((الطابة)) في الملعب، و((الكرة)) في السياسة!!

دمشق ــ خاص بوابة الشرق الأوسط

إذا كانت مصر أهم البلدان العربية في الحماسة ((للكورة))، فإن السوريين يأتلفون بشكل عجيب عندما يشاهدون ((الطابة)) السورية وهي تتدحرج على أرض ملاعب العالم سواء ربح منتخبهم أم خسر، والغريب في الأمر أن لعبة كرة القدم تندرج تحت بند الرياضة، إلا أنها واحدة من صور الحالة السياسية في كثير من بلدان العالم !

في النموذج السوري، مرت كرة القدم بأكثر من مرحلة، وحققت نجاحات مهمة، ووقعت بإخفاقات مؤلمة، لكن شباك كرة القدم السورية، وساحة ملاعبها ليست سوى صورة عن واقع الحال وتلفت النظر هذه الأيام كيفية تنظيم السوريين لأنفسهم لمشاهدة المباريات الحاسمة، والرسالة السياسية التي يحملها هذا التنظيم !

هذا يحصل دائما، وعبر أكثر من مرحلة في حياة السوريين ، ويفترض أن الحرب كان يمكن أن تقدم معطيات جديدة، لكن الذي حصل أصّل النموذج السوري في هذا التعامل وجعلنا نبحث جديا عن معناه ..

وكما هو معروف فإن هناك صعوبة في متابعة وقائع المباريات نظرا لاحتكار البث المباشر من قبل بعض الشركات أو المحطات الفضائية الرياضية، وحتى عندما تفتح هذه المحطات بثها فإن السوريين يتهيأون لتنظيم أنفسهم ومتابعة وقائع مباراة منتخبهم بحماسة كبيرة في أي بقعة من بقاع العالم ..

وفي المباريتين الأخيرتين ، انتشرت مظاهر هذا التنظيم، وكأن السوريين خرجوا من الحرب، فانشغلوا خلال وقت المباراة بتنظيم عملية المشاهدة:

أولا : خصصت الفضائية السورية شاشات للعرض في ساحة الأمويين وغيرها بدعم من جهات اقتصادية .

ثانيا: خصصت قناة سما التي يمتلكها رجل الأعمال محمد حمشو شاشة عرض في الجهة المقابلة لمبنى التلفزيون السورية في ساحة الأمويين .

ثالثا: فتح أصحاب المطاعم شاشات عرض ورتبوا صفوفا منظمة بالأرقام وتم حجزها سلفا .

رابعا : خصصت الفنادق الضخمة ((الشيراتون مثلا)) قاعة الطعام الكبيرة لمشاهدة المباراة عبر شاشة كبيرة .

خامسا : كذلك فعلت المقاهي الرخيصة في المناطق الشعبية ..

وكانت رسوم الدخول مقبولة، وكانت مرتفعة في بعض المناطق ، إلا أن السعر الذي تم تداوله شعبيا هو ((ألف ليرة)) ، و((500ليرة)) ، وهذا يعني أن هناك مستثمرين غير احتكاريين للتظاهرة، أما المواطن الذي يشترك بقنوات مفتوحة، فقد فتح بيته للأصدقاء .

والجميل أن في المنتخب السوري الذي خاض المباريتين مع أستراليا لاعبين معارضين أحدهما هو فراس الخطيب الذي قدم لعبا لافتا ليرفع اسم سورية رغم الهجمة على عودته إلى البلاد من قبل بعض صفحات الموالين قبل شهور.

وفي الوسط الفني تراوحت ردود الفعل بين المعارضين والموالاة، وكانت هناك عبارات جارحة من بعض الفنانين تمنت هزيمة الفريق السوري لأنه فريق للنظام ، وقد لاقى الفنان مكسيم خليل هجوما كبيرا من الموالاة وانتقادا من بعض المعارضين .

وأجمل مافي الوسط الشعبي السوري الذي وصفه الرئيس الراحل شكري القوتلي بأنه شعب يتحدث كله بالسياسة، أجمل مافي هذا الوسط أنه عندما يشارك في التحليل السياسي يستخدم عبارة رياضية تقول: ((الكرة الآن في ملعب أميركا ..)) وأميركا كما تعلمون ليست لها شعبية كبيرة لدى الشعب السوري، الذي يريد تلقائيا أن تكون الكرة دائما في مرمى أعدائه!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى