تحليلات سياسيةسلايد

الضفّة أكبر مخزنٍ أسلحة مصدرها إسرائيل والأردن ومصر وسوريّة والعراق..

في أعقاب التوتّر الأمنيّ بالضفّة الغربيّة المُحتلّة وارتفاع عدد عمليات المقاومة المسلحة التي تستهدف جنود الاحتلال والمُستوطنين، وارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين، الأمر الذي دفع صحيفة (يديعوت أحرونوت) إلى تسمية هذه السنة بالسنة الأكثر دمويةً في العقد الماضي، وإثر التخوّف الإسرائيليّ من اندلاع انتفاضةٍ مسلحةٍ، كشفت محافل واسعة الاطلاع في كيان الاحتلال النقاب عن أنّه في ظلّ الهدوء المُتخيِّل الذي ميّز العقد الأخير تمّ تهريب كمياتٍ هائلةٍ من الأسلحة والذخيرة إلى الضفّة الغربيّة، وأنّ المقاومة تستعمل منها قسمًا صغيرًا جدًا في عملياتها، والنتيجة، أضافت المصادر، أنّ الحوادث التي كانت فيها الحجارة تُلقى باتجاه الجنود اختفت وحلّت مكانها الزجاجات الحارقة وتبادلٍ إطلاق النار، على حدّ تعبيرها.

ووفقًا للمصادر ذاتها، كما أوضع موقع (YNET) الإخباريّ-العبريّ، فإنّ الحديث لا يجري عن أسلحةٍ بدائيّةٍ تمّ إنتاجها بالضفّة الغربيّة، إنّما عن بنادق إسرائيليّةٍ مهنيّةٍ تمّ تهريبها من داخل الخطّ الأخضر والأردن، لافتةً إلى أنّ المؤسسة الأمنيّة استيقظت بشكلٍ متأخّرٍ جدًا وتُحاوِل إغلاق السدّ العارم بواسطة الأصبع، على حدّ توصيفها.

ووفقًا للمُراسل العسكريّ يوآف زيتون، الذي أعّد التقرير فإنّ أكثر ما يقُضّ مضاجع القوى الأمنيّة الإسرائيليّة أنّها لا تملك معلومات عن عدد أوْ حجم الأسلحة المتواجدة بالضفّة الغربيّة، مُضيفًا أنّ الجيش لا يعرف شيئًا ولا تقديرات لديه عن الظاهرة أوْ حتى تكهنًا حولها، مُوضحًا أنّه من خلال إحاطةٍ من الشاباك والجيش وباقي القوى الأمنيّة فإنّ عدد الأسلحة بالضفّة الغربيّة يصل إلى عشرات الآلاف وربّما أكثر.

ونقل المراسل عن مصدرٍ أمنيٍّ رفيعٍ شارك في الانتفاضة الثانية وما زال يخدم بالجيش قوله إنّ عدد قطع الأسلحة الموجودة اليوم بأيدٍ فلسطينيّةٍ لا يُمكِن مقارنتها بالأسلحة التي كانت بحوزتهم خلال الانتفاضة الثانية، إذْ أنّ العدد ارتفع كثيرًا جدًا، بحسب قوله.

عُلاوةً على ما ذُكِر آنفًا، كشفت المصادر الإسرائيليّة النقاب عن أنّ الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة قاموا خلال العقد الأخير، مُستغّلين الهدوء المُتخيّل والتسهيلات الاقتصاديّة بتهريب الأسلحة من قواعد جيش الاحتلال داخل الخّط الأخضر، من فلسطينيي الداخل (عرب الـ 48)، وحتى من سوريّة والعراق، طبقًا للمصادر بتل أبيب.

مُعّد التقرير شدّدّ، اعتمادًا على مصادره الأمنيّة، على أنّ الأسلحة التي تمّ تهريبها بعشرات الآلاف تشمل: مسدسات أصليّة وليست مزورّةً، بنادق إسرائيليّة من طراز إم.16، بنادق من طراز (كلاتشنيكوف)، وحتى بنادق من طراز (ساعر)، التي تقوم إسرائيل بإنتاجها، والتي تمّت سرقتها من القواعد العسكريّة الإسرائيليّة داخل الخّط الأخضر، علمًا أنّ القواعد العسكريّة في إسرائيل تتعرّض لعمليات سرقةٍ كبيرةٍ ومُستمرّةٍ.

وقال مصدرٌ أمنيٌّ آخر للموقع الإسرائيليّ إنّ السهولة التي يتمكّن فيها الفلسطينيون من تهريب الأسلحة إلى الضفّة الغربيّة من الأردن ومصر ومن فلسطينيي الـ 48 لا تُحتمل، مُشدّدّا على أنّ إسرائيل أهملت إهمالاً كبيرًا حراسة معسكراتها، مُضيفًا أنّه في العقد الأخير لم تكُنْ مسألة تهريب الأسلحة للضفّة الغربيّة موضوعة على أجندة المؤسسات الأمنيّة.

الموقع الإسرائيليّ نقل عن المصادر الأمنيّة في تل أبيب قولها إنّه منذ بداية العام الجاري 2022 نفذّ الفلسطينيون حوالي 300 عملية إطلاق نارٍ باتجاه جنود الاحتلال والمُستوطنين، قام بها أفراد أو مجموعاتٍ مسلحةٍ، أيْ أكثر بثلاثة أضعافٍ مقارنة بالعام الذي سبقه 2021، وأنّه نتيجة لذلك تمّ قتل 31 إسرائيليًا، لافتةً في ذات الوقت إلى أنّ هذه الأرقام هي بمثابة أنموذج صغير وأنّ القادم أعظم بكثير، وأضافت أنّه في الجيش يُحذّرون من أنّ بعض الجهات في الاحتلال راضية عن عدم خروج الجماهير الفلسطينيّة للانتفاض، مؤكّدةً أنّه يكفي أنْ يقوم مائة مسلح بالخروج سويّةً لكي تندلع الأوضاع بشكلٍ خطيرٍ، على حدّ قولها.

بالإضافة إلى ما جاء أعلاه، أوضحت المصادر في المنطقة الوسطى بجيش الاحتلال، وهي المسؤولة عن الضفّة الغربيّة، أنّ خريطة المعطيات الخاصّة بها تثبت بشكلٍ قاطعٍ مدى الجرأة الفلسطينيّة، وبحسبها يُخطى مَنْ يعتقد بأنّ الحديث هو فقط عن مخيمات اللاجئين مثل مخيم جنين أوْ بلاطة أوْ في المدينة القديمة بنابلس، بلْ يتبيّن من المعطيات الرسميّة لجيش الاحتلال أنّه في كلّ قريةٍ ومدينةٍ بالضفّة الغربيّة توجد أسلحةً أوتوماتكيّةً متطورّةً، وأنّ المُسلحين يستعملونها تقريبًا في كلّ ليلةٍ لمهاجمة قوّات الجيش، وفق ما أكّدته المصادر.

وأوضحت المصادر أنّه خلافًا للماضي القريب، فإنّ الفلسطينيين عندما يسمعون عن اقتحام الجيش لقراهم ومدنهم، فإنّهم لا يكتفون بإلقاء الحجارة باتجاه القوّات، بل يلجأون لاستخدام الأسلحة الناريّة، إذْ أنّهم يُخرِجون البنادق من المخبأ ويُباشرون بإطلاق النار باتجاه الجنود، من على أسطح المنازل.

ولخصّ مسؤولٌ رفيعٌ في الجيش الوضع في حديثه للموقع العبريّ بالقول: “المُسلّحون مُنتشرون في كلّ مكانٍ في مدينة جنين ومخيمها، فعلى سبيل الذكر، الأجهزة الأمنيّة التابعة لسلطة رام الله غيرُ موجودةٍ، ولذا فإنّ الصورة قاتمةً جدًا، نحن لا نتحدّث عن “مُخربين كلاسيكيين”، الذي يأخذون القانون لأيديهم للدفاع عن عائلاتهم، وبالتالي أؤكّد أنّه لا توجد قرية فلسطينيّة بالضفّة الغربيّة دون أسلحةٍ أصليّةٍ”.

وذكر الموقع، نقلاً عن مصادر الجيش، أنّ ثمن البندقية الأصليّة من طراز إف16 يصل في مناطق معينّةٍ من الضفة الغربيّة إلى حوالي 33 ألف دولار أمريكيّ، فيما يصِل سعر البندقية المُحسنّة من نفس الطراز إلى 20 ألف دولارٍ.

وأقّر الجيش الإسرائيليّ أنّ عملية البحث عن أسلحةٍ بالضفّة الغربيّة ومصادرتها يُكلّف الاحتلال كثيرًا من ناحية عدد القتلى في صفوف جنوده، وقال مسؤولٌ رفيعٌ في الجيش للموقع العبريّ: “سندخل المخيّمات الفلسطينيّة فقط إذا تمّ تنفيذ عمليةً فدائيةً أوقعت بين 15 حتى عشرين قتيلاً من الإسرائيليين، لأنّ الثمن الذي سندفعه سيكون كبيرًا من ناحية عدد القتلى”، على حدّ قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى