علوم وتكنولوجيا

الطب البديل: أساليبه شائعة … ومواده طبيعية يساند التقليدي في العلاج

الطب البديل ويسمى كذلك  الطب غير التقليدي أو الطب التكاملي ويتضمن ممارسات وتقنيات علاجية  ومعتقدات تعتبر حالياً خارج ممارسات الطب الغربي التقليدي حيث يتحرى  المعالجات التي  تحسن نوعية الحياة والصحة وتمنع حدوث المرض ويبدي المساعدة في الحالات التي يبدو أن فرص شفائها في الطب التقليدي محدودة  كما في ألام الظهر المزمنة وبعض أنواع السرطان. ويعتبر أن أساليبه في المعالجة والإشفاء أكثر أمانا” وأكثر ألفة” وأنه حصل على نتائج طيبة من خلالها. وفي بعض الدول تشكل ممارسات الطب البديل الممارسات الأكثر استخداماً” من قبل الجمهور ومع ذلك فأنها تلقى معارضة شديدة من قبل الطب الغربي التقليدي على أساس عدم إثبات الكثير من الأسس العلمية لهذه الممارسة.
تذكر بعض الإحصائيات أن  83 مليون  أمريكي يستخدم أساليب الطب البديل ويتم انفاق أكثر من  27 مليون دولار على هذه الطرق والممارسات وتشير التقارير في كل من كندا والمملكة المتحدة واستراليا على اهتمام مشابه في الطب البديل .
يذكر تقرير خاص أعد لمعهد الصحة الوطني في أمريكا أن آفاق الطب البديل تتسع لتضم ستة حقول رئيسية… وهي :
1-    التداخل بين العقل والجسم: ويستكشف قدرة العقل في التأثير وفي اشفاء الجسم وتشير الدراسات أن الحالة العقلية ذات تأثير شديد على جهاز المناعة وقد أثارت هذه الدراسات اهتماماً” في دور العقل في أسباب ومسار المرض .
2-    التطبيقات الكهرومغناطيسية الحيوية: وتتضمن الاستفادة من استجابة الجسم للموجات اللاحرارية ومن استعمالاتها الحالية أشفاء العظم, تحفيز العصب , التئام الجروح , معالجة التهاب المفاصل وتحفيز جهاز المناعة .
3-    النظم البديلة للممارسة الطبية  ومنها الوخز بالإبر والايورفدك والهوميوباثي(المعالجة المثلية)   والعلاج بالطبيعة ويتضمن كل منها  نظرية خاصة به للصحة والمرض وبرنامج تدريبي للممارسين الجدد وتعليمات لتنظيم  الممارسة .
4-    المعالجة باللمس والتحريك باليد (الاشفاء باليد) يعتقد أصحاب هذه الممارسة بوجود تكامل هيكلي بين مختلف أجزاء الجسم وان حدوث خلل في أي جزء سيؤدي إلى ارباك وظائف أجزاء أخرى دون أن تكون متصلة معها حيث يتم استعادة الصحة بتحريك العظام والأنسجة الرخوة والأربطة  بواسطة المساج والتدليك .
5-    المعالجات الدوائية والحيوية وتتم باستخدام أدوية ولقاحات لا تستخدم في الطب التقليدي حالياً كاستخدام إلانتي نيوبلاستين (يستخلص من الدم والبول البشري) في الايدز واستخدام عسل النحل لعلاج التهاب المفاصل واستخدام الاسكادور لعلاج الأورام.
6-    العلاج بالأعشاب: أغلب المجتمعات لديها تقاليد متوارثة في العلاج بالأعشاب وهناك أدوية مستخدمة حالياً في الطب الغربي مستخلصة من الأعشاب مثل دواء الديجيتالس المستخدم في علاج عجز القلب والمستخلص من عشبة كف الثعلب . تسوق الأعشاب في الولايات المتحدة الأمريكية على أنها مستحضرات غذائية ( وليس دوائية) لعدم اجازتها من قبل وكالة الغذاء والدواء كأدوية  لصعوبة تحديد نقاوتها أو سلامتها . تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن حوالي (80%) من سكان المعمورة يستخدمون الأعشاب في شأن من شؤون الرعاية الصحية الأولية .

الممارسات الشائعة
1-الوخز بالإبر الصينية:

يعود هذا الفن إلى أكثر من 2000-3000 سنة قبل الميلاد وهو من الممارسات الصينية التقليدية ويتضمن استثارة نقاط معينة في الجسم لأغراض علاجية من خلال الوخز بالإبر ولكن قد يتضمن استخدام الحرارة, الضغط, الاحتكاك, الامتصاص أو الاستثارة الكهرومغناطيسية لنقاط معينة في الجسم لإحداث الأثر المطلوب.
النقاط المحفزة تغير النواقل الكيماوية العصبية المفرزة والتأثيرات العلاجية الناتجة عن التغيرات في التوازن الكيماوي للجسم. ويستعمل الوخز بالإبر الصينية لعلاج الآلام المزمنة, الإدمان على الأدوية, التهاب المفاصل, الغثيان الناتج عن العلاج الكيماوي للأورام وبعض الأمراض العقلية.
حقق الوخز بالإبر خلال الأربعين سنة الماضية انتشاراً في الكثير من البلدان النامية والمتطورة وهناك حوالي (50) مدرسة معترف بها أو في طور الاعتراف  بها في الولايات المتحدة الأمريكية كما أن بعض الأطباء بدأوا بأخذ كورسات في العلاج بالوخز بالإبر الصينية لإدخالها في ممارستهم الطبية. ويتم منح إجازات ممارسة العلاج بالوخز بالإبر في (35) ولاية أمريكية. ويعتقد بأنه يتم إجراء (12) مليون زيارة لممارسي هذه المعالجة في العام . وتؤكد بعض الدراسات التي تم أجراؤها فائدة هذه الممارسة في بعض الحالات المرضية  مثل الغثيان والتقيء الناتج عن العلاج الكيماوي والتخدير الجراحي كما له فائدة في معالجة  غثيان الحمل وألم الأسنان .

2-الهوميوباثي (المعالجة المثلية):

يرجع هذا النوع من العلاج إلى حوالي (200) سنة ويعود إلى طبيب ألماني اسمه صموئيل هاهنمان ويستند على مبدأين أساسيين الأول أن المادة التي تسبب بعض الأعراض في حالة أعطائها إلى الإنسان السليم يمكن أن تشفي هذه الأعراض إذا أعطيت إلى  إنسان آخر مريض  والمبدأ الآخر يعاكس مبادئ الكيمياء والفيزياء حيث يقول أنه كلما كانت المادة مخففة التركيز يكون تأثيرها أقوى. ويدعي مؤيدو هذه المعالجة أن هناك ذاكرة جزيئية للمادة الأصلية بينما ينتقد المعترضون ذلك بأن جزيئات الماء في حالة اهتزاز دائم مما لا يسمح ببقاء أية انطباعات من أية مادة تكون قد أذيبت سابقاً ويتم فقدانها بسرعة. يتم في الولايات المتحدة الأمريكية تحقيق (5) مليون زيارة لممارسي هذه المعالجة يستفيد منها حوالي (2,5) مليون مريض. وتسمح وكالة الغذاء والدواء الأمريكية لمنتجات هذه المعالجة بالتداول طالما لا توجد ادعاءات او إعلانات  صحية  للمادة. وتدعي بعض الدراسات المنشورة في الدوريات الطبية المهمة فائدة هذه المعالجات في الإسهال ,الربو ,حمى القش ’الأنفلونزا وصداع الشقيقة.

3-طريقة تقويم العمود الفقري باليد (الشيروبراكتك):

تم تأسيس هذه الطريقة من قبل دافيد دانيال بالمر في تسعينيات القرن الثامن عشر حيث اعتقد أن سبب المرض هو حدوث خلع جزئي في المفاصل وان توجيه شدة على البروزات العظمية للفقرات يعيد الصحة. يقوم ممارسو هذا الأسلوب بالإضافة إلى تحريك العظام والأنسجة خصوصاً في العمود الفقري باستخدام أساليب يدوية وميكانيكية وكهربائية في المعالجة  وأشهر مايعرفون به هو معالجتهم لألام الظهر والرقبة والصداع بوسائل غير دوائية وغير جراحية كما يعالج بعضهم التهابات المثانة والتهابات المفاصل  والاكتئاب بأساليب يدوية. ومن أهم المميزات التي تميز هذا الأسلوب هو تحسين الصحة من خلال الغذاء الصحيح والرياضة وتطوير أساليب الحياة. هناك حوالي (80000) معالج بهذا الأسلوب في  أمريكا وهناك كليات متخصصة لتدريس أساليبه .

 4-أسلوب التغذية الاسترجاعية الحيوية:

تقوم فكرة هذا الأسلوب العلاجي على تدريب المريض ( ومن خلال استخدام وسائل قياس للفعاليات الحيوية للجسم ) على السيطرة على فعاليات الجسم كضغط الجسم وضربات القلب وجريان الدم لأعضاء الجسم وفعاليات الجهاز الهضمي.
بدأت تطبيقات هذا الأسلوب من خلال تجارب أجراها نيل ميللر في ستينيات القرن الماضي وقد تم نشر عشرات المقالات في المجلات حول هذه التطبيقات مما أدى إلى انتشار المعالجة بهذا الأسلوب. يستعمل هذا الأسلوب في معالجة حالات مثل الإجهاد, الإدمان, اضطرابات النوم, الصرع وسلس الإدرار, الصداع وارتفاع  ضغط الدم, ومن خلال مراقبة المريض لأجهزة المراقبة والقياس يتعلم المرضى ومن خلال التجربة والخطأ تعديل فعالياتهم العقلية المسيطرة على وظائف الجسم. توضع أقطاب كهربائية على الجزء من الجسم المرغوب مراقبته كالعضلة في حالة المعالجة العضلية أو الرأس عند مراقبة موجات الدماغ , حيث تقوم هذه الأقطاب بتزويد أجهزة معينة بالمعلومات التي يتم تسجيلها من  قبل وسائل عرض وتسجيل باستخدام مؤثرات معينة ثم يتم تدريب المريض على التمارين العقلية في محاولة للحصول على النتائج المرغوبة كاسترخاء العضلات أو تقلصها وقد يتمكن المريض من الحصول على السيطرة الإرادية على الفعالية خلال عشرة جلسات وفي حالة الأمراض المزمنة أو الشديدة قد يحتاج إلى جلسات أكثر  وفي النهاية قد يستطيع السيطرة على أعراضه دون الحاجة إلى أجهزة المراقبة والقياس.

5- العلاج بالطبيعة:

بدأت الممارسة لهذا الأسلوب في بداية القرن العشرين من قبل مجموعة من المعالجين من اتباع سباستيان كنيب وهو من أوائل من امن بقدرة الطبيعة على الأشفاء في القرن التاسع عشر وفي أحسن فترات رواج هذا الأسلوب كان هناك (20) كلية لتدريسه بينما توجد حالياً ثلاثة منها في أمريكا فقط وعلى وجه العموم حدث انتعاش في الإقبال عليه في العقود الأخيرة. في هذا الأسلوب يتم مزاوجة أساليب الطب البديل كالمعالجة بالأعشاب والمعالجة المثلية والوخز بالإبر وغيرها بأساليب الطب الحديث في التشخيص والعناية الصحية. يتم تدريب أطباء هذا الأسلوب في كليات الطب التقليدية ثم يتدربون على استعمال قدرات الجسم الطبيعية في الاشفاء والوقاية من الأمراض وتحسين الصحة ومحاربة المرض .

لا يزال هناك تشكيك في أساليب الطب البديل من قبل الأطباء والباحثين في حقول الطب وخصوصاً أن ادعاءات ممارسيه لا تسندها دراسات علمية ومع ذلك فقد بدأ في السنوات الأخيرة الاهتمام يزداد بإجراء مثل هذه الدراسات لتقييم المعالجات المستخدمة في الطب البديل لتكون مساعداً للطب التقليدي في استشفاء حالات طارئة أو مزمنة يعجز عن علاجها وحده.

 

صحيفة الحياة اللندنية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى