساءل ما إذا من الأفضل أن يكون هاتفه التالي من علامة تجارية مختلفة.

 وقال غاو “لطالما استخدمت المنتجات الأميركية في الماضي، بما في ذلك الهاتف الذي أستخدمه حاليا، لكن إذا كانت هناك بالفعل موجة كبيرة من الزيادات في الأسعار، فقد أختار منتجات محلية”.

 ومن المتوقع أن يكون وقع التعريفات الجمركية المتبادلة بين بكين وواشنطن كبيرا على أسعار السلع في جميع أنحاء العالم مع تأثر سلاسل التوريد بارتفاع تكاليف المكوّنات أو المعدات.

 لكن العلامات التجارية الأميركية البارزة على غرار آبل، وعلى الرغم من أنها تنتج هواتف في الصين، تثير قلق زبائنها إزاء احتمالات ارتفاع أسعارها من جراء الحرب التجارية.

 وعلى مقربة، يقول رجل يضع نظارات من إنتاج العلامة التجارية أوكلي إنه قد يعمد إلى شراء علامة تجارية غير أميركية إذا ما ارتفعت على نحو أكبر أسعار المنتجات المفضّلة لديه.

 واستوردت الصين من الولايات المتحدة في العام 2024 سلعا بلغت قيمتها الإجمالية نحو 163 مليار دولار، بنسبة تبلغ 6.3 بالمئة من مجمل واردات العملاق الآسيوي.

 وبعد سلسلة تدابير متبادلة بين واشنطن وبكين، باتت تواجه الصين رسوما جمركية تراكمية بنسبة 104 بالمئة، وهي النسبة الأعلى في الحرب التجارية التي أطلقها ترامب عالميا.

 وردّت الصين بفرض تعريفات جمركية على السلع الأميركية بنسبة 84 بالمئة، من المقرّر أن تدخل حيّز التنفيذ اعتبارا من الخميس.

 وشدّدت المحامية يو يان البالغة 54 عاما على أن الرسوم “تثير قلقا بالغا”، مشيرة إلى أن التطورات الأخيرة تعيد إلى الأذهان حقبة الكساد الكبير. وقالت إن “الاقتصاد قد ينزلق إلى كساد، وهو أمر لا أحد يريده”.

 ويشهد الاقتصاد الصيني بالفعل أزمة عقارية وتراجعا للاستهلاك وارتفاعا للدين العام. وقال محلّلون في مركز نومورا الأسبوع الماضي إن التعريفات الجديدة قد تضر بهدف البلاد المتمثّل في تحقيق نمو بنحو خمسة بالمئة هذا العام.

 وتراجعت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم مع دخول إجراءات ترامب ضد عشرات من الشركاء التجاريين لبلاده، حيّز التنفيذ.

 وأوفدت دول مبعوثين إلى واشنطن للتفاوض، في حين تعهّدت الصين، وهي في آن واحد أكبر منافس اقتصادي لواشنطن وأكبر شركائها التجاريين، باتّخاذ خطوات “حازمة وشديدة”.

ميدل إيست أولاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى