الصين ، في سورية : تأييد هادئ ومدروس وطموح!

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

لم تغب السياسة الصينية أبدا عن الشرق الأوسط، لكنها كانت دائما هادئة ملتزمة بثوابت صينية تبدو للعالم ، وكأنها جزء من هويتها رغم التغييرات التي حدثت فيها، وهذه المسألة تعود إلى المحطات التاريخية التي كانت المنطقة قادرة على تسخين الدبلوماسية في العالم إن لم تسخن الجبهات !

وفي الحرب السورية، لم تتغير السياسة الصينية، حتى عندما كان المندوب الصيني في مجلس الأمن يرفع يد الفيتو الصيني في وجه أميركا مع الروس لصالح سورية فيتوقف أي قرار لمجلس الأمن لايتناسب مع الرؤية الصينية لطبية الحرب الجارية.

كان كل شيء واضحا ومحسوبا بالنسبة للصين، وعلى هذا الأساس كانت السياسة السورية، يقظة تجاه الحرص على صداقة متينة مع الصين حتى وإن لم تحذو الصين حذو الرئيس بوتين وتزج بقوتها العسكرية في أتون الحرب التي يصفها التحليل السياسي الرسمي بأنها حرب عالية على السوريين.

ويمكن وصف الصداقة السورية ــ الصينية بالعتيقة، فهي تعود إلى زمن طويل، والسفارة الصينية في دمشق من أكبر السفارات. وآخر ماحصل على هذا الصعيد هو زيارة وزير الخارجية السوري إلى بكين، وهي زيارة سبقتها دعوة من وزير الخارجية الصيني وانغ يي قيل إنها لبحث جوانب العلاقات الثنائية التي تربط البلدين و”سبل تعزيزها والارتقاء بها في كل المجالات ، إضافة إلى تطورات الأوضاع في سورية، والمواضيع ذات الاهتمام المشترك على الساحتين الإقليمية والدولية”، وهي صيغة الخبر السوري عندما لايريد أن يقول شيئاً ويقول كل شيء دفعة واحدة.

مسألتان يمكن التوقف عندهما في العلاقات الصينية السورية الآن، أولهما أن الصين ترى أن الدولة السورية ينبغي أن تعود إلى الساحة الدولية، وأن على الآخرين ممن حابوها أن يعرفوا أن الحرب ينبغي أن تنتهي، وأن على العالم أن يشتغل برؤية واحدة تتعلق بمكافحة الإرهاب، وفي هذا الجانب ، لم يعد خافيا أنّ الإرهابيين من أصول صينية يتمركزون في إدلب ومحيطها، وأن معركة إدلب تسخن بشكل تصاعدي، وتتجه لحسم مسألة تواجد الارهابيين السوريين وغير السوريين فيها، وهذا من مضامين اتفاقات أستنة .

والثانية، أن على العالم أن يفسح المجال أمام المرحلة التالية في إعادة إعمار سورية التي سيكون للصين دور كبير فيها، ويمكن أن تكون واحدة من أ÷داف المباحثات الأساسية هناك.

وخلال الساعات الماضية، كان هنالك إشارة ذات معنى تتعلق بفك الحصار عن سورية، ففي الوقت الذي يتواجد فيه الوزير وليد المعلم في الصين ، أعلنت سورية (الخميس الماضي) عن وصول 100 حافلة للنقل العام الداخلي مقدمة كمنحة من جمهورية الصين الشعبية سلمها للسوريين داخل مدينة المعارض السفير الصيني بدمشق فونغ بياو..

وموضوع النقل الداخلي في حالة استعصاء واضحة بسبب الحرب والحصار المفروض على سورية، وهو مثل القطاعات الأخرى التي تحتاج إلى دعم كبير، لذلك لايمكن التقليل من أهمية هذه الخطوة التي يجري الحديث عن اتساعها لتشمل سكك الحديد وغير ذلك من القطاعات..

وفي الكلمات المتبادلة، تضمنت الكلمة التي ألقاها السفير فونغ بياو عبارات سلسلة  واضحة لا تحتاج إلى تأويل : الوقوف إلى جانب سورية وصمودها، مع تأمين المزيد من المساعدات الإنسانية والاحتياجات اللازمة لها، بالإضافة لتعزيز التعاون خلال مرحلة إعادة الإعمار.

وقد رافق المنحة الصينية فريق فني وتقني صيني، لتدريب الفنيين السوريين على استخدام الباصات وإجراء الصيانة مستقبلاً.

التوقيت مهم، والصين جادة في مواقفها الداعمة لسورية في هذه المرحلة، ولم تتردد سورية في الإعلان أن الصين ستكون من الدول الصديقة التي ستساهم في عملية الإعمار ، وهي عملية تفتح مجالا كبيرا في الاستثمار داخل الأرض السورية يصل إلى مئات المليارات من الدولارات رفضت سورية بشكل جازم، وعبر رئيسيها أن يكون ثمة دور للدول التي شاركت في دعم المجموعات المسلحة التي خاضت حربا ضد الكيان السوري ودولته ، وكانت الصين في عداد الدول الأولى المدعوة للمساهمة في هذه العملية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى