الضبابية تحيط بمستقبل الاقتصاد العالمي في 2019
عادت التخوفات تحيط بمستقبل الاقتصاد العالمي، خلال العام الجاري، بعد تسارع في النمو خلال 2017 قبل أن يتباطأ قليلا في 2018، وهو ما أظهرته تقارير لمؤسسات اقتصادية أممية.
أنهى الاقتصاد العالمي 2018، عند نسبة نمو بلغت 3.7 بالمائة، مقابل 3.8 بالمائة في 2017، بحسب تقرير أخير صدر، الأسبوع الماضي، عن صندوق النقد الدولي. وأصبح المزاج العام السائد في الأسواق العالمية، يتجه نحو التحفظ في الاستثمار وضخ السيولة، انتظارا لما سيجري من تطورات تمتد من شرق الكرة الأرضية حتى غربها.
ورغم التوصل إلى هدنة بين الولايات المتحدة والصين بشأن حربهما التجارية الممتدة منذ مارس/ آذار الماضي، إلا أن الحمائية ما زالت في طليعة التخوفات العالمية. ونشبت حرب تجارية بين أكبر اقتصادين (الولايات المتحدة والصين) منذ مارس/ آذار 2018، وارتفعت حدته في يونيو/ حزيران الماضي. إلا أن الحرب بينهما هدأت قليلا منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بإعلانهما هدنة لمدة 90 يوما تتخللها مفاوضات مشتركة للوصول إلى أرضية مناسبة للمبادلات التجارية.
وأثرت الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي؛ لارتباطها بالنفط والطلب عليه، كما أثرت على سعر الدولار، وعلى حجم الصادرات الصينية لبلدان العالم. وتباطأ نمو الاقتصاد الصيني إلى 6.6 بالمائة في 2018، ليسجل بذلك أدنى مستوى منذ 1990، حسب بيانات رسمية صدرت، الأسبوع الماضي. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحات صحفية، الأسبوع الماضي، إن هبوط نمو الاقتصاد الصيني لمستويات متدنية سببه الحرب التجارية.
كذلك، وصلت قضية انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي منحى خطيرا، بعد غياب توافق داخل المملكة المتحدة لآلية الخروج من الاتحاد المقرر له 29 مارس/ آذار المقبل. والأسبوع الماضي، قالت “كريستين لاغارد”، مديرة صندوق النقد الدولي، إن انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي يثير ضبابية في أوروبا والمملكة المتحدة، في 2019. وحذرت “لاغارد”، في تصريحات لها خلال فعاليات منتدى “دافوس 2019″، من أن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق سيكون “السيناريو الأسوأ”. وما تزال خيارات الانفصال مفتوحة على عدة احتمالات، وذلك قبل شهرين من الخروج، الذي يرى محللون أنه قد لا يتم بموعده، أو سيتم دون اتفاق، أو قد يتم الإعلان عن استفتاء ثان.
في سياق آخر، لم تنجح عديد الاقتصادات الناشئة حول العالم، كالبرازيل والأرجنتين والصين وروسيا، في تحقيق التوازن الاقتصادي والمالي، بعد تخارج سيولة مالية منها خلال الشهور الماضية؛ ما يدفع نحو قلق في تلك الدول والبلدان الشريكة معها تجاريا. وتتأثر الاقتصادات الناشئة، من خلال تراجع الطلب العالمي على صادرات تلك الدول السلعية والخدمية، فيما بعض الاقتصادات الناشئة نفطية مثل روسيا؛ إذ سيدفع هبوط أسعار الخام إلى ضغوطات على ماليتها العامة.
وعلى إثر التطورات الاقتصادية، خفض صندوق النقد الدولي، الشهر الجاري، توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي بـ0.2 بالمائة في 2019 إلى 3.5 بالمائة، وبنسبة 0.1 بالمائة في 2020 إلى 3.6 بالمائة. كذلك، خفض البنك الدولي في تقرير له، الشهر الجاري، توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي 2019 بنسبة 0.1 بالمائة إلى 2.9 بالمائة، فيما خفضت الأمم المتحدة توقعات النمو بنسبة 0.1 بالمائة للعام الجاري إلى 3 بالمائة. وفي 2019، خفض صندوق النقد الدولي توقعات نمو الاقتصاد الأمريكي بـ0.1 بالمائة إلى 2 بالمائة، ومنطقة اليورو بـ0.3 بالمائة إلى 1.6 بالمائة.
كذلك، تم خفض توقعات النمو لروسيا بنسبة 0.2 بالمائة إلى 1.6 بالمائة، والسعودية (أكبر مصدر للنفط في العالم)، بنسبة 0.6 بالمائة إلى 1.8 بالمائة، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى بنسبة 0.3 بالمائة إلى 2.4 بالمائة.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، حذر رجل الأعمال العربي طلال أبو غزالة، صاحب مجموعة أبوغزالة للتدقيق، وتعمل في عدة بلدان عربية، من أزمة اقتصادية، ستضرب العالم بحلول 2020 مركزها الولايات المتحدة. أبو غزالة الذي كان يتحدث لصحيفة “البلاد” البحرينية، أشار إلى أن ما سيحدث هو أزمة اقتصادية، ستأكل “الأخضر واليابس″، وستؤدي إلى كساد كبير، وغلاء وبطالة وارتفاع “فاحش” في الأسعار. وقال: “الغرب بدأ بالفعل استعداده وبات قلقا تجاه الأمر، لكننا للأسف في الدول العربية ما زلنا “نائمين”، حيث لا تحركات جدية ولا تجهيزات ذات قيمة”.
كانت وكالة بلومبيرغ أوردت، الإثنين، أن الولايات المتحدة تتحضر لإصدار أدوات دين بقيمة تريليون دولار خلال العام الجاري، لسد عجز الموازنة. والولايات المتحدة، صاحبة أكبر دين عام داخلي وخارجي مستحق عليها بقيمة تبلغ 72.1 تريليون دولار أمريكي، وفق بيانات رسمية.